كتب معروف الداعوق في “اللواء”:
لم يعد خافياَ على احد ان اختيار رئيس الجمهورية المقبل، لن يكون على نسق الانتخابات الرئاسية الماضية، التي اوصلت الرئيس ميشال عون للرئاسة بترهيب سلاح حزب لله، لتبدُّل الظروف بعد الحرب الإسرائيلية على لبنان، وتغيير المعطيات وموازين القوى بعد سقوط نظام الرئيس السوري بشار الاسد، بالرغم من محاولة البعض ولاسيما حزب لله وحلفائه المكابرة، وانكار هذا الواقع، ومحاولة تكرار سيناريو الانتخابات الرئاسية السابقة، بأسلوب التفافي وملتوٍ، وبمرشح تجميلي، تحت مسمى التوافق حيناً، وغير الصدامي حيناً آخر، بينما الهدف هو انتخاب رئيس للجمهورية، مطواع، يتغاضى عن تجاوزات الحزب للدستور والقوانين، واستمرار فوضى سلاحه غير الشرعي، والتهاون او غض النظر عن تنفيذ القرار الدولي رقم١٧٠١، ما يُبقي لبنان عرضة لشتى مخاطر التصادم والتنابذ الداخلي بين مختلف المكونات اللبنانية، واعادة فتح ابواب الاعتداءات الإسرائيلية عليه من جديد ايضا.
أكثر من ذلك، يعتبر انتخاب رئيس جديد للجمهورية،بمواصفات المرحلة الماضية، ولو بمسحة تجميلية، بمثابة إعادة تكرار ظروف الدوران في دوامة الفوضى وعدم الاستقرار، والتعايش مع الازمات والمشاكل المختلفة، وتعطيل الاصلاحات،وارتهان مؤسسات الدولة، لهيمنة وتسلط السلاح غير الشرعي، وعزل لبنان عن محيطه العربي والعالم. وهذا لن يكون في صالح البلد، لا من قريب او بعيد.
ومن الطبيعي ان تجسد شخصية رئيس الجمهورية المقبل، متطلبات وتحديات المرحلة المقبلة، بكل عناوينها الرئيسة، من اعادة جمع اللبنانيين كافة حول الدولة، وانتظام الحياة السياسية، التزام الدستور المنبثق عن الطائف، وتأليف حكومة جديدة، تتولى السلطة وادارة شؤون الدولة، وتجديد ادارات الدولة وتنقيتها من الفساد، والقيام بالاصلاحات البنيوية المطلوبة، واعادة الثقة بالقطاع المصرفي وتشجيع الاستثمارات وازالة كل المعوقات التي تعترض تنشيط الاقتصاد اللبناني.
وباختصار، كل هذه العناوين العريضة،سياسيا وامنيا واقتصاديا، واعادة اعمار ما هدمته الاعتداءات الإسرائيلية، وتنفيذ القرار الدولي رقم١٧٠١، جنوبا وعلى كل الاراضي اللبنانية،وتفعيل علاقات لبنان العربية والدولية، هي المطلوبة من معظم اللبنانيين في شخصية الرئيس الجديد، وهو ما يتطلع اليه اللبنانيون، وحتى دول القرار المؤثرة، عربيا ودوليا،وأي خيار يستثني هذه المزايا والمواصفات من المرشح الرئاسي، ولأي سبب كان، سيؤدي حتما الى احد امرين، الاول استمرار تعطيل انتخابات رئاسة الجمهورية الى امد غير معلوم، او انتخاب رئيس للجمهورية، لن يكون في مستوى المرحلة المقبلة، وغير قادر على القيام بالمهمات الجسيمة لانقاذ لبنان واخراجه من ازماته المستفحلة.