كتب محمد دهشة في “نداء الوطن”:
وُصف العام 2024 بأنه الأخطر على الفلسطينيين في الداخل والخارج. واختُتم العام بتطورين بارزين: الأول، سقوط نظام بشار الأسد. والثاني، وقف إطلاق النار بين إسرائيل و”حزب الله”. وقد كانت لهما تداعيات مباشرة على الوجود الفلسطيني في لبنان وسوريا، نظراً للتداخل المعقّد بينهما.
ومن أبرز التداعيات، تسلّم الجيش اللبناني المواقع العسكرية التابعة لميليشيات تنظيم “القيادة العامة” و”فتح الانتفاضة” على الحدود اللبنانية – السورية، وصولاً إلى الناعمة، ليُختم بالشمع الأحمر وجود السلاح الفلسطيني خارج المخيمات، بانتظار مصيره داخلها في المرحلة المقبلة، وحسم الجدل الدائر حول ما إذا كان القرار 1701 يشمل المخيمات، سواء في جنوب الليطاني أو شماله. في السياق، شنّ الطيران الحربي الإسرائيلي أمس، غارات متتالية على جرود قوسايا في البقاع مستهدفةً 3 مواقع. وسُمع دويّ انفجار قويّ في السلسلة الشرقية، في البقاع، تزامناً مع تحليق للطيران الإسرائيلي على مستوى منخفض.
وسلّط سقوط نظام الأسد الضوء على مصير بعض الفصائل الفلسطينية المتواجدة في سوريا، وتنقسم إلى ثلاث فئات: “تحالف القوى الفلسطينية” الموالية للنظام السابق، “منظمة التحرير الفلسطينية” بقيادة “فتح” وتتبع للسلطة الفلسطينية، وحركة “الجهاد الإسلامي” التي تتخذ من دمشق مقرّاً لها. أمّا “حماس”، فلا تمثيل لها، رغم محاولات التقارب التي قام بها وقتها الأمين العام السابق لـ”حزب الله” حسن نصر الله.
واللافت هذا العام، كان الاستهداف غير المسبوق لوكالة “الأونروا” من أجل إنهاء عملها. بعد حصارها ماليّاً، فقد قررت إسرائيل منع عملها في القدس. وفي لبنان، لم تسلم الوكالة من الاعتراض السياسي والشعبي بسبب القرارات التي اتخذتها المديرة العامة دوروثي كلاوس. وفرضت المخاطر المحدقة، تفعيل “هيئة العمل المشترك الفلسطيني”، التي تُعتبر إطاراً جامعاً لكل القوى الوطنية والإسلامية. لكن المصالحة بين “فتح” و”حماس” لم تنجح، رغم المساعي اللافتة التي بذلتها الصين لإنهاء الإنقسام، علماً أن حوار الصين جاء بعد لقاءات عديدة، كان آخرها في روسيا (2024)، وقبل ذلك في تركيا (2023)، ومدينة العلمين المصرية (2023)، والجزائر (2022).
كما جرى تعديل لجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني وتفعيلها، والتي يرأسها الدكتور باسل الحسن. فقد أجرى رئيس حكومة تصريف الأعمال، نجيب ميقاتي، تعديلاً على فرق العمل اللبنانية لمعالجة قضايا اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، حيث احتفظ الحسن برئاسة اللجنة، بينما تمّ تعيين ممثلين عن الوزارات والجهات المعنية لمعالجة قضايا اللاجئين.
اغتيالات
بلغ عدد الفلسطينيين الذين اغتالتهم إسرائيل في لبنان نحو 39 شخص، إضافة إلى 232 جريحاً، تراوحت إصاباتهم بين الطفيفة والمتوسطة والخطيرة. واستهلّت إسرائيل العام 2024 باغتيال نائب رئيس “حماس” الشيخ صالح العاروري في الضاحية الجنوبية. وسقط معه أربعة من كوادر وعناصر الحركة.
وخلال العام، دخلت “الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين” على خط المواجهة العسكرية من بوابة الجنوب، وذلك بعد “حماس” و”الجهاد الإسلامي”. واغتالت إسرائيل اثنين من قادتها العسكريين في منطقة الكولا، هما: عضو المكتب السياسي للجبهة ومسؤول الدائرة العسكرية الأمنية محمد عبد العال، وعضو الدائرة العسكرية للجبهة وقائدها العسكري في لبنان عماد عودة، بالإضافة إلى عبد الرحمن عبد العال.
واغتالت إسرائيل قائد “حماس” في لبنان وعضو قيادتها في الخارج فتح شريف “أبو الأمين”، في منزله داخل مخيم البص في صور، حيث قُتل مع زوجته أُميّة عبد الحميد، وابنه أمين وابنته وفاء. كما اغتالت القيادي سامر الحاج، قرب مستديرة صيدا المجاورة لمخيم عين الحلوة، والعقيد خليل المقدح، شقيق اللواء منير المقدح، في منطقة الفيلات – صيدا، بينما نجا نضال حليحل من محاولة اغتيال على أوتوستراد الشماع في حارة صيدا (26 آب 2024).
استهداف المخيمات
كان مخيم البص (صور) أوّل مخيّم يُستهدف بشكل مباشر منذ أيلول 2024، حيث اغتيل القيادي الحمساوي فتح شريف داخل منزله. وكرَّت السبحة، حيث استُهدف مخيم عين الحلوة، إذ نفّذت طائرة مسيّرة غارة على القيادي في “فتح” وقائد “كتائب شهداء الأقصى”، اللواء منير المقدح، الذي نجا لعدم وجوده في المنزل. وسقط في الغارة نجله حسن وزوجته، بالإضافة إلى أربعة مدنيين.
كما استهدفت إسرائيل أطراف مخيم البداوي حيث أغارت على شقّة سكنية، ما أسفر عن مقتل القيادي في “كتائب القسام”، سعيد العلي، وزوجته، وطفلتيهما زينب وفاطمة. وقصفت الطائرات الإسرائيلية المركز الشبابي لـ”الجهاد الإسلامي”، في مخيم الرشيدية (تشرين الثاني 2024)، مما أدى إلى سقوط سبعة أشخاص.
تجاوز مخيم عين الحلوة سلسلة خضّات أمنية داخليّة تضمنت عمليات اغتيال، إضافة إلى إشكالات متنقلة بين حي وآخر، وصف بعضها بالفردية أو العائلية. وكان ذلك بعد خروج المخيم من اشتباكات مسلحة دامية العام 2023 بين “فتح” و”جند الشام” سابقاً على خلفية اغتيال قائد قوات الأمن الوطني الفلسطيني في منطقة صيدا، اللواء أبو أشرف العرموشي، حيث بقيت تداعياتها ماثلة طوال العام 2024.