IMLebanon

عام 2024 شمالاً: انتهى “الحزب” وفلول الأسد

كتب مايز عبيد في “نداء الوطن”:

يصلح وصف العام 2024 بأنه عام المتغيّرات الكبرى في لبنان والمنطقة. علماً أن الروتين طبع الأشهر الاولى من العام الحالي. لكن هذا الهدوء النسبي للأحداث لم يستمرّ، إذ شهد نيسان الماضي تطوّراً غير مسبوق في تصاعد الأحداث لا سيّما بعد مقتل منسّق حزب “القوات اللبنانية” في جبيل باسكال سليمان. واعتباراً من هذا التاريخ، راحت الأحداث تتدحرج لتشهد سنة 2024 التطور تلو الآخر، وكبرت موجة رفض وجود النازحين السوريين في مناطق بيروت وجبل لبنان، ما جعل هؤلاء يهربون باتجاه مناطق الشمال. ودخل أكثر من 30 ألف نازح جديد عكّار وطرابلس وتمركزوا فيهما. وبدأ الحديث يتصاعد بعد ذلك عن ثقل النزوح على الوضع الداخلي، والضغط الذي يسببه على البُنى التحتية.

وما كادت موجة النزوح السوري تهدأ، حتى بدأت موجة نزوح جديد من النوع الداخلي هذه المرة. وكان أخطر الشهور على الإطلاق شهر أيلول، عندما أعلنت إسرائيل توسيع حربها على “حزب الله”. وتسببت الحرب بموجة نزوح داخلية من الجنوب والبقاع والنبطية وضاحية بيروت الجنوبية باتجاه الشمال وعكار. ونزح أكثر من 150 ألف شخص من هذه المناطق. وضاعف هذا النزوح الضغوط على البيئات الشمالية على كل المستويات. ويقدّر خبراء وباحثون اجتماعيون بأن النزوح الجنوبي إلى عكار والشمال لو استمرّ إلى بداية العام الجديد 2025، لكان “الشتاء الحالي الأقسى في تاريخ هذه المناطق. فقد اجتاحت الأزمات المدارس والمستشفيات والطرقات، وتفجّرت أزمة إيجارات، ناهيك عن ترهّل البُنى التحتية. غير أن اتفاق وقف إطلاق النار بعد شهرين من الحرب حال دون وقوع الكارثة الكبرى.

نال الشمال حصته من هذه الحرب من خلال قصف إسرائيلي طال أكثر من منطقة شمالية، كان يسكن فيها عناصر من “حزب الله”، بالإضافة إلى قصف المعابر التي تربط لبنان بسوريا وتدميرها بالكامل. وبعد شهرَين على انتهاء الحرب، لا تزال الأماكن المتضررة من دون صيانة وإعادة تأهيل. لكن يجدر القول إن عودة النازحين إلى ديارهم في الجنوب، أنهت مآسيَ عدة وأزمات مختلفة، كادت تعصف بمناطق الشمال التي استقبلت الآلاف من هؤلاء.

لم تنته فصول عام المتغيّرات بعد، وتمثلت المفاجأة الأكبر في نهاية العام بسقوط نظام بشار الأسد في سوريا، وعانى لبنان من هذا النظام الكثير كما عانى السوريون. بيد أن معاناة أبناء الشمال تبقى من نوعٍ آخر. فأزمات عكار مع هذا النظام كانت عبر تشريع التهريب بكل أشكاله للبضائع والمواد والأشخاص، وفتح الحدود الشرعية وغير الشرعية للأعمال الخارجة عن سيطرة القانون وسلطة الدولة.

في الأسابيع الأخيرة، عزّز الجيش اللبناني من وجوده في المناطق الحدودية الشمالية مع سوريا؛ فقد داهم من أجل ضبط الحدود وتعامل مع أي خطر أمني، بناءً على مجريات الأوضاع في سوريا.

في موازاة ذلك، ومع فتح السجون الأسدية، عادت إلى الأذهان مآسٍ لعائلات لبنانية اختطف النظام البائد أبناءها وزج بهم في غياهب المعتقلات. إنها قضية إنسانية يورثها 2024 للعام 2025، إلى جانب قضية عودة النازحين السوريين إلى ديارهم.

ويتسلم العام الجديد من سلفه قضية الموقوفين الإسلاميين. العديد من هؤلاء من أبناء طرابلس والشمال، ولا يزال عدد كبير من الموقوفين في السجون منذ سنوات لمجرد أنه كان يناصر الثورة السورية.

وفي العام 2024 أيضاً، كانت الأحزاب الموالية لنظام الأسد تحاول استعادة وجودها على الساحة الشمالية لكنّ سقوط النظام غيّر كل المعادلات، حتى أن تمدد “حزب الله” شمالاً لسنوات أصبح وكأنه لم يكن، وذلك ربطاً بما جرى من أحداث في سوريا وانخراط “الحزب” في الحرب ودعم الأسد، وكانت النتيجة أن منيَ محور الممانعة بخسارة ساحقة.