IMLebanon

تريّث سعودي في المواعيد والمرشحين

كتب ألان سركيس في “نداء الوطن”:

ينطلق عام 2025 على وقع التحدّيات الكبرى، خصوصاً ملف انتخاب رئيس الجمهورية، التحدي الأكبر الذي ورثه عام 2025 من الـ 2022، وسط غموض يسيطر على كل الاتصالات الرئاسية والحركة المكوكية التي تحصل والتي قد تكون بلا بركة.

شهدت سوريا التغيير الأكبر وانهار نظام الأسد، وقبله تلقى “حزب اللّه” ضربات موجعة قصمت ظهره، وتمت “قصقصة” أذرع إيران في المنطقة. انعكست هذه التحوّلات على الصورة العامة في لبنان، تبدّلت موازين القوى، التوازنات البرلمانية اهتزّت لكنها لم تقع، لأن المجلس الذي سينتخب رئيساً للجمهورية، انتخب في خلال مرحلة النفوذ القوي لـ “حزب اللّه” ومحور “الممانعة” ولم تحصل انتخابات جديدة تعكس التغيّرات المستجدة.

مهما كانت تركيبة البرلمان، العامل الخارجي يبقى الناخب الأكبر في ملف رئاسة الجمهورية، وقد تشهد هذه الانتخابات عودة سعودية وعربية إلى لبنان بعد الأزمة الدبلوماسية التي انفجرت في شباط 2016، عندما امتنع لبنان الرسمي عن إدانة إحراق القنصلية السعودية في إيران مخالفاً الإجماع العربي.

قد يكون لبنان على موعد مع هذه العودة السعودية بعد انهيار محور “الممانعة” في لبنان وسوريا وغزة، وانطلق حديث عن زيارة سيقوم بها وفد سعودي رسمي إلى بيروت قبل جلسة 9 كانون الثاني المقبل. كثرت التأويلات حول هذه الزيارة وماذا ستحمل ومن سيكون الأوفر حظاً من المرشحين في حال حمل الوفد السعودي كلمة السرّ بالاتفاق مع الولايات المتحدة الأميركية.

خلافاً لكلّ التوقّعات، تكشف معلومات “نداء الوطن” عن تواصل حصل بين كتل نيابية والديوان الملكي، لمست من خلاله وجود تريّث سعودي بالنسبة إلى زيارة الوفد السعودي لبنان وتزكية اسم مرشح.

قد تتأخر الزيارة أو تتم إعادة النظر فيها أو مستوى الوفد بعد حديث سابق عن ترؤس وزير الخارجية فيصل بن فرحان الوفد ومن ثمّ التراجع. حتى الساعة لم يتم الإعلان عن مواعيد رسمية، أما سبب التريّث السعودي فيعود إلى أمور عدة أبرزها إعادة تقييم الواقع الأمني في لبنان، فأي انهيار للهدنة أو حصول هزة إقليمية يعني تأجيل جلسة 9 كانون الثاني.

أما السبب الثاني فيعود إلى إعادة قراءة سعودية للمرحلة المقبلة، فلا يريد السعودي زيارة فولكلورية إلى لبنان بعد طول غياب، بل يجب أن تنتج عنها حلول، وبالتالي هناك إعادة تقييم لكيفية إدارة الملف الرئاسي وعدم الغرق في الأسماء أو التسرّع، كما تقوم السعودية بمشاورات مع الحلفاء لتظهير صورة صحيحة للواقع الرئاسي. وتعمل الرياض من أجل تسوية شاملة، إذ إن انتخاب الرئيس سيترافق مع تزكية لرئيس الحكومة المقبل، لذلك يدخل هذا المعطى ضمن “الديل” الكبير.

بات واضحاً أن لا دعم سعودياً لإعادة الإعمار أو لمشاريع أخرى في حال بقي لبنان تحت الوصاية الإيرانية، أول شروط الدعم السعودي، تحرير القرار اللبناني وتطبيق “اتفاق الطائف” والقرارات الدولية التي وافقت عليها الحكومة وأقرّتها أخيراً.

إذاً، تجري الرياض تقييماً للأوضاع اللبنانية، لذلك التريّث سيكون سيّد الموقف، فتزكية الرياض لأي مرشح ستكون مقرونة ببرنامج هذا المرشح وعدم رضوخه لإملاءات أدّت إلى تخريب علاقات لبنان مع الجوار العربي. ويظهر حتى الساعة عدم تأييد السعودية لمرشّح رئاسي واحد على الرغم من وجود مرشّح متقدّم على سواه من المرشحين.

لم يتغيّر الموقف السعودي منذ فترة، فهو مع رئيس إصلاحي وإنقاذي وسيادي، أما الدخول في لعبة الأسماء قبل تحضير الأرضية المناسبة لنجاح هذا الاسم فلن يحصل، بينما يبقى الأساس استمرار الهدنة والتزام “حزب اللّه” ببنودها وانتقاله من حزب مسلّح إلى حزب سياسي، فدول الخليج لن تشارك في إعادة الإعمار من دون ضمانات، أو في حال استمرار الوضعية السابقة على ما هي عليه، لأن الأموال التي ستدفع قد تذهب سُدى إذا قرّرت إيران عبر “حزب اللّه” فتح جبهة جديدة بعد سنوات خدمةً للمصالح الإيرانية وليس اللبنانية أو العربية.