IMLebanon

بري يناور بقرداحي لقطع الطريق على عون؟

كتب سامر زريق  في “نداء الوطن”:

بخبرة السنين ودهاء العارفين، يلعب رئيس البرلمان نبيه برّي دور “المايسترو” قبيل الجلسة النيابية لانتخاب رئيس الجمهورية في 9 كانون الثاني. الكثير من الأسماء المتداولة في وسائل الإعلام، المحلية والعربية، مصدرها بطريقة وأخرى “عين التينة”.

يناور “الأستاذ” على كلّ الجبهات، وبعدما كان الوزير الأسبق جهاد أزعور مرشح تحدٍ للثنائي الشيعي، صار مقبولاً غداة الهزيمة النكراء لـ “محور الممانعة” برمته، فرمى “أبو مصطفى” اسمه لقطع الطريق أمام قائد الجيش جوزيف عون. وضمن مناورته الكبرى مرر أسماء أخرى لإغراق الكتل النيابية بوابل من السيناريوات. بيد أنه ثمة سيناريو وحيد ينسج برّي خيوطه مع لاعبين محليين وإقليميين، يرتكز على اسم مرشح يُخفيه، كي يُخرجه في اللحظة المناسبة.

بحسب المعلومات هناك ورقة ظاهرها اسم وباطنها اسم آخر هو جان لوي قرداحي، الذي اختاره الرئيس “السبّاح” إميل لحود للمشاغبة على رفيق الحريري، فعينه وزيراً للاتصالات ببصمة “أسدية”. فسجّل نجاحات بارزة في هذا الشأن، دفعته لإصدار كتاب صال وجال عبر سطوره في الحديث عن محاولات الحريري المتكررة لشرائه، فكان له بالمرصاد.

وبعد أن انتهت مهمته، طوى “حزب الله” دفتره، ثم أعاده إلى الميدان السياسي إبّان الانتخابات النيابية عام 2018، ليشكل لائحة وصفتها جريدة “الأخبار” بـ “لائحة “حزب الله” في دائرة كسروان – جبيل”، غداة رفض رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، ضم وديعة “الحزب” حسين زعيتر إلى لائحته.

المهم أن هذا السيناريو يرتكز على تعقيد جلسات الانتخاب، بحيث لا يتمكن أي مرشّح من الحصول على الأكثرية المطلوبة. فيُخرج عندها كاتب السيناريو حلّ هذه العقدة من جيبه: جان لوي قرداحي، بما يفاجئ المعارضة.

وتتهاطل بعدها الأصوات “المنسّقة” في صندوق الاقتراع أمام عيني ناظر البرلمان، لتشمل أصوات كتلة “التيار” و”الثنائي الشيعي” وحلفائه، ومن يمون عليهم برّي، وعددهم في ازدياد، سواء من المستقلين، ولا سيما السنّة، أو التغييريين.

تشير معلومات “نداء الوطن” أنّ كلمة السرّ في نجاح هذا السيناريو تكمن في حصول من نسجه على بركة دولة عربية، والتي تعمل على الحصول على إشارة سعودية “خضراء”، انطلاقاً من دورها الوازن في تشكيل النظام الجديد في سوريا، وانسحاب هذا الدور على لبنان أيضاً، عبر تقديم ضمانات بأنه لن يقوم حكم معادٍ للرياض لا في دمشق ولا في بيروت. واحدة من هذه الضمانات إشراف السعودية على بناء القوات المسلحة السورية مالياً والأهم عقائدياً.

بيد أن هذا السيناريو “الذكي” بلغ أسماع ركن بارز في المعارضة، وفي حال بلغت هذه المناورة حداً معقولاً من الجدية، فستكون المواجهة، من خلال العمل على إفقاد الجلسة النصاب، بالشراكة مع باقي القوى والشخصيات الرافضة لإعادة استنساخ جمهورية “حزب الله”، عبر رئيس جمهورية مدحه في يوم من الأيام ناظر البرلمان قائلاً: “لم يميّز بين جبيل معقله وبنت جبيل في الجنوب”.

وقرداحي وإن كان لا يمت بصلة قربى مع عائلة الأسد في القرداحة السورية، كان من أتباع النظام الأمني السوري الذي عرف عتوه أيام الرئيس لحود ويطل غالباً عبر منابر “حزب الله” الإعلامية. وحينما أعلن لائحته “التضامن الوطني” عام 2018 قال بالحرف: “إن خيار التحالف مع مرشح الأكثرية السياسية للطائفة الشيعية لا عجب فيه، بل هو الطبيعي، لأنه جزء من المسار السياسي الذي انتهجناه منذ دخولنا الحياة السياسية قبل 20 عاماً. إن هذا الخيار هو خيار العهد (ميشال عون) منذ يومه الأول، وإن لائحة “التضامن الوطني” هي في الأمس واليوم وبعد الانتخابات على موعد لملاقاة ما اتفق عليه فخامة الرئيس وسيّد المقاومة على وحدة الوطن والإصلاح ومكافحة الفساد”. الجدير بالذكر أن قرداحي نال 1209 أصوات تفضيلية بما يعكس حجم ثقة ناخبي دائرته.

ترى كيف يعقل مكافأة محور الممانعة “المهزوم” باختيار شخصية على يمينه لسدة الرئاسة الأولى، تعتبر النظام الجديد في سوريا إرهابياً؟ ولماذا على “لبنان الجديد” احتضان أيتام نظام الأسد وملالي إيران، بما يمهد لحصول قطيعة مع دمشق قد تصل لحالة العداء؟ من خَبِرَ هؤلاء جيداً يعلم أنه لا عهد لهم.