IMLebanon

هل يتم التصويت للرئيس إلكترونياً؟

كتب كبريال مراد في “نداء الوطن”:

“برفع الأيدي…صُدّق”. تتكرر هذه العبارة مع كل جلسة تشريعية، “تضيع الطاسة” بين من صوّت على ماذا؟ وكيف؟ في كل مرة، يعود الحديث عن الاقتراع الإلكتروني والموانع التي تحول دون تطبيقه.

مع اقتراب جلسة انتخاب رئيس الجمهورية وترقّب عقد دورات متتالية، يُطرح السؤال الآتي: لماذا لا يعتمد التصويت الإلكتروني، لا سيما أن المعدات اللازمة لذلك قد تم شراؤها منذ سنوات من دون أن تستخدم؟

لا تتعلّق قضية التصويت بمسألة شكلية، بل تدخل في صلب الكباش الحاصل تحت قبة البرلمان منذ سنوات. فعبارة “ما عرفنا مين صوّت وعلى شو” تتكرر في الجلسات، وهو ما دفع بأكثر من نائب وكتلة إلى تقديم اقتراحات لاعتماد التصويت الإلكتروني في الولايات السابقة للمجالس النيابية.

بين عامي 2004 و 2006، تقدّم النائب غسان مخيبر باقتراحين لاعتماد التصويت الإلكتروني لم يبصرا النور. في 26 أيلول 2009، تقدمّ النائب سامي الجميل باقتراح قانون للغاية عينها، كان مصيره عدم العرض والإقرار. وفي 24 شباط 2022، انضم “تكتل لبنان القوي” إلى لائحة المطالبين باستبدال التصويت برفع الأيدي والمناداة، بالإلكتروني، انضم أيضاً إلى مصير الاقتراحات التي سبقته.

ترتبط مسألة التصويت، بالدستور والنظام الداخلي لمجلس النواب. فالمادة 11 من النظام الداخلي، على سبيل المثال، تنص على أنه “تجرى جميع عمليات الانتخاب في المجلس بالاقتراع السرّي بواسطة ظرف وأوراق نموذجية بيضاء تحمل ختم المجلس وتوزّع على النواب. وكل ظرف يتضمّن أكثر من ورقة واحدة أو يحمل علامة فارقة يعتبر لاغياً”. والمادة 81 تشير الى أنه “يجرى التصويت على مشاريع القوانين مادة مادة بطريقة رفع الأيدي، وبعد التصويت على المواد، يطرح الموضوع بمجمله على التصويت بطريقة المناداة بالأسماء”.

فهل يحتاج التصويت الإلكتروني إلى تعديل النظام الداخلي أم الدستور؟

تنص المادة 36 من الدستور على أنه “تعطى الآراء بالتصويت الشفوي أو بطريقة القيام والجلوس إلاّ في الحالة التي يراد فيها الانتخاب، فتعطى الآراء بطريقة الاقتراع السرّي. أما في ما يختص بالقوانين عموماً أو بالاقتراع على مسألة الثقة، فإن الآراء تعطى دائماً بالمناداة على الأعضاء بأسمائهم وبصوت عالٍ”.

من هنا، يصرّ رئيس مجلس النواب نبيه بري على أن الاقتراع الإلكتروني يتطلّب تعديلاً دستورياً للمادة 36، لكون الدستور قد نص على طريقة المناداة، أي تلاوة اسم النائب ليجيب بالموافقة أو بالاعتراض. وقد تقدّم النائب سامي الجميل بعد أخذ وردّ مع بري على هذه النقطة باقتراح لتعديل المادة 36 من الدستور، وذلك في 6 آب 2012. لكن المسألة بقيت تراوح مكانها في ضوء عدم وجود غالبية نيابية مع التعديلات المقترحة.

النظام عدّل أكثر من مرة

لا يشكّل تعديل النظام الداخلي لمجلس النواب سابقة، فالنظام الذي صدر في 18 تشرين الأول 1994، تم تعديله خمس مرات خلال جلسات الهيئة العامة لمجلس النواب، في 28 و29 أيار 1997، وفي 10 و11 شباط 1999 و14 تشرين الأول 1999، و31 تشرين الأول 2000، و21 تشرين الأول 2003. فلماذا لا تكون السادسة ثابتة لتأمين الشفافية؟

تهدف التعديلات المقترحة على التصويت، إلى اختصار الوقت، وتأمين المزيد من الشفافية، ولكي يتعرّف الناخب على هويّة النواب ووجهة تصويتهم، فتتم المحاسبة على أساس الخيارات التشريعية والانتخابية. كما تسهم المسألة في سهولة الأرشفة، فيحتفظ المواطن لاحقاً أو أي مهتم بالوصول إلى المعلومة.

ففي حال غياب التوافق، يستغرق إنجاز انتخاب اللجان النيابية على سبيل المثال، ساعات، على غرار ما حصل في بداية المجلس النيابي الحالي. حيث اقترع النواب لـ 16 لجنة نيابية، واعتمد الفرز اليدوي لكل لجنة. أما في حال التصويت الإلكتروني، فلن تستغرق المسألة سوى دقائق قليلة بين الاقتراع وبروز النتائج.

ففي نقابة المحامين في بيروت مثلاً، تظهر نتائج اليوم الانتخابي لأعضاء مجلس النقابة والنقيب بعد دقائق قليلة من إقفال صناديق الاقتراع، نتيجة اعتماد التصويت الإلكتروني. فيحتفل الفائز، ويهنئه الخاسر من دون اعتراض على احتساب الأصوات والنتائج.

من ناحية أخرى، من يراجع غالبية الطعون التي قدّمت إلى المجلس الدستوري في السنوات الأخيرة، يلاحظ أنها تناولت مسألة التصويت على القوانين، وإن حظيت بالغالبية المطلوبة أم لا، والمواد التي أقرّت، وتلك التي سقطت بالتصويت. وهي مسائل تصبح أكثر وضوحاً مع اعتماد التصويت الإلكتروني.

هي مسألة إصلاحية تنتظر الإقرار، فهل سيتبناها النواب في المرحلة المقبلة وتسير بها رئاسة البرلمان؟ في الانتظار، سيتصدر صندوق الاقتراع مشهد قاعة الهيئة العامة بعد يومين، والأمل في أن يخرج منه اسم رئيس للجمهورية، ينهي الشغور المستمر، حتى ولو كان تعداد أصواته يدوياً لا إلكترونياً هذه المرة أيضاً.