جاء في جريدة “الأنباء” الإلكترونيّة:
تكتم شديد حول ما يدور خلف الكواليس من تسويات أو تحديد إسم رئيس الجمهورية اللبنانية المقبل، “لا أحد يذهب إلى السبق كاشفاً الرقم الذي بحوزته”، يقول مصدر مطلع على ما يدور في الكواليس. كل المؤشرات الدولية تدفع نحو انتخاب رئيس بمواصفات محددة، سيما أنه من الخطورة تفويت الفرصة الأخيرة بإنجاز الاستحقاق الرئاسي وما يتبعه من استحقاقات دستورية، خصوصاً أن المنطقة تمر بتحوّلات خطيرة، لا بل على فوهة بركان قد ترسم منعطفات سياسية جديدة ولبنان ربما يكون الحلقة الأضعف إذا لم يدعّم نفسه مؤسساتياً.
رئيس مجلس النواب نبيه بري دعا إلى جلسة انتخاب رئيس للجمهورية عند الساعة 11:00 من قبل ظهر غد، والساعات القادمة فاصلة وحاسمة، في ظل التأكيد أن كل المساعي تحصل لضمان إنتخاب رئيس في الجلسة المقررة.
وريثما يتبلور المشهد في جلسة الغد، تتماهى كتلة “اللقاء الديمقراطي” وبعض الكتل السياسية مع رؤية اللجنة الخماسية بوصول قائد الجيش العماد جوزاف عون إلى بعبدا، فيما الكتل الأخرى لم يرشح عنها قرار حاسم بعد، إما تريثاً أو انتظاراً لموقف فرقاء المعارضة لوصول عون أو رهاناً لتحسين شروط أو شراء وقت إلى الأمام، وثمة من يبحث عن مرشح توافقي، يملك الحد الأدنى من الإجماع المحلي.
وبالمقابل، ما قاله المبعوث الأميركي آموس هوكستين خلال فطور أقامه النّائب فؤاد مخزومي، في حضور السفيرة الأميركية ليزا جونسون وطاقم من السفارة، وممثلين عن معظم الكتل النيابية، شكّل مفاجأة أو قد يشتم منه نقطة تحوّل ما أو خلط الأوراق، بوصفه للعماد عون كأحد المرشحين المدعومين لرئاسة الجمهورية، مؤكداً في الوقت عينه أنه ليس المرشح الوحيد. كما شدد هوكستين على ضرورة التزام لبنان وضمناً أي رئيس قادم بإتفاق الطائف والاتفاقيات والاصلاحات الضرورية.
اما المعارضة والمستقليين والتغيريين، فكما يبدو أبقوا الاتصالات مفتوحة فيما بينهم للتوافق على اسم مرشح لرئاسة الجمهورية، ومن المرتقب ان يتم الاعلان عنه اليوم.
وأشارت المصادر إلى تخوفهم من تشرذم الاصوات، اذا ما اتفق “التيار الوطني الحر” والثنائي على اسم لا يحظى بقبول محلي ودولي وعربي وحيازته ل 65 صوتاً، ما يدفعهم الى رسم عدة احتمالات للجلسة.
بالتزامن، باشر المبعوث الخاص لرئيس الجمهورية الفرنسية إلى لبنان جان إيف لودريان زيارته إلى بيروت أمس، على أن يحضر جلسة الغد بدعوة من الرئيس بري.
وفي السياق، نشرت السفارة الفرنسية في لبنان البيان الصادر عن وزارة الخارجية الفرنسية على صفحتها عبر منصة “X”، والذي أشار إلى أن زيارة لودريان تأتي في إطار الجهود المبذولة منذ أكثر من عامين بالتشاور الوثيق مع شركاء وأصدقاء لبنان ضمن اللجنة الخماسية، من أجل تمكين اللبنانيين من انتخاب رئيس، وفقا للمبادئ المتفق عليها في الدوحة في تموز 2023 وهي استمرار للزيارات التي قام بها المبعوثان السعودي والأميركي في الأيام الأخيرة.
إذا، “الفرصة الذهبية” أمام لبنان التي تحدث عنها هوكستين بالأمس، تتلاقى مع رؤية فرنسا والمملكة العربية السعودية بإنتخاب رئيس. في هذا الإطار، توضح الصحافية رندة تقي الدين في اتصال مع جريدة “الأنباء” الإلكترونية بأن من أبرز المسائل التي طرحتها فرنسا حول لبنان خلال زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى المملكة مؤخراً، مساعدة ودعم الجيش والانخراط السعودي في المسار السياسي، وهو أمر مهم جداً بالنسبة لفرنسا، وذلك انطلاقا من أن المملكة لديها وزن كبير في المنطقة ولها تأثير في لبنان.
ووفق تقي الدين تبلور ذلك بزيارة الوفد السعودي إلى لبنان منذ عدة أيام، للدفع نحو انتخاب رئيس وبالاتفاق مع اللجنة الخماسية، لاسيما أنهم يرون أن المرحلة تقتضي شخصية كالعماد عون رئيساً، وذلك بما يتطلب أمن البلاد وتشكيل حكومة تقوم بالإصلاحات وحصول لبنان على مساعدات.
ومن المقرر أن تجتمع كتلة “اللقاء الديمقراطي”، اليوم، لبحث أبرز المستجدات لا سيما أنها سعت وواظبت على ردم الهوة بين الأطراف المتباعدة في القرار لإنضاج تسوية داخلية لانتخاب رئيس، على أن يصدر عن الكتلة موقف بعد اللقاء.
وبالتوازي، ستجتمع كتلة “التنمية والتحرير” اليوم برئاسة الرئيس بري ومن المرتقب أن يصدر عنها موقفها وخيارها للجلسة الانتخابية. وبالتأكيد ما سيصدر عن هذا الاجتماع محوري وأساسي وقد يبدّل مشهد الجلسة، علماً أن بري لم يسرْ بخيار العماد عون لأسباب متعلقة بتعديل الدستور، استنادا إلى ما ورد في احكام الفقرة الثالثة من المادة 49 من الدستور.
وفي سياق متصل، إذا انتُخب عون رئيساً ولم يتقدم ثلث أعضاء المجلس النيابي بطعن لدى المجلس الدستوري بنتيجة الانتخاب خلال 24 ساعة يعتبر الانتخاب قائماً ونافذاً وأمراً واقعاً بمعزل عن أي شائبة دستورية”، بحسب ما يوضح الأستاذ الجامعي الدكتور عادل يمين في اتصال مع جريدة “الأنباء” الالكترونية.
من هنا، فإن انتخاب عون رهن بتوافق داخلي ليس محصوراً بجهة واحدة فقط. ووسط كل ما سبق من معطيات، إذا سقط خيار العماد عون في الدورة الأولى تحدثت مصادر عن عودة اسم المرشح جهاد أزعور إلى أروقة الجلسة الانتخابية في الدورة الثانية. وبحسب المصادر، فإن ذلك قد يحصل إذا تقاطعت القوى المسيحية على أزعور وسار به الثنائي، وربما يحصل فقط على 65 صوتاً.
على صعيد آخر، انعقد مجلس الوزراء أمس برئاسة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، بحيث دعا إلى إنهاء أزمة الشغور “وننتقل إلى اعادة ترتيب السلطات من جديد”، على حد تعبيره.
كما أكد ميقاتي التقيد والتطبيق الحرفي والتام لمندرجات القرار 1701 بكامل بنوده، وإلزام العدو الاسرائيلي بدقة وصراحة بتنفيذه الفوري والناجز، بعيداً عن المناورات واختلاق الحجج للتهرب من التنفيذ واختراع السيناريوهات التي تهدد الهدنة من جديد.
ومن ناحية أخرى، “سيكون هناك زيارة قريبة إلى سوريا برئاسة ميقاتي ولكن الموعد لم يحدد بعد”، بحسب ما أشار وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال زياد المكاري، خلال تلاوته مقررات مجلس الوزراء.