Site icon IMLebanon

“الثنائي” يراهن على ميقاتي

كتبت جومانا زغيب في “نداء الوطن”:

تحرص المعارضة أو ما كان معارضة حتى الأمس، على التعاطي مع الاستحقاق الحكومي، بمزيج من الحذر والإصرار في الوقت عينه على طرح رؤيتها لرئاسة الحكومة والتشكيلة الحكومية بما يلتقي مع رهانها على التغيير والخلاص من نهج المحاصصة والصفقات، كما درج عليه من هيمن على الحكومات المتعاقبة في المرحلة السابقة سواء بفرض الشروط المسبقة أم بالتعطيل.

ويهمّ القوى السيادية أن يتمّ إنجاز الاستحقاق الحكومي بمرحلتيه، التكليف والتأليف، بتناغم وتوافق مع رئيس الجمهورية، لا سيّما أنه ضمّن خطاب القسم عناوين ممتازة تلتقي مع تطلّعات هذه القوى إلى استعادة ما للدولة للدولة، بعدما صادرت الدويلة جانباً كبيراً من القرار، مستغلة التشكيلات الحكومية التي خضعت لها، وآخرها الحكومة الحالية، على الرغم من تمايز بعض أعضائها نسبيّاً.

وجلّ ما تريده المعارضة، هو أن يقرن الرئيس عون القول بالفعل، لا سيّما أن التجارب أكّدت أنه قال لا أكثر من مرة لـ «الثنائي» ولحليفه «التيار الوطني الحر». ولذلك، من الطبيعي أن يكون للقوى السيادية مرشّح يلتقي مع مضامين خطاب القسم والتي تصلح منطلقاً للبيان الوزاري للحكومة العتيدة.

وتفيد المعلومات في موضوع اختيار الرئيس المكلف، بأن «الثنائي الشيعي» يسعى لإعادة الرئيس نجيب ميقاتي إلى السراي، وقد أطلق إشارات في هذا الاتجاه تعكس نوعاً من الإصرار على التمسّك به، على قاعدة التعويض عن نتيجة الاستحقاق الرئاسي التي أتت بالعماد جوزاف عون إلى قصر بعبدا، على الرغم من اعتراض «التيار» و «الثنائي». علماً أن الأخير راهن على حفظ ماء الوجه من خلال الاستراحة المدروسة بين دورتي الانتخاب، للإيحاء بحصول تسوية لتلبية بعض مطالبه من العهد الجديد.

وتكشف المعلومات أن أوساطاً سنيّة تسعى إلى دعم خيار يلاقي مقتضيات المرحلة الجديدة، على قاعدة تجميع أوسع مروحة من النواب السّنة لمساندة هذا الخيار، وإن بدا أن هذه المروحة تضمّ أطرافاً كانوا متباعدين طويلاً في السياسة، مع العلم أن المملكة العربية السعودية غير بعيدة من مواكبة الاستحقاق الحكومي كما كانت عليه من مواكبة في ما خص الاستحقاق الرئاسي.

وترحّب القوى السيادية بهذا التوجّه، باعتبار أن الرئيس ميقاتي يمثل المرحلة الماضية، ولا يقول لا لـ «الثنائي الشيعي» في القضايا الأساسية، على الرغم من أن صداقات تجمعه على المستوى الشخصي مع بعض رموز المعارضة، فضلاً عن أنه حاول التمايز أحياناً قليلة عن «الثنائي». وتشدّد القوى السيادية على أن زمن التعطيل بحجة الثلث المعطل قد ولّى. وإذا كانت هذه البدعة من اختراع اتفاق الدوحة، فإن محور الممانعة هو الذي أسقط اتفاق الدوحة منذ زمن.

ويعود لرئيس الجمهورية والرئيس المكلّف ضبط هوامش التشكيلة الحكومية بما يسهّل مهمتها ويلاقي تطلّعات العهد، في ظل مناخ دولي وعربي مواكب وملائم، والذي سيكون جاهزاً للمساعدة على إعادة الإعمار واستنهاض الاقتصاد في حال تناغم الحكومة رئيساً وتشكيلةً وبياناً وزارياً مع رؤية الرئيس عون التي عبّر عنها في خطاب القسم، لا سيّما لجهة العناوين السيادية والإصلاحية.

ومن هنا، فإن المسألة لم تعد مجرّد لعبة محاصصة ومقايضات، بل هي رهان على استعادة التوازن الوطني والشراكة الفعلية في صلب الحكومة، سواء أكانت حكومة سياسية أم حكومة تكنوقراط أم حكومة تجمع بين الصفتين.

وفي ما خص بعض الكلام حول العودة السياسية للرئيس سعد الحريري قريباً، تستبعد أوساط سنية ذلك راهناً، إذ لا بدّ من انتظار الانتخابات النيابية المقبلة على الأقل. وكأن الحكومة المنتظرة، هي حكومة انتقالية، وهي صفة لا تلتقي في أي حال مع رهان سيّد العهد على تحقيق إنجازات واختراقات نوعية من دون أي تأخير غير مبرّر.