كتب معروف الداعوق في “اللواء”:
وحدهم النواب السنّة، صوتوا للعماد جوزاف عون بغالبيتهم، من دون مرجعية سياسية تجمع معظمهم هذه المرة، خلافا لما كان يحصل في الانتخابات الرئاسية السابقة، او تأليف الحكومات، وحتى في مقاربة الملفات والقضايا المهمة في المجلس النيابي، عندما كان الرئيس سعد الحريري، على رأس كتلة نيابية كبيرة تضم في صفوفها أكبر عدد من النواب السنّة،تؤثر في مجرى الانتخابات الرئاسية ونتائجها. ولكن هذه المرة التقاء هؤلاء النواب على انتخاب عون للرئاسة الاولى، تم انطلاقا من اصرار معظمهم على انجاز الاستحقاق الرئاسي وتجاوبا مع الرغبة القوية، التي ابدتها المملكة العربية السعودية، لدعم انتخاب عون للرئاسة، وضغوط باقي أعضاء اللجنة الخماسية وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا، ما ساهم في وضع حدٍ لتشتت النواب السنّة بغالبتهم، وتجاوز ولاءات بعضهم السابقة، إن كان بالالتحاق بالثنائي الشيعي، او الاصطفاف في هذا التجمع او ذاك.
وفي المقابل، لوحظ ان النواب المنتمين لباقي الطوائف الاخرى، انتظموا وراء زعاماتهم او رؤساء كتلهم النيابية،إن كان النواب الشيعة، ضمن كتلة التحرير والتنمية وكتلة الوفاء للمقاومة، او النواب المسيحيين في اطار كتلة لبنان القوي وكتلة الجمهورية القوية، والنواب الدروز في كتلة اللقاء الديموقراطي، مع وجود ثلاثة نواب سنّة في صفوفهم وعدد قليل من المتحالفين معهم، وصوتوا بناءً على توجهات زعاماتهم، تاييدا لانتخاب عون للرئاسة او التصويت ضده.
الا انه، مع بدء المشاورات لتشكيل اول حكومة في العهد الجديد، والتي دخلت في أجواء الانقسام السياسي المعتاد، والتجاذب بين من يحاول تكرار ما حصل بانتخاب رئيس الجمهورية، بحشد اكبر عدد من الكتل والنواب والسنّة من بينهم، لتسمية رئيس رئيس حكومة تغييري، تردد انه القاضي نواف سلام، لاستكمال عملية التغيير المطلوبة، مقابل اصرار القوى التقليدية وفي مقدمها، الثنائي الشيعي التمسك بتسمية رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، الذي يرتاح للتعاطي معه، انطلاقا من ترؤسه الحكومات الثلاث سابقا، فيما بادرت المعارضة إلى ترشيح النائب فؤد مخزومي باسمها لرئاسة الحكومة مساء السبت الماضي.
إعادة طرح ترشيح القاضي سلام لرئاسة الحكومة الجديدة، خلط اوراق المرشحين لهذا المنصب، ووضع النواب السنّة في موقع حرج، بين من يؤيده ويدعمه، وبين من يصطف إلى جانب تسمية ميقاتي، وخصوصا من النواب السنّة في الشمال، وهذا الواقع المستجد قد يقلب المشهد رأساً على عقب، اذا بدلت المعارضة موقفها واجمعت على تأييد ترشيح سلام بمواجهة ميقاتي قبل بدء المشاورات اليوم. وهذا ينتظر تظهير موقف اللقاء الديموقراطي ايضا، وتوجه كتلة التيار الوطني الحر.
تشَتّتْ نواب السنّة، كما هو حاصل،يحرم رئيس الحكومة تأييد العدد الكافي المعتاد منهم، لدعم موقعه، ويخضع سياسات الحكومة المقبلة او بعض جوانبها وقراراتها، الى ضغوط ومصالح الجهات السياسية للنواب الاخرين الداعمين له، الا اذا انسحبت الضغوط العربية والدولية، التي مورست على الاطراف السياسيين بانتخاب رئيس الجمهورية، على تسمية رئيس الحكومة الجديد، وجمعت أكبر عدد من النواب السنّة لانتخابه ودعمه.