IMLebanon

غزة تتحرّر من كابوس 7 تشرين الأول

جاء في “نداء الوطن”:

بعد أكثر من سنة وثلاثة أشهر من اندلاع الحرب الطاحنة التي أطلق شرارتها “طوفان” 7 تشرين الأول الذي أقحم قطاع غزة في آتون حرب واستحال كابوساً على الغزيين الذين قتلوا وأصيبوا وشرّدوا، توصّل المفاوضون بعد محادثات ماراتونية وجهود مضنية إلى اتفاق مرحلي لوقف إطلاق النار في غزة بين إسرائيل و”حماس”، والذي سيدخل حيّز التنفيذ يوم الأحد المقبل، بضمانة من واشنطن والدوحة والقاهرة.

ولحظة ورود نبأ التوصّل إلى وقف النار، خرج الغزيون إلى شوارع مدن عدة للاحتفال بعدما طالت معاناتهم، وشعروا وكأنهم طلعوا من نفق مظلم وتحرّروا، ولو فوق دماء وركام ودمار، من مأساة الحرب التي قتلت أفراداً من عائلاتهم وهدّمت بيوتهم واغتالت أحلامهم. لكن الكثير من الغزيين الذين سئموا من منطق “حماس”، غضبوا من أنصار الحركة الذين احتفلوا بنصر مزعوم، بينما تحوّلت غزة إلى ملعب ضخم لكرة القدم، مؤكدين أن فرحتهم تكمن بوقف النار فقط وليس بادعاءات واهية عفّى عليها الزمن. كما عمّت “فرحة منقوصة” في صفوف أهالي الرهائن الإسرائيليين الذين كانوا يتظاهرون في تل أبيب، وعبّروا عن أملهم بعودة أحبابهم قريباً.

وبعد جهود وساطة جبارة للتوصّل إلى اتفاق يُنهي الحرب، أكد رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني أنه “يسر قطر ومصر والولايات المتحدة الأميركية الإعلان عن التوصل إلى اتفاق في شأن غزة”، لافتاً إلى أنه “مع موافقة جانبَي التفاوض، يتواصل العمل الليلة على استكمال الجوانب التنفيذية”، في وقت رحّب فيه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي باتفاق وقف النار، متعهداً بأن مصر “ستظلّ دائماً وفية لعهدها، داعمة للسلام العادل، وشريكاً مخلصاً في تحقيقه، ومدافعة عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني”. وعبّر عن أمله في أن يقود الاتفاق إلى سلام مستدام وأن “تنعم المنطقة بالاستقرار والأمن والتنمية في عالم يتسع للجميع”.

ويأتي ذلك بعدما كشفت “حماس” أن وفدها برئاسة خليل الحية سلّم الوسيطَين، قطر ومصر، موافقتها على وقف النار. وزعمت الحركة بأنها تعاملت “بكلّ مسؤولية وإيجابية” انطلاقاً من “مسؤوليتنا تجاه شعبنا الصابر بوقف العدوان عليه ووضع حدّ للمجازر”. ورأى المسؤول “الحمساوي” سامي أبو زهري في تصريح لوكالة “رويترز” أن اتفاق وقف النار “إنجاز كبير يعكس الأسطورة التي حققتها غزة بصمود شعبها وبسالة مقاومتها”، معتبراً أن الاتفاق “تكريس لفشل الاحتلال في تحقيق أي من أهدافه”. ولاحقاً، أكد الحية أن المعركة ستستمرّ لأجيال ولن تتوقف.

في المقابل، كشف مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن بعض المسائل لا تزال من دون حلّ في اتفاق غزة، معرباً عن أمله في الاتفاق عليها “خلال الليل”، في حين أفاد مسؤول حكومي إسرائيلي لوكالة “رويترز” بأن الحكومة الإسرائيلية ستصوّت على اتفاق وقف النار اليوم، وسط توقعات بأن يُصادق عليه معظم الوزراء. وأشارت هيئة البث الإسرائيلية إلى أن المؤسّسة الأمنية في إسرائيل تستعدّ لانسحاب شبه كامل من غزة، فيما أكدت صحيفة “جيروزاليم بوست” أن “المرحلة الأولى من التحضير لانسحاب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة جارية حالياً”.

أميركياً، حسم الرئيس جو بايدن أن “اتفاق وقف النار سيُصبح وقفاً دائماً”، مشيراً إلى أنه “سيجرى الإفراج عن رهائن أميركيين في المرحلة الأولى من الاتفاق”، في حين كان الرئيس المُنتخب دونالد ترامب الذي تعاون فريقه مع فريق بايدن بشكل وثيق للتوصّل إلى الصفقة، قد أعرب عن نيّته باستخدام الاتفاق كقوّة للدفع في اتجاه توسيع “اتفاقات أبراهام”، مؤكداً أن فريقه للأمن القومي “سيواصل العمل بشكل وثيق مع إسرائيل وحلفائنا للتأكد من أن غزة لن تصبح مرّة أخرى ملاذاً آمناً للإرهابيين”.

وفي تفاصيل الصفقة، ستخفض إسرائيل تدريجياً قواتها في محور فيلادلفيا الحدودي مع مصر خلال المرحلة الأولى من الاتفاق التي تستمرّ ستة أسابيع وتتضمّن انسحاباً تدريجياً للقوات الإسرائيلية من القطاع، على أن تستكمل القوات انسحابها في موعد لا يتجاوز الـ 50 يوماً. وأفاد مسؤول مطلع “رويترز” بأن الاتفاق يتضمّن الإفراج عن 33 رهينة في المرحلة الأولى، على أن يُفرج عن 3 رهائن على الأقلّ كلّ أسبوع خلال هذه الفترة. وستطلق إسرائيل سراح 30 أسيراً فلسطينياً مقابل كلّ رهينة إسرائيلية، كما ستطلق 50 أسيراً مقابل كلّ مجندة إسرائيلية.

وستضمن قطر ومصر وأميركا تنفيذ الاتفاق، وسيجرى إطلاق سراح جميع الرهائن الأحياء أولاً، ثمّ رفات القتلى. وستبدأ المفاوضات في شأن المرحلة الثانية من الاتفاق في اليوم الـ 16 من المرحلة الأولى، ومن المتوقع أن تشمل إطلاق سراح جميع الرهائن المتبقين، بمن فيهم الجنود الإسرائيليون الذكور ووقف إطلاق النار الدائم والانسحاب الكامل للجنود الإسرائيليين. ويشمل الاتفاق السماح بدخول 600 شاحنة محمّلة بالمساعدات الإنسانية إلى غزة كلّ يوم من أيام وقف النار، 50 منها تحمل الوقود، مع تخصيص 300 شاحنة لشمال القطاع.