كتب داود رمال في “الأنباء الكويتية”:
استضاف قصر بعبدا أمس الأول قمة لبنانية فرنسية جمعت الرئيس اللبناني جوزاف عون ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، في لقاء يعكس عمق العلاقات التاريخية بين البلدين، وتأكيدا على دعم فرنسا المستمر للبنان في أزماته المتعددة.
في مستهل اللقاء، أعرب الرئيس عون عن امتنانه لماكرون لاهتمامه الدائم بلبنان منذ توليه الرئاسة الفرنسية، مشيرا إلى الروابط الإنسانية والثقافية المشتركة التي لطالما جمعت بين الشعبين.
وحول أبرز ما طرح في القمة الثنائية، قال مصدر سياسي رفيع لـ «الأنباء» إن «الرئيس عون الذي استذكر زيارات ماكرون السابقة للبنان، لاسيما تلك التي جاءت بعد انفجار مرفأ بيروت ومئوية إعلان لبنان الكبير، أكد أن اللبنانيين لا يزالون يقدرون مساعي فرنسا في إنهاء الشغور الرئاسي، سواء عبر موفديها أو من خلال اللجنة الخماسية. هذا الالتزام الفرنسي يشير إلى رؤية ثابتة تعتبر لبنان شريكا إستراتيجيا يجب دعمه لضمان استقراره ودوره في محيطه الإقليمي».
وأضاف المصدر: «ان الجانب الاقتصادي استحوذ على جانب مهم من المحادثات الثنائية، انطلاقا من أهمية ان تستأنف شركة «توتال» عمليات التنقيب عن النفط في البلوكات البحرية اللبنانية، لأن في ذلك خطوة ضرورية لتعزيز الاقتصاد الوطني واستثمار الموارد الطبيعية، الأمر الذي لاقى لدى ماكرون التجاوب الكامل، من خلال تأكيد عزم بلاده على تقديم الدعم اللازم، بما في ذلك دعوة الاتحاد الأوروبي للمشاركة في مشاريع النهوض الاقتصادي في لبنان».
وأوضح المصدر أنه «لم تغب التوترات في الجنوب اللبناني عن جدول الأعمال، حيث كان تشديد من الجانب اللبناني على أهمية تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار وضمان انسحاب إسرائيل من كل الأراضي اللبنانية، مع الإشادة بالدور الذي تلعبه قوات اليونيفيل، وتضحيات الكتيبة الفرنسية التي كانت وستبقى رمزا للدعم الفرنسي الميداني في الجنوب».
وأشار المصدر إلى أن «القضية الفلسطينية كانت أيضا محورا رئيسيا للنقاش، حيث جدد الرئيس اللبناني الموقف الثابت القائم على ضرورة إيجاد حل عادل يضع حدا لمعاناة الشعب الفلسطيني وفق قرارات الشرعية الدولية. هذا الموقف اللبناني يعكس توافقا مع رؤية فرنسا بضرورة تحقيق استقرار دائم في الشرق الأوسط، خاصة بعد التطورات الأخيرة في غزة».
ولفت المصدر إلى أنه «في الشأن السوري، ركزت القمة على تداعيات الأزمة السورية على لبنان، بما في ذلك ضبط الحدود وإيجاد حلول مستدامة لأزمة النزوح، وسط تفهم الرئيس الفرنسي لحجم العبء الذي يتحمله لبنان، ما يفتح الباب أمام تعاون مشترك لمعالجة هذا الملف الخطير الذي يعتبر من الأولويات».
وأكد المصدر أن «القمة التي عكست تفاهما واضحا بين الرئيسين، جاءت في وقت وظرف دقيقين للبنان الذي يعمل على الخروج من أزمات سياسية واقتصادية متشابكة. انما الدعم الفرنسي، رغم أهميته، يظل مرهونا بترجمته إلى خطوات عملية تسهم في تخفيف حدة الأزمات، لاسيما فيما يتعلق بالنهوض الاقتصادي واستقرار الجنوب. وأعاد لقاء بعبدا تسليط الضوء على شراكة لبنان وفرنسا، لكن الرهان يبقى على قدرة هذه العلاقة التاريخية على إنتاج حلول ملموسة تعيد للبنان توازنه ودوره الريادي في المنطقة، وتمكنه من استثمار ثرواته الطبيعية، لاسيما الغاز والنفط في البحر اللبناني ومياهه الاقتصادية الخاصة».