كتبت بولين فاضل في “الأنباء” الكويتية:
منذ هجرت الاستثمارات الخليجية لبنان في العام 2010 واقتصاد «وطن الأرز» عليل، فالخليج العربي بسياحه واستثماراته لطالما كان الوصفة اللازمة لرفد الاقتصاد اللبناني بالتقدم والنمو، ويكفي القول انه بين عامي 2007 و2010 استثمرت الدول الخليجية في لبنان بأرقام ضخمة، ما جعل الاقتصاد يحقق نموا بلغ 10% على مدى 3 سنوات.
وإذا كان وجه لبنان الحقيقي قد تغير منذ دخل في عزلة عن محيطه الخليجي وفي نفق الانهيار الاقتصادي، فإن الضوء لاح أخيرا بعد انتظار طويل وثقيل مع انتخاب رئيس للبلاد وتكليف رئيس حكومة يحملان معا بدايات جديدة للبنان واقتصاده وعلاقاته مع أشقائه العرب.
وقد أتى أول الغيث الخليجي سريعا بإعلان الأمير السعودي الوليد بن طلال أن فندق «فور سيزونز» في بيروت ستتم إعادة بنائه وافتتاحه في الربع الأول من سنة 2026، إلا أن التعويل هو على فيض الاستثمارات الخليجية بعد سنوات عجاف، فكيف السبيل الى اجتذابها من جديد؟
في هذا الإطار، قال عضو المجلس الاقتصادي والاجتماعي عدنان رمال في حديث إلى «الأنباء» إن «الشرط الأول لعودة الاستثمارات الخليجية وأي استثمارات أخرى هو الاستقرار، لأن رأس المال يحتاج أمانا واستقرارا.
ومع انطلاقة عهد جديد وتشكيل مرتجى لحكومة متوازنة فعالة تمثل كل مكونات الشعب اللبناني وتتوافر لديها جدية الاستمرارية، يمكن الذهاب الى استقرار داخلي على أن يترافق مع حوكمة رشيدة لمؤسسات الدولة وملء الفراغات فيها بتعيين موظفين بالأصالة لا بالتكليف، وأيضا مع تأمين استقلالية القضاء، لأن المستثمر يحتاج الى التأمين على رأس ماله وحقه في حال وقوع أي نزاع».
وأضاف رمال: «ثمة حاجة الى تشكيل مؤسسة تجتمع فيها كل الوزارات لتسهيل الحصول على تراخيص الاستثمار، لا أن يكون على المستثمر التنقل بين 20 وزارة أو دائرة لإتمام تراخيصه ومعاملاته لأن البيروقراطية هي قاتلة للاستثمارات. كذلك ثمة ضرورة لنظام مصرفي فعال قادر على التسليف ومنح القروض وضمان التصرف بالأموال النقدية على المدى البعيد لدى تحويلها من الخارج، مع إطلاق ورشة قوانين لضمان الودائع الجديدة وهيكلة الودائع القديمة».
وعن أكثر القطاعات التي يمكن أن تجتذب الاستثمارات الخليجية، قال رمال ان «القطاعين السياحي والتجاري في لبنان هما من أسرع القطاعات التي يمكن الاستثمار فيها وجني الأرباح، يضاف إليهما القطاع الصناعي وقطاع الطاقة والقطاع المصرفي بحيث تستطيع مصارف من الخارج برساميل عربية الدخول في شراكة مع مصارف لبنانية، مع الحفاظ على الموجودات في المصارف المحلية».
رئيس تجمع الشركات اللبنانية والخبير الاقتصادي د.باسم البواب قال بدوره لـ «الأنباء» انه «بعد انتخاب رئيس للجمهورية وتوجيه الدعوات اليه لزيارة دول خليجية عدة، بدا واضحا أن الثقة بلبنان عادت وهذا ما يشق الطريق أمام عودة الاستثمارات الخليجية والسواح العرب الى لبنان».
ولفت الى «ضرورة إزالة بعض العوائق أمام هذه العودة، ومنها ما يتعلق بالقضاء لأن أي مشكلة قد تعترض المستثمر يجب حلها على الفور».
وأضاف:«هناك أيضا موضوع الضرائب المتصل بالاستثمارات وضمان تأسيس الشركات، والمطلوب هنا السرعة والتسهيل في الاجراءات، فضلا عن ضرورة المكننة في مؤسسات الدولة وتحفيز الاستثمارات».
وعن القطاعات الجاذبة للاستثمارات الخليجية، قال البواب ان «كل القطاعات متاحة للاستثمار سواء في السياحة أو في التجارة أو في الصناعة أو حتى في الغاز والنفط وإعادة الإعمار والطاقة والمياه والاتصالات».
وأكد أن فنادق الخمس نجوم غير كافية لبلد مثل لبنان اذا كان يريد العودة الى الخارطة السياحية، كما أن ثمة نقصا في المنتجعات الكبرى وحتى في المطاعم، اذا كنا ننتظر عددا كبيرا من رجال الأعمال والمستثمرين والسياح.
يجمع أهل الاقتصاد على حاجة لبنان الى ورشة سياسية واقتصادية ومالية لتحفيز الاستثمارات، وقد علمت «الأنباء» أن محركات الهيئات الاقتصادية في لبنان قد دارت لجذب الاستثمارات، لاسيما في ضوء الزيارة الرسمية الأولى المرتقبة للرئيس جوزف عون الى المملكة العربية السعودية.