IMLebanon

“زمن الأول تحوّل”… الحزب سقط والتهريب إلى زوال؟!

كتبت ماريا خيامي:

في ظل التطورات الأمنية والسياسية التي تشهدها المنطقة، تتعاظم أهمية متابعة ما يحدث على الحدود اللبنانية والسورية من حيث التهريب والتهديدات الأمنية، فلطالما كانت الحدود بين البلدين محورًا لعدد من التحديات الأمنية، خاصة في ما يتعلق بالتهريب عبر المعابر غير الشرعية، وهو ما يهدد الاستقرار الإقليمي ويضع السيادة الوطنية تحت الاختبار.

تتداخل في هذه المسائل عوامل عدة، منها النفوذ الإقليمي، وبالخصوص الدور الإيراني، إلى جانب التغيرات السياسية الداخلية التي يشهدها كل من لبنان وسوريا. وفي هذا السياق، تتزايد أهمية التنسيق الأمني بين البلدين لمكافحة هذه الظواهر والحد من آثارها السلبية.

ومع استمرار محاولات استغلال الفوضى من قبل بعض الأطراف لتوسيع نفوذها، يبقى السؤال: كيف سيتعامل البلدان مع هذا التحدي المشترك؟ هل ستنجح الجهود الجديدة في إعادة ضبط الحدود ومنع التهريب الذي لطالما كان مصدرًا للتهديدات؟

في حديث لموقع IMLebanon، القى العميد المتقاعد وهبه قاطيشا الضوء على التغيرات الملحوظة في سياسات البلدين في التعامل مع المعابر غير الشرعية والتهريب. وتطرق إلى الجهود المبذولة من قبل السلطات السورية الجديدة لتطبيق القرارات الدولية وضبط الحدود، إضافة إلى الدور المتغير لحزب الله وإيران في المنطقة، محذرًا من محاولات إيران استغلال الفوضى لتحقيق مصالحها، لكنه أشار في الوقت نفسه إلى أن الوضع قد بدأ يتغير بشكل جذري في السنوات الأخيرة.

إشارة إلى أن الأمن العام في طرطوس كشف عن إحباط عملية تهريب أسلحة وصواريخ إلى لبنان عبر معابر غير شرعية، وهي خطوة اعتُبرت حاسمة في التأكيد على جدية السلطات السورية الجديدة في التزام القرارات الدولية التي تحظر نقل الأسلحة والممنوعات بين البلدين. ووصف قاطيشا هذه الخطوة بالـ”جريئة”، مشيرًا إلى أنها تعكس التزامًا واضحًا من قبل الحكومة السورية في ضبط الأوضاع الأمنية على الحدود، بما يتماشى مع ما تتطلبه القرارات الدولية.

وأكد قاطيشا أن هذا التوجه المتشدد في إجراءات السلطات السورية يظهر جديتها في التعاون مع لبنان لضبط الحدود والمعابر غير الشرعية، واعتبر أن هذا التعاون بين البلدين من شأنه أن يسهم في احترام سيادة الدولتين، وبالتالي تعزيز استقرارهما ومنع تعرضهما لأي تهديدات قد تزعزع استقرار المنطقة، موضحا أن هذه الإجراءات لن تتغير في المستقبل، وأن هذه الخطوة هي جزء من عملية أوسع للتعاون الأمني بين لبنان وسوريا.

وأشار قاطيشا إلى أن إيران، التي كانت قد استثمرت بشكل كبير في المنطقة عبر دعمها لحزب الله، تحاول استغلال الوضع الراهن في سوريا ولبنان لتحقيق مصالحها، إلا أنه شدد على أن هذا النفوذ الإيراني في المنطقة بدأ يتراجع، خصوصًا مع التغيرات التي شهدتها كل من سوريا ولبنان في الآونة الأخيرة، فقد أصبح واضحًا أن هناك رغبة في قطع الطريق أمام محاولات إيران لإدخال الأسلحة إلى المنطقة، بعد أن كان هذا الأمر يحدث في السابق بشكل شبه روتيني.

كما لفت إلى تزايد التنسيق الأمني بين الجيش اللبناني والإدارة السورية الجديدة، مشيرًا إلى الاشتباكات الأخيرة في جرود القلمون بين بعض المهربين وعناصر الجيش اللبناني، والتي انتهت بتعاون مشترك بين الجيش اللبناني والإدارة السورية، موضحاً أن هذه الحوادث تشير إلى وجود تغيير ملموس في الاستراتيجيات الأمنية للبلدين.

وحول دور حزب الله في المنطقة، قال قاطيشا: “لقد انتهى دور الحزب وسقطت استراتيجيته التوسعية التي كانت تُدار تحت النفوذ الإيراني، وهذا السقوط لم يكن فقط نتيجة ضغوط من الأطراف الغربية والعربية، بل أيضًا نتيجة لتراجع الدعم الإيراني، فإيران كانت قد استفادت من “حزب الله” كأداة لتحقيق مصالحها في المنطقة، لكن مع تراجع قدرة الحزب على المناورة وظهور تحولات كبيرة في السياسات الداخلية والإقليمية، أصبح من المستحيل على الحزب أن يستمر في تنفيذ هذه الأجندات.”

كما شدد قاطيشا على أن التغيرات التي يشهدها لبنان وسوريا على الصعيدين السياسي والأمني تعني أن ما كان ممكنًا في السابق من تهريب أسلحة عبر الحدود أصبح أمرًا صعبًا إن لم يكن مستحيلًا، وقال: “اليوم لا يمكن إدخال الأسلحة بسهولة كما كان في الماضي، لقد تغيرت الأمور بشكل جذري في ظل وجود عهد جديد في لبنان وسوريا”.

تحولات جذرية في السياسات الأمنية في لبنان وسوريا بدأت بالتكشّف، مع تطور التنسيق الأمني بين البلدين، وهو ما يُظهر رغبة حقيقية في مواجهة التحديات الأمنية وتحقيق الاستقرار الإقليمي، ومع أن النفوذ الإيراني في المنطقة كان له دور كبير في السابق، إلا أن التحولات الجديدة في كل من لبنان وسوريا تشير إلى أن الأمور قد بدأت في التغيير، ما سيساهم في تقليص دور حزب الله، وتقديم فرصة جديدة لضبط الحدود ومحاربة التهريب، وهو ما يعود بالنفع على سيادة الدولتين وأمن المنطقة ككل.