كتبت كارين القسيس في “نداء الوطن”:
كلّ الأنظار متّجهة إلى يوم إعلان أسماء الوزراء في الحكومة الأولى لعهد الرئيس جوزاف عون، وما إذا كان الرئيس المُكلّف نواف سلام سيتمكّن من تشكيل الحكومة خلال الساعات المقبلة؟ أم أنّ ثنائي “حزب الله” “أمل” الممتعض ممّا جرى، سيضع العصي في دواليب التشكيل بهدف نيل حصص وزاريّة وازنة قبل الانتخابات النيابيّة لاستعادة مكانته السياسيّة التي تأثّرت بشكل ملحوظ من جرّاء الحرب.
وبالتوازي مع هذا الإرباك، يكثر الحديث عن المعارضة الشيعيّة وأدائها، وتتعالى أصوات من يتّهمها بالعمالة والفشل في تحقيق أهدافها. هذا الاتهام، الذي تروّج له بعض الأبواق المأجورة يحتاج إلى مراجعة دقيقة وتقييم عادل. فالمعارضة الشيعيّة ليست مجرّد بديل سياسي عن الثنائي، بل هي تجسيد لصوت المظلومين، والحالمين بمستقبل أفضل، والداعين إلى التغيير والابتعاد عن نهج “حزب الله”.
الاتّهام بالعمالة والفشل هو اتهام غير دقيق وغير عادل في حق هؤلاء الذين بذلوا جهوداً جبّارة في مواجهة تحدّيات جمّة، بدءاً بالقمع السياسي والاعتقالات وصولاً إلى محاولات إجهاض أي محاولة للتغيير الجذري والتي قابلتها عمليات اغتيال على سبيل المثال اغتيال الشهيد لُقمان سليم.
اغتيال سليم لم يكن سوى محاولة لوقف عجلة التاريخ، لكنّ التاريخ نفسه أثبت أنّ قتله لا يمكن أن يوقف عجلة التغيير. فهناك وجوه جديدة من النشطاء والمفكرين واصلت المسيرة على خطاه، متمسكةً بالمبادئ نفسها التي استشهد من أجلها.
في هذا السياق، تؤكّد شقيقة الشهيد لقمان سليم، رشا الأمين في حديث لـ “نداء الوطن” أنّ القيادة الفعّالة تتجسّد في القدرة على تحقيق التغيير الإيجابي من خلال توقيف كلّ من قام باغتيال المعارضين، وليس فقط في الخطابات أو التصريحات.
واعتبرت أنّ التغيير الحقيقي هو عبر التخلّص من كلّ أوجه الديكتاتوريّة، وهو يتطلّب بيئة من المشاركة السياسية الخالية من السلاح غير الشرعي، وهو أمر صعب جداً في ظلّ الواقع الذي نعيشه، مشيرةً إلى أنّه في هذه الحالة يصبح التحدي الأكبر هو إزالة ومواجهة الهيمنة التي لا يزال “حزب اللّه” يفرضها على الداخل عندها تُتاح الفرصة لإجراء إصلاحات حقيقيّة.
إنّ العدالة للشهداء يجب أن تكون أولوية أساسية في العهد الجديد. فلا يمكن لأي مجتمع أن يحقق الاستقرار أو التقدم إذا كانت العدالة منقوصة وغير متوافرة أو إذا كان القانون يتم تطبيقه بشكل انتقائي أو غير عادل.
اغتيال المعارضين أو مهاجمتهم ليس سوى حلقة في سلسلة طويلة من محاولات “حزب اللّه” ومن يدور في فلكه، لتقويض الصوت الوطني والمجتمعي الذي يطالب بالتغيير. لكن، رغم كل محاولات القمع والتصفية، تبقى أفكار هؤلاء حيّة في ضمير الأجيال المقبلة، وتظل إرادتهم شاهدة على أن الحق لا يموت بموت صاحبه. إن معركة المعارضين “الشيعة” تحديداً هي معركة طويلة الأمد، ليست مسألة فردية، بل هي قضية شعب مقموع يسعى نحو التغيير.