Site icon IMLebanon

قطار سلام منطلق بمن حضر

كتبت وفاء بيضون في “اللواء”:

في لحظة ظنّ فيها اللبنانيون ان قطار التسويات مضى باتجاه معالجة الملفات السياسية ذات الطابع الاستراتيجي إلّا ان مطب تسمية الرئيس المكلف للحكومة الجديدة فرمل أجواء التفاؤل بتجاوز القطوعات التي تعوّد عليها اللبنانيون في أزمنة الرؤساء السابقين.

قبيل انتخاب العماد جوزاف عون رئيسا للجمهورية في الدورة الثانية، كان كل شيء منسق ومرتب تبعا لما آلت إليه غرف التسوية والتفاهمات التي سبقت جلسة الانتخاب بأسابيع، على خلاف ما ظن البعض ان طبخة التاسع من كانون الثاني قد حصلت في الساعتين اللتين فصلتا الجلسة الأولى عن الجلسة الثانية، فثمة تقاطع حصل بين «الثنائي الشيعي» وقائد الجيش آنذاك مدعوما بجرعات إيجابية من دول «الخماسية» ولا سيما الثلاثية «السعودية، الأميركية، الفرنسية»، وهذا ما تجلّى بزيارات الموفدين، وخاصة معاون وزير الخارجية السعودي يزيد بن فرحان الى بيروت.

تقول المصادر السياسية المقرّبة من هذا الحراك: «صحيح ان باكورة ما اتفق عليه تفاهما شفهيا ووعودا قاطعة بان انتخاب الثنائي لجوزاف عون من شأنه أن يشكّل مدخلا مرنا لتسمية نجيب ميقاتي كرئيس للحكومة الجديدة وحينها اعتبرت الأطراف المتلاقية انها ستكون حكومة انتخابات إلّا ان زيارة ميقاتي لدمشق أسّست لأول صدع في الرغبة السعودية، واعتبر البعض انه وقع في كمين محكم نصبته الثلاثية الدولية للتحلل من التفاهم الأوّلي مع «الثنائي» لاعتبارات تتعلق بموقف السعودية من الإدارة الجديدة ذات الخلفية التركية رغم مباركة الرياض لمرحلة سوريا الجديدة بعد سقوط النظام».

وتتابع المصادر: «عندما وصل مسار التفاهم الى التنفيذ أقدم الثنائي لتحصين ما تم عليه من توافق بجلسة الساعتين ليأخذ الآخر جرعة الاطمئنان ويبدّل الورقة البيضاء بالتصويت المباشر لجوزاف عون وتأمين 99 صوتا من أصل 128 في الجولة الثانية وباستئثاره بأكثرية الثلثين المطلوبة للفوز بالرئاسة».

الى هنا كانت العملية تسير وفق الخطة بدليل ان «نواف سلام» الذي كان متواجدا في بيروت يوم الانتخاب، وبعده قد سافر الى «لاهاي» بعد ما استقى مما حصل ان لا حظوظ له في التسمية المتفاهم عليها ولا سيما ان المعارضة التي دعمت فؤاد مخزومي أرخت ارتياحا عند الطرف الآخر كونه لا يشكّل مرشح ينافس نجيب ميقاتي، وان كتلا نيابية عديدة لن تسمّيه وخاصة كتلتي «جنبلاط وباسيل» ومعهم تجمع نواب السنّة المحسوبين على ميقاتي والثنائي.

من هنا شكّلت ردّة فعل «الثنائي» ما اعتبرها البعض صدمة، والتي رافقت تسمية القاضي نواف سلام رئيسا مكلّفا بتشكيل الحكومة الأولى بعهد رئيس الجمهورية جوزاف عون ردّة فعل غطّت كل الملفات الأخرى التي يمكن أن تعرقل عملية التشكيل، فما هو علني اليوم هو موقف «الثنائي الشيعي» والمفاوضات التي يقوم بها مع رئيس الحكومة المكلف، لكن ذلك لا يعني أن سلام لن يعاني لإيجاد المخارج لملفات أخرى، وهذا يدلّ على ان قطار التشكيل ماضٍ رغم العراقيل والبلد لا يحتمل تعطيلا إضافيا وهذا ما عبّر عنه رئيس مجلس النواب نبيه بري «البلد بدو يمشي».

تكشف المصادر السياسية ذاتها أن الحكومة المنتظرة، ستكون الأولى بعد الحرب الإسرائيلية الكبرى على لبنان، وتبدّل وجه المنطقة، لذا يُفترض أن تُقارب المستجدات بنظرة مختلفة، أكان بالأسماء أو الملفات الملحّة وخاصة السياسة الخارجية المرتبطة بالمحيطين القريب والبعيد.

لذلك ترى المصادر ان انخراط «الثنائي» بات ضروريا في حكومة «نواف سلام» ولا سيما ان اللقاءات التي حصلت تبيّن ان حجم الفجوة بين الطرفين تقلّص وهذا ما سيفتح شهية المعارضة على توزير وازن يتماشى والمرحلة الجديدة آنفة الذكر.