كتب ريشار حرفوش في “نداء الوطن”:
يُعدّ تشكيل الحكومة رحلةً معقدة تتطلب توافقات سياسية دقيقة وسط مشهد سياسي متقلّب. تراوحت في السابق فترة التأليف بعد التكليف بين أيام قليلة وأشهر طويلة. ويعكس هذا التفاوت تعقيدات النظام السياسي اللبناني الذي يتأثر بالتوازنات. فهل تكسر حكومة نواف سلام الـScore، فتؤلّف خلال أيام وتصدر المراسيم مطلع الأسبوع المقبل؟
في ظلّ غياب آلية دستورية تحدّد المهل، لا وقت ملزماً لتأليف الحكومات اللبنانية وهو رهن طبيعة التوازنات السياسية والمطالب وهذا ما يحصل اليوم من شدّ حبال. وكشفت مصادر متابعة أن “الغرب كان واضحاً لجهة إنجاز التأليف قبل انتهاء مهلة تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار وهذا ما لم يحصل”.
وقالت عبر “نداء الوطن”: “سيعمد الرئيس المكلّف المتروّي في إعلان مسودة تشكيلته، إلى تقديم تشكيلة لا ثلث ضامناً فيها. وبالتالي، سيكون أمام الرئيس جوزاف عون المصرّ على إنجاز هذا الاستحقاق بأسرع وقت ممكن خياران: إما توقيع وإصدار مراسيم الحكومة وإما إعادة تكليف شخصية أخرى بعد اعتذار سلام”، بحسب ما جزمت المصادر.
وتشير المصادر نفسها إلى أن “بعض الكتل السياسية توافق بشكلٍ مبطن على اعتذار سلام إذا ضمنت تكليف شخصية أخرى لا تهادن الثنائي”.
وختمت المصادر: “على عكس ما يروّج البعض إعلامياً، لا شيء محسوم حكومياً، وحده اسم رئيس الحكومة هو المحسوم”، و”كل شيء باق قابل للتفاوض. وهناك أكثر من كتلة وازنة قامت بتسمية سلام في إثنين الاستشارات، لن تشارك في حكومة العهد الأولى وقد بدأت التلويح بالموضوع”. وعلم أن سلام رفض إعطاء مواعيد لبعض الكتل في الأيام الماضية.
وبحسب معلومات دبلوماسية: سبقت زيارة سلام الأخيرة إلى بعبدا سلسلة اتصالات طلبت من بعض الكادرات المهنية والتي نجحت في عملها اللبناني الـ “CV” الخاص بها لجعل الكفاءة المعيار الأول في عملية التوزير”. وقالت: “الحديث اليوم بات عن تشكيل حكومة كفاءات لا تستفز السياسيين على أن تكون مستقلة عن الأحزاب إلى حدٍ كبير”.
أبرز المحطات: حكومات بسرعات مختلفة
لكي نفهم كيف تتشابك الخيوط السياسية مع مسار التأليف، إليكم أبرز محطات تشكيل الحكومات اللبنانية في السنوات الـ10 الأخيرة.
نجيب ميقاتي الأولى (2005): كلّف ميقاتي في ظرف سياسي استثنائي بعد اغتيال الشهيد رفيق الحريري بـ57 صوتاً وشكّل حكومته خلال 50 يوماً في عهد الرئيس إميل لحود.
فؤاد السنيورة الأولى (2005): استطاع السنيورة تشكيل حكومته في وقت قياسي (20 يوماً)، ما جعل ولادة حكومته الأسرع في تاريخ لبنان الحديث.
تمام سلام (2014): عكس تشكيل حكومته تعقيدات النظام اللبناني. فقد استغرق تأليفها 315 يوماً، وكانت فترة ولادتها الأطول في تاريخ البلاد، تحت رئاسة ميشال سليمان.
حكومات في ظل أزمات متفاقمة
في السنوات الأخيرة، تفاقمت الأزمات السياسية والاقتصادية، ما انعكس على سرعة التأليف. حكومة سعد الحريري الثالثة (2019) تطلّب تأليفها 8 أشهر. بينما ولدت حكومة حسان دياب (2020) أسرع نسبياً خلال 33 يوماً، نظراً للضغوط السياسية والاقتصادية التي فرضت نفسها.
أما حكومة تصريف الأعمال الحالية، فقد تم تكليف ميقاتي مجدداً لكن هذه المرة في نهاية عهد ميشال عون بـ72 صوتاً، وقد استغرق التأليف نحو 45 يوماً.
“المالية” أدّت إلى اعتذار الرئيس المكلف سابقاً
خلال السنوات العشر الماضية، اعتذر رئيسان مكلَّفان عن تشكيل الحكومة بسبب التعقيدات السياسية وهما : مصطفى أديب (أيلول 2020) بعد إصرار الثنائي الشيعي على وزارة المال، وسعد الحريري (تموز 2021) بعد 9 أشهر من تعثُّر مفاوضات الحقائب.
إذاً، مع استمرار التحديات السياسية والاقتصادية في لبنان، يطرح السؤال: هل سنشهد ولادة قياسية للحكومة، أم أن التعقيدات السياسية ستبقى عائقاً أمام التشكيل السريع؟ الإجابة في الساعات المقبلة!