IMLebanon

لماذا أورتاغوس؟؟؟

بقلم الدكتور جورج شبلي:

ما أضحكَني، حتى القرف، تصريحات جهابذة ما يُسَمّى بالممانعة، وهي مشلَّعة، مهزومة، فارغة من أيّ جدوى، فاستمرارُها الخَطير يُؤذي الوطن، بأنّ ما صرَّحت به ” مورغان أورتاغوس ” من على منبر القصر الرئاسي، هو تدخّل سافر بشؤون لبنان. وكأنّ ما كان يحصل، ولمّا يزل، من زجّ أنفِ ايران في المسائلِ المتعلّقة بالشّأن اللبناني الدّاخلي، هو نعمة إلهيّة، أو فيض من فوق أُعطيَ للوطن مسارًا مُخلِّصًا، أو هو نفحةٌ ربّانيةٌ يجبُ الترصّدُ لها للمنجاةِ والصّلاح !!!! …

إنّ ما قالته ” أورتاغوس “، هو، ببساطة، وضع اليدِ على الجرح، فالتخلّص من هيمنة حزب الله على البلاد، ليس سوى كّفِّ هذه الطّغمة المتسلّطة عن تَسَلّقِ الدولة، لنَشلِها، وليس سوى مَنجاةٍ للبنان ونظامِهِ، وبُنيتِهِ السياسية والاجتماعية والاقتصادية… من هنا، بدَت مبعوثةُ أميركا أكثرَ وَعيًا، ومعرفةً، بالشّأن اللبناني، على مستوى ترهّلِ الدولة، وسَحقِ مؤسساتها، واستبداد حزب الله بمقدّراتها وقرارها، وخطر وجودِهِ على الكيان والهويّة، والمستقبل، من أكثرِ العامِلين في الشّان العام، ومُصَفِّقيهم. لذلك، طالبَت، وبوضوح، بعدمِ استمرار ما يمارسُه الحزبُ من سَبْيٍ للوطن، وبالتالي، ضرورة إنهاء وجودِه المسلّح، فورًا، والذي يشكّل عاملَ استقواءٍ وترهيب في البلاد، بالإضافةِ الى التخلّص من الاستعمار الإيراني الإرهابي الذي عاثَ في الوطن فوضى، وتشلّعًا، واحتقانًا، وزجَّ البلادَ في حربٍ لا شأن له بها، وكان من نتيجتها الدّمار، والضّحايا، والقهر، والنّزوح، والتقهقر الاقتصادي…

إنّ ما قالَته ” أورتاغوس ” ينسجم مع المستجدّات السياسيّة، والأمنيّة الإقليميّة، فإذا أراد اللبنانيّون ” تَصقيعَ ” فتيلِ الانفجارِ في الدّاخل، فما عليهم إلّا التخلّص من مُشعِليه، أو من سَببِ وجودِه المعروف، فلا يتوهَّمَنَّ أحدٌ أنّ سياسةَ المسايرة، أو رَسمَ خارطة طريقٍ لإعادة اللّحمةِ بين شرائحِ النّسيجِ، بِغضِّ النّظرِ عمّا أتاهُ البعضُ المعروفُ من هذه الشّرائحِ من موبقات، وإجرامٍ، وتقويضٍ للدولة، واجتياحٍ لمفاصلِ السلطة، يمكنُ أن يُخرجَ لبنان من عُنقِ الأزمة، وينقلَه من جثّةٍ متكلِّسةٍ الى دولةِ العدالة، والقانون، والحضورِ العالمي.

إنّ ما قالَته ” أورتاغوس “، ليس، أبدًا، من العيارِ الثّقيل، كما جاءَ على لسانِ أركانِ الممانعة التي مُنِيَت بهزيمةٍ لمّا يزل هؤلاءِ يُنكرونها، إنّما يندرجُ تحت عنوانِ إنقاذ لبنان ممّا يتخبّطُ به، وما يتخبّطُ به ليس سوى وجودِ حزبِ المُستَورَدين، المُغرِضين، المؤامراتيّين، شَحيحي المؤونة الوطنيّة، مَشبوهي الأهداف، المستَقوين بسلاحٍ مرفوضٍ غيرِ مبرَّر، فارِضين واقعًا ميؤوسًا منه على النّاسِ لتطويعهم بالترهيبِ والتّخويف، مُحصِّنين بؤرةَ الفسادِ في البلادِ لأنّهم، مع المافيات، من أركانها…

إنّ ما قالَته ” أورتاغوس ” ليس وَعظًا ممجوجًا، إنّما هو إرشادٌ نُصحِيّ، يتضمّنُ أفكارًا قيّمةً، تعالجُ أهدافًا نبيلةً، وطنيّةً، مستقبليّة، نيّرة، وهو ليسَ، على الإطلاق، شبيهًا بما كان ” يُتحِفُنا ” به بعضُ مَنْ اعتبروا أنفسَهم هابِطين من ضِلعِ ” ارسطو “، ينقلون ما كلَّفَهم به الغَيب، بأسلوبِ النّصيحة. وبالتالي، لم تستبطنْ مبعوثةُ أميركا ما يجدرُ الكَشفُ عنه، ما يبيّنُ أهليّةَ النّاصح، ومقاصدَ النّصيحة، فهي لم تَحِدْ من الإيضاحِ الى التّمويه، ومن المُباشَرة الى الرمزيّة، بل عالجَت، ومن دون مواربة، الثّوابتَ الحقيقيةَ التي تشكّلُ مصلحةَ البلاد، بجرأةٍ مُلفِتة، داعيةً الشّعبَ الى رفضِ التّنازلِ عنها لتتمَّ مصادرتُها تحت أيّ شكل.

إنّ ما قالَته ” أورتاغوس ” هو رسالةٌ تُفصِحُ عن اهتمامِ الولايات المتّحدة، والمجتمع الدَّولي، بلبنانَ الحقيقيّ، لبنانَ الحريّات، والعدالة، والحضور الرّاقي، لبنانَ الأمانِ والسّلام، لبنانَ المتعافي من وباءِ الاستقواءِ والارهاب، لبنانَ الهويّةِ الحضاريّةِ الكارِزةِ     بالتمدّنِ، لبنانَ السيادةِ والكرامة، لبنانَ المعجزةِ والقيمةِ المُضافة في هذا الشّرق…

شكرًا أيتها السيّدة العظيمة…