IMLebanon

التماهي القسري مع مخطط “سوروس” أو جحيم شيطنتك!

كتبت مريم مجدولين اللحام في “نداء الوطن”: 

ليست المسألة في اتخاذ طرف بين مجموعتين تتراشقان الاتهامات السوداء فإما تُصوّر على أنك شيطان تدعم “لوبي المصارف” وإما تتموضع لاإرادياً وقسرياً، بالترهيب والترغيب، على الدفّة الأخرى من المخطط المكرّر والمأسوي لـ”لوبي سوروس” وأذرعه الإعلامية.

الأمر ليس بهذه البساطة

فكلّ الوقائع تنطق بأنّ مذبحة ضرب التقييم المالي العام للبنان هدفٌ في ذاته، وإعادة أموال المودعين هي الموضوع الرئيس الذي لن ينتهي إلا باستعادة الثقة بالليرة اللبنانية والميزان المصرفي، وهذا ما يتعارض عنده طرفان وإرادتان: لبنانية ممثلة بالاقتصاديين يمينيين أو يساريين، و”سوروسية” عند فريق الثري العالمي العابر للقارات جورج سوروس، مموّل “كلنا إرادة” و”الإعلام البديل” (بأسمائه المتعددة) غير الخاضع للمساءلة أو المحاسبة أو الاستجواب.

المموّل القدّيس وإعلامه الملائكيّ

وكما لا يصحّ منطقاً أن تُسبغ قداسة على السياسات المصرفية والنقدية القائمة منذ التسعينات في لبنان، لا يستقيم بداهةً أن يُنزّه عن المراجعة ملياردير، من القارة الأميركية كجورج سوروس، على مبدأ أنه صرف ملايين الدولارات، بطريقة مباشرة أو عبر شبكة تمويل وشخصيات منفردة أو مجهولة، على مجموعة “كلنا إرادة” السياسية التي دعمت وأهّلت وصول رجال ونساء سياسة إلى مقاعد وزارية، ويرعى بدولاراته منصات إعلامية بديلة كـ”درج” و”ميغافون” و”المفكرة القانونية” وإعلاميين متفرقين و”أن جي أوز” عدة، للّه تعالى بلا مقابل وبلا هدف.

فهل من الطبيعي أن يموّل سوروس منصات إعلامية بديلة وصحافيين وساسة وناشطين اجتماعيين وفاعلين سياسيين، فيكون مدخولهم التأسيسي والتشغيلي منذ ما سبق ثورة تشرين 2019 بأشهر، من جيبه حصراً، كثريّ عالمي جمع ماله من إفلاس مصارف مركزية عظمى كبنك إنكلترا؟

اعتبار سوروس غير اللبناني، وجهاً من وجوه رُعاة كفاح الشعب اللبنانيّ ضدّ الناهبين والفاسدين، ومجرّد داعم إنساني “قلبه كبير” يبعثر ثروته حُباً ببلاد الأرز، وصل بالصدفة البحتة منذ ست سنوات من انكشاف الأزمة النقدية في لبنان، وما تبعها من انهيارات اقتصادية ومعيشية واجتماعية، ليستفيد من إعلام يركز على مفاصل الضعف في دولة يحكمها السلاح غير الشرعي لـ”حزب الله”، وقضاءٍ غير مستقلّ، ويضيء على انعدام المحاسبة بهدف ضرب الصورة لا الإصلاح، وفضح المأساة لا التغيير… يُعدّ استخفافاً بالعقل ونوعاً من الخداع الممنهج المُركّز، لا بل ضرباً من الغفلة والثرثرة الفارغة.

أفلا يحق للمواطن اللبناني، أن يُدقق في أجندة إعلام سوروس و”كلنا إرادة”، من دون أن يُتهم بأنه “داعم للمافيا المصرفية” وبأن الشك برواية هؤلاء يُعدّ “تبريراً للأزمة الاقتصادية الأعنف في العالم التي يواجهها لبنان”؟ هل المواطن اللبناني المنهوب، مخيّر بين التماهي القسري مع مخطط “سوروس” وإعلامييه أو جحيم شيطنته؟!

شبكة ترهيب متراصّة

صحيح أن عمر جورج سوروس 94 عاماً وتقاعد في العام 2023، إلا أن ما امتهن فعله في بلدان العالم أجمع، لم يتبدّل مع ابنه ألكسندر الذي استلم عنه إدارة مؤسساته وثروة العائلة.

ولا يكون المراقب للمشهد اللبناني دونكيشوتياً، إن طرح الأسئلة على تمويله المشبوه لشبكة ترهيب متراصّة تقودها “كلنا إرادة” بلا هدف واضح مُعلن.

من زاوية مراقبة غير مبتورة، تعمل شبكة سوروس باحترافية وآلية واحدة ومتشابهة، كالآتي:

تطلق أموال سوروس يد صحافيين وإعلاميين ومحامين وموظفين أكفاء، نحو تفنيد الحدّ الأقصى من عملية فضح ممارسات المافيا والميليشيا، بما يُبرهن ويجعل من لبنان جنّة لاقتصاد الكاش وميداناً واسعاً لتبييض وتزوير الأموال وتمويل الإرهاب والتهريب والعبث، ومكاناً لا يصلح لا للاستثمار ولا يرقى لكسب الثقة المحلية والدولية.

لوبي ضغط متراص، كفوء، يُحاجج بالوقائع، يستهدف المطلوب، يغتال معنوياً من يقف في مواجهة المسار، يضغط على القضاء بمتابعات قانونية واحترافية، وتتواصل مقتلة الشعب اللبناني ومعاناته بعدما نُهبت أمواله العامة واحتُجزت أمواله الخاصة، وهنا تحضر الإنسانية المزيّفة، وتقترح الحل بسياسيين بديلين، ممولين لغاية في نفس الممول الأكبر وشبكته التي لربما، إن أحسنّا الظن، تجهل بالفعل سيرته الذاتية وتُبرر له من باب أن كل ما يُنشر غير مُلفق، بل شفاف ويندرج ضمن الحقائق…!

والمثل الأصدق الذي ينطبق هنا “من يدفع، يأمر”.

ليبقى السؤال: إذا لم يكن هذا السيناريو المُغطى بغلاف إصلاحيّ تغييريّ، يهدف لإيصال سياسيين بخدمة مصرفيين جدد، بعد إيصال لبنان للائحة السوداء لا الرمادية فحسب، فماذا تكون أجندة المموّل القديس إذن؟