جاء في “الراي الكويتية”:
يستعدّ الرئيس اللبناني العماد جوزف عون، لزيارة فرنسا في 28 آذار الجاري في ثاني محطةٍ خارجية له بعد المملكة العربية السعودية، وهما الإطلالتان اللتان تَعكسان الدور الذي تلعبه كل من باريس والرياض في احتضانِ «بلاد الأرز» التي بالكاد خَرَجَتْ من حربٍ مدمّرة لم تكتمل بعد شروط طيّ صفحتها «لمرة واحدة ونهائية» وتحاول شقَّ طريقٍ ما زال شائكاً نحو إعادةِ إعمارٍ، «موصولةٍ» حُكْماً بمسرح العمليات الميداني – السياسي الذي ازداد تعقيداً بعد فتْح «ابواب الجحيم» مجدّداً على غزة وانخراط واشنطن في عمليةٍ «حتى إبادة» الحوثيين، وتحفُّز تل ابيب لاستهدافٍ «مؤجَّل الى حين» لـ «الحشد الشعبي» في العراق.
وفي الوقت الذي «تقود كل طرق الجحيم» الذي فُتح إلى إيران التي تجد محورَها يتداعى «ساحة بعد ساحة» وسط حشْرها من واشنطن في زاويةِ «إما صفقة بشروطنا أو الضغط على زناد الحرب»، ورغم انهماك أوروبا بملف اوكرانيا ومحاولات «ضبْط» مساعي إخماد كرة النار فيها التي يقودها الرئيس دونالد ترامب بما لا يكشف «القارة العجوز» أمام روسيا التي «لا يمكن الوثوق بها»، فإنّ باريس ما زالت تولي الملف اللبناني اهتماماً مباشراً وخصوصاً أنها تضطلع بدورٍ في مواكبة اللجنة الخماسية العسكرية التي تحولت بمثابة «الناظر» لتطبيق اتفاق وقف النار مع اسرائيل (27 تشرين الثاني) والتي يتولى رئاستها جنرال أميركي وتشارك في مجموعة الخمس حول لبنان، وتعدّ لمؤتمرٍ تستضيفه لدعم الإعمار.
وفي وقت يوفد ماكرون، الذي زار بيروت بعد انتخاب عون لتهنئته، موفده جان – إيف لودريان إلى لبنان الثلثاء المقبل لاستكشاف ما في جعبة حكومة الرئيس نواف سلام في ما خص ملف الإعمار، لم يكن عابراً أن يكون الوضع اللبناني في صلب المحادثات الهاتفية التي أعلن الرئيس الفرنسي أنه أجراها يوم الاربعاء مع ولي العهد رئيس الوزراء السعودي الأمير محمد بن سلمان، الذي يدير مهمةً متعدّدة البُعد جعلت الرياض «صانعة سلام» عالمي من خلال تَحَوُّلها «ملتقى المتخاصمين» والساعين إلى «منصةٍ» لتضييق الفجوات بين المتحاربين، على غرار ما تقوم به بين روسيا والولايات المتحدة وروسيا وأوكرانيا، وأوكرانيا وأميركا.
وبحسب ما أعلن ماكرون، فإن المحادثات مع محمد بن سلمان حول «لبنان وسورية» انتهت الى تأكيد «أن فرنسا والسعودية تتشاركان الأهداف نفسها في شأن لبنان موحّد ويتمتع بالسيادة الكاملة، وسورية موحدة ومستقرة ضمن انتقال يشمل كل السوريين».
وجاء التوازي بين لبنان وسورية وفق ما عبّر عنه ماكرون في الوقت الذي سُحب نسبياً فتيلُ الانفجار على الحدود الشرقية مع سورية بعد انتشار الجيش اللبناني في بلدة حوش السيد علي (الهرمل) وبسط سيطرته على الشطر اللبناني فيها وانسحاب القوات السورية منها، في ظلّ مخاوف مستمرة من أن تبقى هذه الحدود منكشفةً على الصراع المتفجرّ في المنطقة والذي بات يتمحور في الحدّ الأدنى حول إنهاء النفوذ الإيراني في الاقليم وإعادة إيران إلى داخل إيران، وهو ما يعني عملياً تفكيك «قوس تمدُّدها» وصولاً الى لبنان عبر العراق وخصوصاً سورية وإبعاد «حزب الله» عن المناطق الحدودية مع «بلاد الشام».
ورغم التهدئة على الحدود الشرقية، فقد سجل أمس توتر بعدما تعرّضت جنازة الشاب مهدي خضر الحج حسن، الذي قضى خلال الاشتباكات الأخيرة، إلى إطلاق نار من مسلّحين سوريين في حوش السيد علي، وسط تهديد بدخول المنطقة.
وتزامناً مع التشييع، شهدت البلدة إطلاق نار وسقوط عدد من القذائف مصدرها ريف القصير السورية.
وكانت اللجنة الوزارية المكلفة درس التدابير الواجب اتخاذها لضبط الحدود ومراقبتها على اختلافها ومكافحة التهريب اجتمعت برئاسة رئيس الحكومة نواف سلام، وأكدت أنها تثمن «الدور الذي يقوم به الجيش اللبناني، في حماية أمن المواطنين» و«تعزيز إمكانات الجيش عتاداً وعديداً والتشدد في مكافحة التهريب، واعتقال المهربين، وإحالتهم على القضاء المختص».
كما قررت الطلب إلى وزير الدفاع الوطني «متابعة التواصل مع نظيره السوري لمعالجة الأسباب التي أدت إلى اندلاع الاشتباكات، أخيرا، ولمنع تكرارها، وذلك عبر تعزيز التنسيق والتواصل مع السلطات السورية لما يحفظ أمن البلدين وسلامة الأراضي والمواطنين».
وانطلاقاً من إستراتيجية الادارة المتكاملة للحدود، قررت اللجنة «ضرورة متابعة إجراءاتها التنفيذية من الوزارات والجهات المعنية، على أن تستكمل اللجنة عملها في اجتماع قريب، في ضوء الاقتراحات التي قدمها الوزراء المعنيون».
وفي موازاة ذلك، أفاد مسؤول قضائي لبناني بأنّ بيروت مستعدّة لتسليم أكثر من 700 سجين سوري من أصل أكثر من ألفين يقبعون في السجون اللبنانية المكتظة، في ملفّ شائك بين البلدين.
وقال المصدر الذي فضّل عدم الكشف عن هويته إنّ «هناك أكثر من 700 سجين سوري يمكن تسليمهم إلى بلادهم، بعد«إنجاز الملفات العائدة للمحكومين والموقوفين السوريين الذين يستوفون شروط تسليمهم».
وعقب زيارة رئيس الوزراء السابق نجيب ميقاتي إلى دمشق في يناير بعد إطاحة الرئيس المخلوع بشار الأسد، ولقائه الرئيس الانتقالي أحمد الشرع، أعلنت الخارجية السورية أنّه تم الاتفاق بين الجانبين على «استرداد كافة المعتقلين السوريين في السجون اللبنانية».
ويقبع في السجون اللبنانية أكثر من 2100 سجين وموقوف سوري، وفق مصدر أمني لبناني بينهم «1756 سجيناً في السجون الرئيسية، بينهم 350 صدرت بحقهم أحكام مبرمة، والباقون ما زالوا قيد المحاكمة»، يضاف إليهم «650 موجودين في مراكز التوقيف الموقّتة».
ويشكّل هؤلاء نسبة 30 في المئة من عدد السجناء في لبنان الذي تعاني سجونه أصلاً الاكتظاظ، بحسب المصدر الأمني.