تقرير ماريا خيامي:
أثّر التصعيد العسكري الإسرائيلي الأخير على لبنان، لا سيما استهداف الضاحية الجنوبية لبيروت مرتين في أقل من أسبوع، على قطاع السياحة في لبنان، الذي كان يعوّل على موسم الأعياد لاستقبال أعداد كبيرة من المغتربين والسياح العرب والأجانب. فقد أربكت هذه التطورات خطط العديد من المغتربين، الذين كانوا يستعدون لقضاء عطلة عيدَي الفطر والفصح في وطنهم، مما دفع البعض إلى إلغاء رحلاتهم خشية تفاقم الأوضاع.
ورغم أن حركة الطيران ما زالت مشابهة لما كانت عليه في العام الماضي، إلا أن التوقعات كانت تشير إلى موسم أفضل، خاصة بعد الانفراجات السياسية الأخيرة، ومنها انتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل الحكومة، وهو ما كان يعزز الآمال في انتعاش القطاع السياحي، غير أن المناكفات السياسية والتوترات الأمنية التي تصاعدت في الأيام الأخيرة أدت إلى تراجع هذه التوقعات.
وبحسب الأمين العام لاتحاد النقابات السياحية جان بيروتي، فإن الضربة الإسرائيلية عشية عيد الفطر دفعت عددًا لا بأس به من السياح الأوروبيين والعرب إلى تأجيل حجوزاتهم إلى لبنان، في ظل التخوف من احتمالات التصعيد.
ورغم ذلك، يؤكد بيروتي لموقع IMLebanon أن القطاع السياحي لا يزال يحظى بطلب جيد، وأن هناك أملًا بموسم صيفي واعد، لا سيما إذا نجحت الضغوط الدولية في ضمان استقرار الأوضاع الأمنية والسياسية.
وأشار بيروتي إلى أن نسب إشغال الفنادق تعكس حالة من الترقب، حيث تبلغ نسبة الحجوزات في الفنادق ذات الثلاث نجوم حوالي 70%، بينما تصل إلى 50% في فنادق الخمس نجوم، وهو رقم أدنى مما كان متوقعًا، ويعود ذلك جزئيًا إلى تراجع أعداد السياح القادمين من الأسواق العراقية والسعودية والأردنية والمصرية، وهي أسواق كانت تُعتبر أساسية في دعم القطاع السياحي اللبناني.
وأضاف بيروتي أن حالة القلق التي تسود في لبنان بعد فترة من الارتياح النسبي تؤثر سلبًا على قرار السياح، فالكثير منهم يخشى القدوم إلى البلاد خشية وقوع أحداث غير متوقعة قد تعيق حركتهم أو تحول دون عودتهم، ومع ذلك، لا يزال الطلب على لبنان موجودًا، خاصة من قبل المغتربين اللبنانيين الذين يفضلون قضاء العطل مع عائلاتهم في الوطن.
وأكد بيروتي أن القطاع السياحي يحتاج إلى بيئة مستقرة ليستعيد عافيته بالكامل، مشددًا على أهمية الاستقرار الأمني والسياسي لضمان تدفق الزوار واستعادة لبنان مكانته كوجهة سياحية مفضلة في المنطقة، وقال: “نعوّل على الضغط الدولي لضمان الاستقرار، فلبنان لديه كل المقومات ليكون وجهة سياحية ناجحة، لكن ذلك مرتبط بالهدوء السياسي والأمني”.
يبقى القطاع السياحي في لبنان واحدًا من أهم محركات الاقتصاد الوطني، لكنه يواجه تحديات متكررة مرتبطة بالوضعين الأمني والسياسي، ومع أن لبنان لا يزال وجهة مرغوبة لدى العديد من المغتربين والسياح، فإن استمرار التوترات قد يعرقل أي انتعاش مرتقب، ومع اقتراب موسم الصيف، يأمل العاملون في القطاع السياحي بأن تحمل الأسابيع المقبلة استقرارًا أكبر، ينعكس إيجابًا على حركة الزوار، ويعيد لبنان إلى خارطة السياحة في المنطقة بثقة أكبر.