IMLebanon

ذكرى 13 نيسان 1975… “تنذكر وقد تنعاد”!

كتب عبد الفتاح خطاب في “اللواء”:

مرة أخرى تمرُّ الذكرى الأليمة لأحداث 13 نيسان 1975 وما استتبعها من تدمير وويلات، وحروب أهلية وطائفية ومذهبية وعشائرية، وحروب بالوكالة، وحروب المصالح والسياسة والمكاسب.
تمرّ الذكرى، كالعادة، مروراً عابراً إلّا مما يستدعيه الحال من المواقف والكلمات والتصريحات الجاهزة المعلّبة المكرّرة.

ويبقى السؤال الكبير، هل أقدم اللبنانيون على تحليل أسباب وظروف الحرب الأهلية؟ وهل انتهت الحرب القذرة بالفعل؟ وعلى أي أسس انتهت وكيف؟

أغلب الظن أن ما حصل وما نعيشه هو محض فكّ اشتباك، وأن الأسلحة والقنابل والصواريخ والمتاريس قد استبدلت بسلاح المواقف والتجاذب والتنازع على المصالح والمغانم و«التمترس» خلف المذاهب والحساسيّات، وذلك بعد أن نال معظم أمراء الحرب صكوك البراءة والغفران.

إن مجرّد وجود مواطنين يترحّمون على أيام الحرب لهو دليل صارخ ومُفجع على مدى قساوة أوضاعهم وظروفهم الإنسانية، وبالتالي مدى هشاشة زمن «السلم»، كما أن الجدال الدائم على الهوية والانتماء، ومفهوم تحديد العدو والصديق، والنقاش المستفيض حول العيش أو التعايش المشترك، لهو مؤشر خطير يدلّ على أننا نعيش فترة «هدنة» فقط.

يبدو أن تاريخ لبنان هو تاريخ حروب تتخاللها فترات هدنة وفضّ اشتباك، وكان الأحرى بنا في هذه الحال، أن ننصبّ على معرفة وتبيّن وتبيان ما جرى، وأن نُعطي الأولوية لاستخلاص العِبَر الحقيقية وإيجاد حلول ناجعة نهائية وراسخة كي لا يتكرر الماضي، ولكي نقضي على أصل البلاء ونقتلعه من جذوره.
إن الحرب الأهلية التي «تنذكر وقد تنعاد» انطلقت شراراتها من عين الرمانة في حادثة البوسطة الشهيرة، وعلى ضوء ما يجري في هذه الأيام، يُخشى أن تنطلق الشرارة من أي حادث مهما صغُر أو كان تافهاً!

واقع الأمر أننا بمفاهيمنا الطائفية والمذهبية والمناطقية والعشائرية والمحاصصية، والأنكى تبعيتنا لقوى خارجية، لا نزال نغرق في أتون حرب أهلية صامتة، تأخذ أشكالاً مختلفة، ولا نزال نخوض معارك شتى لا تحتاج إلى «بوسطة» كي تفجّر الحرب الشاملة مرّة أخرى، بل يمكن تفجيرها بـسبب «موتوسيكل» أو ضربة كف، أو «بوست» على وسائل التواصل الاجتماعي… أو حتى خلاف على موقف سيارة… وقانا الله شرّ «بوسطة عين التبّانة» وأخواتها!

ليس بالتنكّر للماضي أو التعامي عنه نصنع مستقبلاً جديداً، ولسوف تلعننا الأجيال القادمة لما أقدمنا عليه من الإجرام والخِسّة حين تقاتلنا، ولسوف تلعننا أيضاً لما أقدمنا عليه من تكاذب وخداع حين «تصالحنا»، ولأننا لم نستخلص العِبَر والدروس مما حصل ونضع خريطة طريق للمستقبل!

ختاماً، وللأسف، واقع الأمر أن 13 نيسان ذكرى حرب لم تنتهِ… ولن تنتهي!