اليد الممدودة
أمس كان لبنان الحقيقي على طريق «بيت الشعب». كان لبنان الحقيقي هناك في مظهر متعدد يؤكد على هذا الإستنتاج من المهرجان الشعبي الضخم الذي أقامه التيار الوطني الحر، على مداخل القصر الجمهوري، في ذكرى شهداء 13 تشرين 1990. من وجوه لبنان الحقيقي، رجال الدين من مختلف الطوائف يشاركون في تأدية صلاة كل على معتقده، ولكن جميعهم من أجل لبنان، هذا البلد الفريد في تنوعه. والخطاب السياسي الوحدوي الذي تميّزت به المناسبة. والأهم… «شعب التيار» الذي بدا وكأنه شخص واحد يتحدّث بالسلام الأهلي وبالمساواة بين اللبنانيين جميعاً في الغنم والغرم كما قال العماد ميشال عون في خطابه. واللافت أن هذا «الشعب» جاء من أقاصي لبنان الى أقاصيه. لم تغب منطقة واحدة عن الحضور من النبطية الى زغرتا. ومن الشوف الى طرابلس. ومن جزين الى فنيدق. ومن بيروت الى بشري، ومن بيت شباب الى مزيارة، ومن المتن الى الهرمل، ومن زحلة منيارة (…). وهذا الحضور الواسع الذي غصت به الشوارع والطرقات والمعابر كان تحت «اختبار» البث المباشر، فإذا الكلمة تكاد تكون مماثلة في مداها الوطني الرحب والذي بدا أنه يخرج من القلوب وليس فقط من الحناجر التي تتغرغر به. في أي حال أن ثمة خلاصة يمكن التوقف عندها، بل يجدر التوقف عندها وهي أنّ ميشال عون قائد كبير وزعيم كبير إذ يكفي الإستماع الى إبن الأشرفية وبنت زحلة وإبن القبيات (…) وسواهم يتحدّثون، عبر المقابلات الفورية المباشرة، عن سعد الحريري بحب ومودّة… وهو ما استمعنا إليه في عشرات المقابلات. إنه سرّ الجنرال، هذا السرّ الذي يترجمه تجاوب القاعدة العريضة معه في الخيار الذي يتخذه مهما بدا غريباً و»فجّاً» أحياناً. ولنذكر أين كان المسيحيون قبل ورقة التفاهم مع حزب اللّه وأين صاروا في أكثريتهم بعد تلك الورقة. واليوم، وما أن تناهى الى المسامع في هذه القاعدة المسيحية العريضة أن الرئيس سعد الحريري قد إتخذ القرار (المبدئي) بدعم ترشيح الجنرال ميشال عون الى الرئاسة حتى بدأ البعض يرفع صور الشيخ سعد في منازله. إنه سحر الجنرال وليس فقط سرّه. والسؤال البدهي، والكبير هو: هل يتوقف هذان السرّ والسحر حيث هما على أبواب قصر بعبدا، فلا يدخلانه؟! كل شيء ممكن. ولكن يجب أن يكون واضحاً أن ما بعد ذكرى الشهداء اليوم ليس مثل ما قبلها. إن ما جرى أمس منعطف كبير. وليس ميشال عون وحده الذي كان ماداً يده، أمس، الى الجميع في سائر الأطياف اللبنانية، بل إن هذه القاعدة الشعبية الكبيرة هي التي كانت تمد اليد أيضاً الى الشركاء في الوطن. وهي فرصة تاريخية ليبقى لبنان الحقيقي… حقيقياً!. فحذار الخطوات الناقصة في التعامل مع اليد الممدودة.