يوم آخر أمضاه اللبنانيون بالقلق. يوم آخر عاشوه بالدقائق والساعات لشدّة إهتمامهم. وزاد في نسبة القلق ارتفاعاً، وفي بيان الحذر تصاعداً ما يرافق الحدث المركزي الذي هو استقالة رئيس الحكومة التي تقدم بها من المملكة العربية السعودية من شائعات وتركيبات وقصص وحكايات بعضها يدخل في باب الأساطير. هل ندعو الى عدم القلق؟!. نحن ندعو الى إزالة الأسباب التي تثير القلق الكبير. وفي طليعة هذه الأسباب أن يتم التفاهم (والتوافق أيضاً) بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري على المرحلة المقبلة… طبعاً من دون إهمال الأطراف الأخرى. إنما تحدّثنا عن ثنائية التفاهم والتوافق بين عون والحريري كون الأول رئيساً للجمهورية معني (حكماً ودستوراً) بالوضع المستجد وتطوراته المفاجئة من جهة وطنية أساسية، ومن دوره الدستوري، ومن اضطراره الى إصدار سلسلة مراسيم لن يكون ثمة مفر أو بدّ منها وهي تباعاً: مرسوم قبول إستقالة الرئيس سعد الحريري، ثم مرسوم تكليف الشخصية التي ستؤلف الحكومة (وهما المرسومان الوحيدان اللذان يوقعهما رئيس الجمهورية منفرداً) ومن ثم مرسوم التأليف. اضافة الى حتمية إجراء الإستشارات الملزمة التي يستقبل رئيس الجمهورية خلالها رؤساء وأعضاء الكتل النيابية كما النواب المستقلون. هل نحلم؟ هل نطلب كثيراً عندما ندعو الى هذين التفاهم والتوافق بين عون والحريري؟!. بل هل كنّا نبالغ عندما دعونا، أمس، وفي هذه الزاوية بالذات ( «المهجّرة» حتى يوم غد أيضاً من الصفحة الأخيرة الى ما قبلها بفضل الإعلان) (…) دعونا الى إعادة تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة الآتية، إلاّ إذا توافر إجماع على تشكيل حكومة تكنوقراط (وفي مختلف الحالات حكومة غير سياسيين، أو حكومة مستقلين) تشرف على إجراء الإنتخابات النيابية، حتى إذا ما أجريت العمليات الإنتخابية أفرزت نتائجها و»اللعبة السياسية» أيضاً أكثرية ترشح هذه الشخصية أو تلك لترؤس «حكومة العهد الأولى» باعتبار أن الرئيس عون لا يرى أن الحكومة المستقيلة هي حكومة عهده الأولى!. والناس قلقلة برغم التطمينات. لا نقول جديداً في هذا، ولا نكشف سراً. الناس قلقة، وإزالة أسباب القلق (ولا نقول – بعد – أسباب الخوف) تكون بداية بالإطمئنان الحاسم والنهائي بعد عودة دولة الرئيس سعد الحريري الذي يسجل له أنه كان قد إكتسب شعبية عريضة (على المستوى الوطني، وليس الفئوي) في مرحلة ما قبل الإستقالة. وإزالة القلق لا تنزل بقفّة من السماء، إن هي إلاّ الإحساس الذي يعيشه المرء في جوانيته. إنّ ما يدعو إلى حد من الإرتياح هو تحوّل قصر بعبدا الى خلية نحل أمنية – اقتصادية – مالية في سلسلة إجتماعات لا تتوقف يترأسها فخامة الرئيس ميشال عون إضافة الى القنوات المفتوحة، بين رئيس الجمهورية ورؤساء في بلدان خارجية بينها دولة أوروبية غربية معنية بالشأن اللبناني كثيراً نشطت بقوة، بعيداً عن الأضواء وفي الأقنية الديبلوماسية، منذ أن تقدم الرئيس سعد الحريري باستقالته… علماً أنّ الرجل يحمل جنسية تلك الدولة. وفي تقديرنا أن ما يزيل القلق نهائياً هو استئناف الرئيس الحريري نشاطه في رئاسة الحكومة.