أبراج «Sangars» وطائرات «86» لحماية الحدود اللبنانيّة ــ السوريّة إعادة احياء الخطة الأوروبيّة المستندة الى الـ1701 بدعم من «أصدقاء لبنان»
على وقع الاجراءات الامنية المشددة والضربات الاستباقية وعمليات الدهم وتعقب الانتحاريين، وآخرها في المزرعة والطريق الجديدة، التي نجحت في افشال المخططات المرسومة حتى الساعة، والحد من المخاوف والهلع من موجات ارهابية جديدة، عاد الى واجهة الاهتمامات ملف ضبط الحدود الذي يشكل احد ابرز مكامن الخلل لجهة منع تسرب السلاح والمسلحين والعناصر الارهابية والانتحاريين، لا سيما بعد اندلاع الازمة السورية وتعقيداتها وتداخلها مع الواقع اللبناني.
وفي السياق كشفت مصادر سياسية ان خطة مواجهة الارهاب تسير بالتوازي مع مشروع يجري العمل عليه بين الداخل والخارج لاعادة احياء لملف ادارة وضبط الحدود البحرية والبرية اللبنانية، الذي اثير عمليا في العام 2007 بعد صدور القرار 1701 في آب 2006 التي نص على منع تهريب الاسلحة الى لبنان واشتركت انذاك القوى الامنية اللبنانية المشتركة وقوات اليونيفيل المعززة المنشأة بموجب هذا القرار في تنفيذه كل ضمن مناطق معينة واستنادا الى برنامج تم وضعه على فترات حتى العامين 2008 و2009 وتوسع ليشمل منع تهريب الممنوعات كافة الى لبنان لا سيما السلاح والمخدرات والارهابيين الفارين من عدد من الدول العربية، وشمل ايضا اقامة منشآت على الحدود البرية مع سوريا شرقا وشمالا لضبط المعابر الحدودية وتنظيمها وتطويرها بمساعدة مالية وتقنية من الاتحاد الاوروبي لا سيما الدولة الالمانية، وانشئت آنذاك لجنة وزارية تهتم بالحدود والمعابر، ثم وضعت كل هذه المشاريع في الادراج.
غير ان مؤتمر الدول الداعمة للبنان ،الذي انعقد منتصف حزيران الماضي في روما، تضيف المصادر بهدف تأمين اكبر دعم دولي للمؤسسات العسكرية والامنية ولاستقرار لبنان، شكل مناسبة اضافية للبحث في الامكانات المتاحة لضبط الحدود حيث اعلنت بريطانيا عن تقديم مساعدات للجيش لاقامة ابراج مراقبة عند الحدود بهدف ضبط المعابر غير الشرعية ومراقبة حركة دخول السوريين الى الاراضي اللبنانية، في ظل المخاوف حينها من تطورات امنية منتظرة، نتيجة تفاقم الوضع السوري. خطوة كانت سبقتها بمدة،زيارة للمدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم الى بروكسل، عقد خلالها سلسلة اجتماعات مع مسؤولين امنيين اوروبيين، اندرجت تحت اطار «ادارة الحدود بطريقة علمية»، حيث نوقشت التقنيات الواجب استخدامها لتحقيق الاهداف المنشودة.
وتكشف المعلومات ان المشروع يتم بالتعاون مع الاتحاد الاوروبي الذي اوفد الى لبنان اكثر من مسؤول اجروا معاينة ميدانية للحدود الشمالية والشرقية، حيث تضبط في المرحلة الاولى المعابر الشرعية من خلال تطوير استراتيجية ادارتها واستحداث وتطوير التقنيات ومكننة الاجهزة بما يمكن الامن العام والجمارك من تسهيل اجراءات الدخول من جهة والتواصل السريع مع المراكز الرئيسية لتوفير كامل المعلومات المتصلة بهوية الداخلين والخارجين من والى لبنان من جهة ثانية الى جانب رصد الممنوعات والاسلحة والمعابر الشرعية العريضة، العبودية، القاع، المصنع، ومعبر البقيعة في منطقة وادي خالد. اما المرحلة الثانية فتختص بالمعابر غير الشرعية حيث يبدو امر ضبطها اكثر تعقيدا نسبة للمساحات الكبيرة الممتدة على طول الحدود بين لبنان وسوريا خصوصا ان الامر يحتاج الى تعاون امني بين الدولتين السورية واللبنانية يتعذر تأمينه راهنا اضافة الى العامل الجغرافي الذي يعيق عمليات المراقبة، فالحدود اللبنانية السورية تمتد بطول 260 كيلومترا فيها نحو 72 نقطة عبور بين البلدين وطرقات غير معبدة او طرقات في الجبال او حتى جسور صغيرة غير مجهزة ما يجعل المراقبة صعبة للغاية اضافة الى وعورة الحدود جغرافيا وتداخل الاراضي وعدم ترسيمها وتحديدها رسميا.
وبحسب المعلومات ،تمول الخطة كل من المانيا، التي كان سبقت وقدمت عددا من الآليات والمعدات الخاصة للقوة المشتركة، ايطاليا، هولندا، الدانمرك، كندا وبريطانيا، التي قدمت مساعدات عبارة عن سيارات رباعية الدفع من طراز لاند روفر نشرت على الحدود،فضلا عن الولايات المتحدة الاميركية.
واشارت المصادر ان هذه الابراج المحصنة ستعطي فوجي الحدود البرية، الاول والثاني، بالتعاون مع القوة الامنية المشتركة لضبط الحدود، فرصة السيطرة على الحدود واسترداد سيادة الدولة على مساحة من الاراضي اللبنانية تم التعامل معها كامتداد لسوريا. وعلم في هذا الاطار ان الحكومة البريطانية لبت طلب الحكومة اللبنانية للمساعدة، وقدمت أبراج المراقبة من طراز، «Sangars»، كالتي استخدمت في ايرلندا الشمالية والعراق وأفغانستان، يبلغ ارتفاعها 30 قدما، مزودة بنوافذ مضادة للرصاص وتقنيات متطورة من كاميرات مراقبة عالية الدقة واجهزة استشعار حراري تدار عن بعد، متصلة بغرفة عمليات مركزية، تتيح وضع العدد الاكبر من المعابر غير الشرعية تحت السيطرة الامنية وتطوير المعابر الشرعية بالتقنيات الكفيلة بربط معلوماتها بالمراكز الامنية الاساسية لتحديد هوية الداخلين والخارجين الى لبنان.
كما تشمل الخطة أيضاً اعادة تأهيل وتجهيز المعابر الحدودية بتجهيزات الكترونية وشاشات للمراقبة، وتدعيم وتدريب الجهاز البشري العامل فيها، وتفعيل المراقبة الالكترونية وبمشاركة المروحيات وسواها من الوسائل لإحكام السيطرة على المعابر البرية والبحرية وضبطها بصورة دقيقة، بغية منع أعمال التهريب على أنواعها، والتسلل غير المشروع بمختلف أشكاله وأهدافه.
وفي وقت لا يزال الغموض يسيطر على ملف تسليح الجيش ومصير الهبة السعودية، يتوقع ان يتسلم لبنان اول دفعة من 12 طائرة هجومية خفيفة اميركية الصنع، انهى طيارو القوات الجوية التدرب عليها،ذات مقعدين ومحرك واحد، تتميز بسرعة المناورة ،من طراز «86»، قادرة على استخدام القذائف الموجهة بواسطة اللايزر، التي اثبتت نجاعتها خلال حرب فيتنام ،لتشكل سرب اسناد جوي للقوات البرية، وتقديم الدعم المباشر، بعد تلقيه طائرتي «سيسنا» للمراقبة والتصوير الجوي مجهزة بصواريخ «هيلفاير» الهجومية، وعددا من الطائرات المروحية من طراز «يو.اتش يو 2»، وعددا من الطائرات من دون طيار.
بعد تأخير متعمد ومتكرر، ادرك المجتمع الدولي أن الدبلوماسية الوقائية تتطلب جهدا كبيرا من أجل دعم وتدريب وتجهيز القوى المسلحة اللبنانية، للمحافظة على لبنان ومنعه من السقوط في المستنقع، واظهار سلطة الدولة. فمهما اختلفت الآراء وتعددت يبقى الطرح الأهم هو تأمين آلية مراقبة دولية تساعد على ضبط عمليات التسلل والتهريب إما عن طريق تزويد القوى الامنية والعسكرية اللبنانية بما تحتاجه من معدات وتقنيات متطورة أو عن طريق الأقمار الصناعية فضلا عن ترسيم الحدود والتوصل الى اتفاق نهائي في شأنها.