Site icon IMLebanon

أزمة النازحين أخطر ما واجَهه لبنان… بالأرقام

هي من أكبر القضايا سخونةً، وبعدما خرجَت عن الإطار الإنساني، أصبحَت قضية النازحين السوريين قضية سياسية عربية وعالمية بامتياز، فيما يقف لبنان عاجزاً أمام تداعياتها من دون أن يكون للدولة المفكَّكة أصلاً أيُّ دور في تنظيم دخول النازحين وإيوائهم وتصنيفهم. وبعدما شرّع لبنان حدودَه، سبَّب هزّةً لشعبه واقتصاده وأمنِه ومجتمعه، تحت ضغط ما يسمّى بالأزمة السورية، لتغدو تلك الأزمة من أخطر ما واجهه الشعب اللبناني في تاريخه.

الدراسات الموثّقة التي أعدَّتها وزارة الشؤون الاجتماعية تفيد أنّ عدَد المخيّمات العشوائية في لبنان بلغَ الـ1000 مخيّم، في الوقت الذي تبقى الحدود السورية مع الأردن وتركيا مراقبةً، على عكس الحدود مع لبنان، علماً أنّ أيّ إغلاق مفاجئ للحدود من البلدان المجاورة سيُنتج أزمةً بازدياد عدد النازحين إلى لبنان، لينتجَ عنه تداعيات خطيرة، فيصبحَ ملفّ النازحين السوريين من أخطر ما تعرّض له الشعب اللبناني في تاريخه، وإذا لم يتوحَّد كلّ الفرقاء المتخاصمين في لبنان لعلاجِه سيجدون، وهم في قمّة انهماكهم في تقاسم الغنائم، أنّ البلد برُمَّته لم يعُد لهم».

آثار النزوح السوري

هذه الآثار وتداعياتها، بدأت تظهر في مختلف الأصعدة، وخصوصاً منها في الديموغرافيا، بعدما استضاف لبنان حتى اليوم أكثر من مليون نازح سوري عندما قرَّر اتّخاذ قرارات استراتيجية خطيرة ودقيقة، وشرّع حدوده، فيما لم تضع حكومة لبنان سياسة واضحة حتى الساعة تتعلق بطريقة إدارة ملفّ النازحين، لتعكسَ تلك الأزمة التداعيات الآتية:

في الديموغرافيا:

– بلغ عدد السوريين 1.040.322 بحسب المفوّضية العليا للّاجئين في 28/4/2014، أمّا العدد المسجّل لدى الأمن العام فقد بلغ 1.065 مليون.

يضاف إلى هذا العدد 13 في المئة من الذين يدخلون خلسةً، و51000 فلسطيني نازح من سوريا و41000 لبناني عائد من سوريا أيضاً.

– يبلغ عدد النازحين والوافدين المختلفين ما يزيد على 1/3 سكّان لبنان.

– ينتشر 63 في المئة من النازحين في شمال لبنان والبقاع، وهي مناطق الفقر التقليدية.

في الأثر الاقتصادي:

– تقدّر الخسائر الاقتصادية بـ7.5 مليار دولار ممتدّة بين عامي 2012 و2014.

– يتوقّع أن تتزايد أعداد الفقراء في لبنان من جرّاء هذه الأزمة بـ170000 شخص إضافي (ممَّن يعيشون اليوم بأقلّ من 4 دولار في اليوم).

– ستصل البطالة إلى 20 في المئة مع ازدياد عدد العاطلين عن العمل بـ324000 شخص معظمهم من الفئات الشبابية غير المتعلمة.

… والاجتماعي:

– تفشّي ظاهرة الدعارة بشكل كبير في مختلف المناطق اللبنانية، وتزايد الدعارة بين القاصرات، وتفشّي ظاهرة الزواج المبكر للفتيات.

– تزايد حوادث السرقة وظاهرة التسوّل وعمالة الأطفال وأطفال الشوارع، بحيث يقدّر عدد الأطفال المتسوّلين في بيروت بنحو الـ3000 طفل.

– تُبيّن معلومات المفوضية أنّ عدد الأطفال القاصرين والمنفصلين عن ذويهم بلغ 2300 طفل، وفق المعلومات الأخيرة.

أمّا عدد الأطفال المصابين بإعاقات فبلغَ 7840 طفلاً سورياً، وبلغ عدد الاطفال المهدّدين والمعرّضين للخطر أكثر من 155 ألفاً.

… والصحّي:

– معدّل الأسِرّة في المستشفيات في لبنان هو 3.5 لكلّ 1000 شخص، وقد تسبّبت الأزمة بزيادة عدد السكّان بـ30 في المئة من دون أيّ زيادة مماثلة في الطاقة الاستيعابية.

– نتجَ عن حركة النزوح ظهور حالات صحّية كانت اعتُبرَت منقرضةً في لبنان، مثل الحصبة (9 حالات عام 2012، ليزيد هذا العدد إلى 1456 حالة في تمّوز 2013).

– أما مرض اليشمانيا غير الموجود في لبنان فقد بدأ بالظهور وسُجّلت 420 حالة حتى تمّوز 2013.

– إزداد خطر انتشار الامراض المعدية والأوبئة بسبب ازدياد حالات الاكتظاظ السكّاني للّاجئين.

– الضغط على المستشفيات والمرافق الصحّية، بحيث يستعمل 40 في المئة من النازحين السوريين المرافق الصحّية، مع أنّهم لا يتجاوزون بعد الـ33 في المئة من عدد السكّان. وقد تسبّب هذا الضغط بـ:

– إرتفاع أسعار الأدوية بـ34 في المئة في منطقة البقاع.

– إزدياد حجم النفايات بنحو الربع.

إنتشار المخيّمات العشوائية:

– ينتشر حاليّاً أكثر من 1000 مخيّم عشوائي في لبنان، السواد الأعظم منها في البقاع والشمال.

– هناك تزايد في انتقال السوريين إلى المخيّمات العشوائية (12 في المئة عام 2013 و16 في المئة في آذار 2014) مع تناقص في نسبة السوريين المستأجرين لبيوت وشقق مشيّدة وقابلة للسكَن (67.4 في المئة إلى 57 في المئة).

– 62 في المئة من النازحين يدفعون الإيجار فرديّاً من عملهم (ما يعني تأكيد الحضور الكثيف في سوق العمل، أمّا بقيّة العائلات فيتشاركون الإيجار أيضاً من مردود سوق العمل).

– يمكث نحو 88 في المئة من النازحين في المناطق الموجودين فيها، وهناك نحو الـ12 في المئة ينتقلون من منطقة الى أخرى.

البعد السياسي والأمني:

من أخطر الآثار تلك التي تتعلّق بالأثر الأمني، بعدما تعاظم الاكتظاظ في السجون اللبنانية بالموقوفين السوريين، وهي التي تئنّ أصلاً من هذا الاكتظاظ وتداعياته، ليضاف عليها الموقوفون السوريّون فيزيدون الطين بلّة.

البعد التنظيمي

وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس وبعد دراسة أعدّها ضمن رؤية عملية لمعالجة تداعيات النزوح السوري (الجدول الرقم 1)، تحدّث في تقرير عن البعد التنظيمي، موضحاً في الجدول المرفق مع التحقيق أنّ ما يقارب الـ400 ألف نازح يأتون من مناطق بعيدة عن الحدود اللبنانية، وكان بإمكانهم اللجوء إلى تركيا أو العراق أو الأردن، ما يعني أنّ لبنان هو خيار وليس ضرورة لهؤلاء النازحين، لذا يجب الحَدّ من وصول المزيد منهم من هذه المناطق.

وبالنسبة إلى المخيّمات العشوائية، فقد تزايدَ عددها إلى 1205 مخيّمات على كلّ الأراضي اللبنانيّة، تأوي ما يقارب الـ150 ألف نازح من دون أيّ رقابة فعّالة من الدولة اللبنانية.

أمّا عن الاقتراحات العملية فيقول درباس في التقرير نفسه: «إنّنا في حاجة ماسّة للحدّ من دخول نازحين جدُد ولنزعِ صفة النازح عمّن لا يستحقّها، ويرتكز هذا التوجّه إلى الحدّ من النزوح مع الإبقاء على الطابع الإنساني لمقاربة هذا الملف. لذلك من الضرورة ربط النزوح بوتيرة المعارك في المناطق المحاذية للبنان في مرحلة أولى، ليتمّ على اثرها قياس تأثير هذه الخطوة محَليّاً على عدد النازحين وقدرتهم على الدخول من المعابر غير الشرعية، وذلك يحصل عن طريق:

– قياس الآثار السلبية والإيجابية في ردّات الفعل الدولية والمحلية لهذه الخطوة.

– وضع معايير يطبّقها الأمن العام للحدَ من الدخول.

– تطبيق معايير التحديد الجغرافي على الشكل أدناه:

1 – اللاذقية، حلب، الرقّة وإدلب: تركيا

2 – الحسكة ودير الزور: العراق

3 – السويداء، درعا وجنوب ريف دمشق: الأردن

4 – دمشق، حمص، حماة، بقيّة ريف دمشق وطرطوس: لبنان

تجاه هذا الوضع، وأمام خطر حدوث انهيار اقتصادي واجتماعي، وأمام القلق الكياني، وأمام تواني المجتمع العربي والدولي عن مدّ يد العون أو تقاسم الأعباء مع لبنان، هل تتَّخذ الدولة اللبنانية قرارات حازمة في ما يتعلق بمعالجة هذه الأزمة، ومنها قرار لا بدّ منه وهو إغلاق الحدود اللبنانية مع استمرارها بقبول الحالات الإنسانية، بعدما أدّت قسطَها في الموقف الإنساني، حتى لا يصبح لبنان مستوعباً، ولأنّ المستوعبات للبضائع وليست للبشر؟