Site icon IMLebanon

أسئلة..

 

ليس مفاجئاً موقف نوري المالكي الرافض للتخلي أو لتشكيل «حكومة إنقاذ وطني».. المفاجئ هو العكس لو حصل! بحيث إن «باني العراق الحديث» اختار بالأصالة عن إيران وبالنيابة عن نفسه(!) أن لا يتميز ولو بحرف واحد، عن مدوّنة أداء الممانعة من لبنان إلى سوريا، حيث المصلحة الخاصة تحكم وتتحكم بالمصالح العامة، بل لا «شيء» يعلو عليها، مهما كان ذلك «الشيء» دقيقاً أو حساساً أو مصيرياً أو فتنوياً أو كارثياً أو نكبوياً!

والتفصيل الجديد اللافت في موقف المالكي هو صيرورته مثل صنوه في دمشق بشّار الأسد، خاضعاً تماماً لموقف طهران من دون أي هوامش استقلالية تُذكر، حيث صارت معركة بقائه «حرب» إيران الثانية في العراق، مثلما أن معركة بقاء الأسد هي «حرب وجود ومصير» بالنسبة إلى «الجمهورية الإسلامية».

لا حدود للمبالغة والغلو والعتو في هذه «السياسة» الجامحة، والتي تعكس في حقيقتها وعمقها الطبيعة الأولى لـ«رؤية» إيران لأقوام غيرها حيث العداوة التامة هي العنوان ولا شيء غيره.

ما الذي يستدعي كل هذا الصلف؟ وما الدافع الذي يعطّل كل مجسّات التواصل في خطوطها الإسلامية العريضة والعامة؟ وما الذي يدفع إلى كل ذلك الاستبداد في رفض سلوك أي مسلك وسطي مع أقوام مجاورة على مدى التاريخ، في الجغرافيا كما في الدين؟ وما الذي يستأهل كل ذلك التغييب للمشتركات والأصول العامة وتلميع الفروع وكل تفصيل خلافي ووضعه في الواجهة؟ بل ما هي تلك المصالح التي لا تتحقق إلا إذا اشتعلت الفتن وطاف الدم وازداد الغليان في الكير والنفير؟ بل أي حكمة تلك التي تفتت دنيا المسلمين بهذه الطريقة في زمن العولمة الاقتصادية والفكرية وفي زمن معجزات الحداثة؟ وأي سياسة هي التي تفترض كل آخر عدواً؟ وكل مختلف عدواً؟ وكل متميّز عدواً؟ وكل خصم عدواً؟ وما هي الفتاوى والقراءات والاجتهادات والبلايا التي تجيز كل هذا الخراب والتدمير والسفك والهتك وترفض اعتماد أي توليفة تسووية.. وتذهب في المقابل إلى اعتبار كل معركة حرباً مصيرية وكل خلاف سياسي قصّة حياة أو موت؟ وما الذي يبرر كل هذا الجموح الأناني؟ وكل تلك العدائية الطافحة؟ وما هي المخاطر العظيمة التي تهدد إيران من جيرانها العرب كي تواجههم بكل هذا الجنون؟ وما هي هذه «الفرادة» التي لا تشعّ إلاّ بالويلات والنكبات والشحتار؟ وكيف يمكن أن تكون استعادة التاريخ لغير الاتعاظ من سقطاته، بل أن تكون سيبة لتدمير الحاضر والحواضر والتأسيس لآتٍ أمرّ وأشنع؟ وكيف تُساس الدول والمصائر بهذه الطريقة؟ كيف تسرح وتمرح لغة القطع والسموم والخناجر مع أشقاء وأهل رابطة دينية مُفترضة وتحضر لغة الوصل والجمع مع «غرباء» في الدين والدنيا؟ ولماذا كل هذا الشطط في العداء والأداء؟ لماذا كل ذلك الاستنفار والافتعال؟ لماذا تُهدر كل تلك الأرواح والثروات.. ولماذا كل ذلك الصخب التهويلي والتحريضي؟ ولماذا كل ذلك النبش في العدم؟.. أي عَظَمة متوخاة تبرر كل هذا الانحطاط وكل ذلك الخراب؟!

.. كيف يحصل أن يكون موقف الغرب (هذا الغرب الشرير المتآمر في عرف الممانعة) مؤيداً لجمع العراقيين ولمّهم في حكومة إنقاذ وطني.. وإيران ضد ذلك؟!