لم تفلح المساعي والوساطات الجارية على أكثر من جبهة داخلية وخارجية في كسر الجمود الناتج في تعطل كل الطروحات الآيلة الى تفعيل عمل الحكومة والمجلس النيابي، أو أقله الفصل بين الملف الحكومي والملف التشريعي، بعدما بات عمل الحكومة مرتبط بفتح البرلمان أمام التشريع، والا فان مصير الاثنين التعطيل.
واذا بات من الاكيد أن لا جلسة لمجلس الوزراء هذا الاسبوع على خلفية امتناع رئيس الحكومة عن توجيه الدعوة الى جلسة، فالأكيد أيضاً أن لا جلسة تشريعية كذلك في انتظار نضوج تسوية على الملف المالي.
ليس في الافق ما يؤشر الى امكان عقد جلسة حكومية الاسبوع المقبل، بحسب اوساط رئيس الحكومة التي تنقل عنه قوله ان الامور لا تزال تحتاج الى مزيد من البحث والاتصالات لكي تسلك الحلول طريقها.
ليست المسألة بالنسبة الى هذه الاوساط مسألة مالية أو عقدة الجامعة اللبنانية، بل هي أزمة سياسية تدفع نحو تعطيل السلطة التنفيذية في مقابل تعطيل السلطة التشريعية.
وتشير هذه الاوساط الى أن أكثر ما يقلق رئيس الحكومة هو الملف الامني الذي يجري رميه على الاجهزة الامنية في غياب السلطة السياسية التي من واجبها توفير المظلة لهذه الاجهزة لتقوم بعملها. وترى انه على رغم نجاح الاجهزة بكل مؤسساتها في القيام بعملها، يبقى الامر غير كاف في ظل الهجمة الامنية الخطيرة التي تواجهها البلاد. وعليه، تصف الاوساط الوضع بـ “غير المريح” و”المقلق”، نظرا الى انعكاساته على هيبة الدولة ومؤسساتها.
وقبل أسبوع من موعد جلسة الانتخاب التاسعة في 23 من الشهر الجاري، ترى أنه بات من الضروري العمل سريعا من أجل انتخاب رئيس جديد للجمهورية، مشيرة الى أن انجاز هذا الاستحقاق يسهّل الكثير من الامور ويفعّل الحياة السياسية بكل وجوهها، بدلا من اغراق البلاد في الفراغ المتمدد الى كل المؤسسات الدستورية.
وفي ظل انسداد الافق السياسي أمام أي مخارج محتملة للأزمة، يبدو أن الملف المالي يتجه نحو المزيد من التأزيم نظراً الى تمسك وزير المال علي حسن خليل بقوننة أي انفاق ورفضه اللجوء الى سلفات الخزينة لتغطية رواتب القطاع العام. علما أن موقف خليل ليس وليد الازمة السياسية أو سببها، باعتبار أن هذا الموقف يعود الى اربعة اشهر مضت، وقد ابلغه الى مجلس الوزراء ويقضي بابلاغ الوزراء رفضه الصرف على أساس سلفات الخزينة. وتفيد مصادر وزارية أنه لم يتم حتى الآن أي انفاق على أساس السلف.
وفي المعلومات أن تمسك خليل بموقفه يقابله رفض “تيار المستقبل” قوننة انفاق الرواتب، وهو الموقف الذي أعلنته كتلة “المستقبل” في بيانها الاخير عندما اعربت عن استعدادها للنزول الى المجلس للتشريع حصرا بمسألتين وصفتهما بالامور الضرورية: الاوروبوند ومناقشة موازنة 2014، أما مسألة الرواتب فقد حملت مسؤوليتها لوزير المال نفسه.
وهذا يعني أن لا رواتب لشهر تموز الجاري، علما أن هذا الشهر يصادف شهر رمضان، وقد اعتادت المؤسسات الرسمية دفع الرواتب قبل عيد الفطر. وسيشكل هذا الامر بندا ضاغطا في اتجاه تأزيم الخلاف الناشىء حيال مسألة قوننة الانفاق، تنسحب على الملفات الخلافية الاخرى التي لا يبدو أن افق الحل لها مفتوح، كما عبرت الاوساط الحكومية، مضيفة أن الافق حتى الآن مسدود وقاتم ولا يؤشر لمخارج قريبة!