Site icon IMLebanon

أوباما.. وأيزنهاور!

 

.. إذن، لا يزال الرئيس الأميركي باراك أوباما «يدرس» كيفيّة مواجهة «داعش» في سوريا، ولم يصل بعد إلى القرار المناسب مثلما فعل في العراق!

أي أنّ سياسته الأولى الخاصة بالوضع السوري لم تتغيّر، بل إنّ ما قاله بالأمس يكاد أن يكون تكراراً حرفياً لما سبق وقاله منذ اندلاع الثورة في منتصف آذار 2011، والذي لم تغيّر فيه وفي فحواه ومبتغاه كل الكوارث اللاحقة بالشعب السوري، وكل التأثيرات اللاحقة بدول الجوار السوري، وكل الانتهاكات الشنيعة لـ«حقوق الإنسان» التي ارتكبتها سلطة بشّار الأسد.. ثمّ كل النتائج السلبية التي أنتجتها تلك الميوعة المقصودة!

تكفي القراءة مجدّداً في ما قاله الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أمام المؤتمر السنوي لسفراء بلاده لتبيان مدى فداحة الخطايا التي ارتكبها «المجتمع الدولي»، أي الإدارة الأوبامية أوّلاً وأساساً إزاء الوضع السوري.. ممّا قاله هولاند (…) «واليوم بوسعي أن أقول لكم إنّ عدم التحرّك حينها، لمعاقبة الأسد على استخدام الأسلحة الكيماوية، لعب دوره في إيصال الإرهابيين إلى ما هم عليه الآن (…) ما زلنا نرى تداعيات عدم تحرّكنا حتى اليوم حيث يستمر نظام الأسد في سياسته القمعية ويزداد عدد اللاجئين يوماً بعد يوم فيما المجموعات الإرهابية تزداد نفوذاً. هذه هي نتيجة عدم تحرّكنا في الوقت المناسب».

والواضح أنّ هولاند لا يخاطب أحداً إلاّ الإدارة الأميركية ورئيسها. ولا يقرّع بصوت عالٍ بما فيه الكفاية، إلاّ تلك الإدارة ورئيسها. ولا يحمّل المسؤولية الأولى إلاّ لتلك الإدارة ورئيسها.. والواضح أكثر هو أنّ أوباما الذي تحدّث بعد ساعات من جواهر هولاند، أدار الأذن الطرشاء لذلك التقريع واستعار عادة النعامة.. وذهب لينام!

ما يراه هولاند، يرى مثله أوباما وأكثر.. ومع ذلك يصرّ على نهجه. وفي ذلك ما يدفع إلى الافتراض أنّ سياسة الانكفاء التي يعتمدها تكاد أن تنجح تماماً في إعادة إحياء الحرب الباردة بعد عقدين من انطفائها. ومن أوكرانيا إلى الشرق الأوسط! وذلك لا يمكن أن يكون تلقائياً وعفوياً بل مدروساً ومقصوداً (؟) وكأنّ آليات توليد وصنع القرار الأميركي موجودة شكلاً في البيت الأبيض والإدارات التابعة والمعنية، وفي الكونغرس بمجلسَيه، لكنها في المضمون موجودة في أماكن أخرى! في الأمكنة التي دفعت في منتصف الخمسينيات من القرن الماضي، رئيساً تاريخياً من وزن دوايت أيزنهاور إلى الصراخ في وجه أصحابها علناً «إنّ كل بندقية تُصنع، وكل سفينة حربية تُدشَّن، وكل صاروخ يُطلق، هو في الحسابات الأخيرة عملية سرقة للقمة العيش من فم الجياع ومن أجساد الذين يرتجفون من شدّة البرد ويحتاجون إلى الكساء».

.. في المحصّلة الواضحة حتى الآن، أنّ الانكفائية الأوبامية لم تؤدِّ سوى إلى إعادة الاعتبار لمنطق المواجهات والحروب.. ومصانعها!