Site icon IMLebanon

أوباما وعد بحماية الأقليات… ولبنان شريك ضدّ الإرهاب

خطف الأضواء أمس حدث تشكيل التحالف الإقليمي ـ الدولي للقضاء على «داعش»، ولم يسجّل أي حدث داخلي بارز، فيما بدأت الأنظار تتجه صوب سوريا والعراق مترقّبة ساعة الانطلاق في الحرب على «داعش» وما يمكن أن يسبقها ويرافقها من مواقف إقليمية ودولية جديدة، في الوقت الذي بدأت الحكومة تستعدّ لمواجهة تداعيات هذه الحرب على لبنان، عبر ضبط الوضع في منطقة عرسال، حيث فكك الجيش سيارة سوريّة مفخّخة بمئة كيلوغرام من المتفجرات، وكذلك ضبط النازحين السوريين في مخيمات على الحدود…

فقد استنهض خطر «داعش» الهمم الدولية والعربية، واصطف الجميع خلف قيادة الولايات المتحدة الأميركية في تحالف جديد استُثنيت منه روسيا وإيران وسوريا، وذلك للقضاء على الإرهاب المتمثّل بهذا التنظيم، والذي أحدث تحولاً لافتاً وتصعيداً في الموقف الأميركي، تمثّل بإعلان الرئيس باراك أوباما أنه سيجيز للمرة الأولى شنّ ضربات جوية في سوريا وشنّ مزيد من الهجمات في العراق، متعهداً في الوقت نفسه زيادة الدعم لـ»المعارضة السورية المعتدلة»، مؤكداً أنه «لا مكان آمنا لإرهابيي «داعش»، ومتعهداً أيضاً «ملاحقتهم أينما كانوا وتدميرهم من خلال استراتيجية شاملة ومتواصلة لمكافحة الإرهاب».

وبالفعل، أعلن مسؤولون في وزارة الدفاع الأميركية أن الولايات المتحدة ستبدأ بنشر قسم من طائراتها العسكرية في أربيل بكردستان العراق، تمهيداً لشن ضربات جوية على مواقع «داعش». وقال المتحدث باسم الوزارة الأميرال جون كيربي إن البنتاغون يريد «تقديم دعم جوي أكثر هجومية إلى قوات الأمن العراقية».

وفيما أعلنت بريطانيا أنها لن تشارك في ضرباتٍ في سوريا، سارعت موسكو إلى رفض توجيه أيّ ضربة لـ»داعش» داخل الأراضي السوريّة من دون موافقة دمشق أو قرار من الأمم المتحدة. واعتبرت سوريا أن أي عمل عسكري أميركي على أراضيها بلا موافقتها هو بمثابة اعتداء عليها، بينما شكّكت إيران في جدّية الائتلاف الدولي وصدقيته. أما المعارضة السوريّة فأعلنت دعم الخطة الأميركية، وطالبت بالتحرّك ضد النظام السوري.

في غضون ذلك، أكد اجتماع جدة أمس الإلتزام العربي ـ الأميركي بمحاربة الإرهاب، وقال وزير الخارجية الأميركية جون كيري في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره السعودي سعود الفيصل: «إنّ الدور العربي رئيسي في مواجهة «داعش»، وإن التعاون لدحرها يشكل نموذجاً يحتذى للتعاون الدولي ضد شرور المتطرفين، وتأمين الحياة الكريمة لأتباع الديانات والأقليات».

من جهته، أعلن الفيصل أن كل دول المنطقة «مصمّمة على القضاء على بلاء داعش الذي حلّ بها». وشدّد على «أهمية قطع التمويل ووقف تدفق المقاتلين للانضمام إلى هذا التنظيم، وضرورة التركيز على محاربة الفكر الظلامي الذي يغذّيه».

واعتبر أن اجتماع جدّة «يشكل فرصة جيدة لدرس ظاهرة الإرهاب والخروج برؤية موحّدة لمواجهتها عسكرياً واستخباراتياً، والتعامل معها من منظور استراتيجي كامل، ومحاربة الإرهاب في ليبيا وسوريا واليمن». في الموازاة، حضر لبنان في اجتماع جدّة، وأكّد بلسان وزير الخارجية جبران باسيل أنه شريك العالم في الحرب ضد الإرهاب».

إسرائيل

في غضون ذلك، اعتبرت إسرائيل «أن حركة «حماس» وتنظيم «القاعدة» و»داعش» و»بوكو حرام» و»حزب الله» هم جميعهم غصن من أغصان الشجرة السامة نفسها وتهدّد الإنسانية والسلام العالمي». وأكّد رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو «ضرورة محاربة هذه التنظيمات الإرهابية بالطريقة نفسها لأنها إذا حققت مأربها في مكان واحد، فستتمكن من تحقيقها في أماكن أخرى أيضاً».

مخيّمات تجريبية

وفي إطار التحوط من تداعيات الأزمة السورية التي قد تتصاعد حدتها في ضوء الحرب المقرّرة على «داعش»، أخذ مجلس الوزراء أمس علماً بمقرّرات اللجنة الوزارية المعنية بملف النازحين السوريين، وخصوصاً لجهة إقامة مخيمات تجريبية على الحدود الفاصلة.

وقال وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس لـ«الجمهورية» إن «هذه المخيمات ستضم عدداً محدوداً من النازحين بحدود 35 ألف نازح، ويتم درس إمكانية أن تكون بيوتاً جاهزة تتوزّع ما بين العبّودية وجديدة يابوس والمصنع في المنطقة الفاصلة، لكن ضمن الأراضي اللبنانية، وسيرفع فريق العمل المختص لي تقريراً مفصّلاً الثلثاء يتضمّن دراسة شاملة لهذه الخطوات من الجوانب كافة».

وأوضح «أن باسيل سيتصل بكل الدول المعنية من بينها سوريا بغية تسهيل العمل والتنسيق. كذلك سيتواصل مع المنظمات الدولية التي رأت أن هذا القرار يعود لنا كحكومة».

وفد إلى قطر اليوم

وعشيّة زيارة رئيس الحكومة تمام سلام إلى قطر الأحد، والتي تستمر يوماً واحداً للبحث في ملف العسكريين المخطوفين لدى «داعش» و»جبهة النصرة» في جرود عرسال، يتوجه إلى الدوحة اليوم عدد من أعضاء الوفد القيادي الأمني والإداري المكلّف بالترتيبات والتحضيرات اللازمة على كل المستويات السياسية والأمنية والإقتصادية، وما يتصل منها بالمساعدات المقرّرة لمواجهة آثار النزوح السوري إلى لبنان وانعكاساتها الإقتصادية والإنسانية قبل عقد لقاءات بعد غد الأحد.

وقالت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية» إن من بين أعضاء الوفد من سيعقد لقاءات تمهيدية تتصل بالوساطة القطرية الجارية في عرسال من أجل إطلاق العسكريين المخطوفين بعدما سبق أعضاء الوفد إلى قطر، الوفد القطري المفاوض الذي أمضى الأيام الأخيرة في عرسال وجرودها، إذ من المقرر أن تبحث في الدوحة آخر المعطيات المتصلة بهذه القضية وتطوراتها، علماً أنها المرة الأولى التي تناقش فيها المعطيات المتبادلة في هذه الوساطة منذ أن انطلقت قبل الحديث عن تكليف المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم إياها.

مواقف مرتقبة لعون

إلى ذلك، تترقب الأوساط السياسية المواقف التي سيعلنها رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون في حوار متلفز مساء الثلثاء المقبل، والتي تأتي عقب لقائه قبل أيام مع الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصر الله.

وعلمت «الجمهورية» أن عون سيحدد مواقفه من قضايا الساعة المطروحة داخلياً وخارجياً، وفي مقدّمها موضوع الإرهاب واستراتيجية واشنطن لمحاربة «داعش» والتحالف الدولي بقيادتها. وسيضيء عون على جوانب اجتماعه مع السيد نصر الله والمواضيع التي طرحت خلاله.

كذلك سيتناول ملف اللاجئين السوريين وإقامة مخيمات لهم، وملف الانتخابات الرئاسية ومبادرته القاضية بانتخاب رئيس من الشعب، والتي لم يلق بعد ردوداً رسمية عليها. وسيتحدث عن العلاقة مع تيار «المستقبل» وأسباب تعثرها، بالإضافة إلى موقفه الرافض التمديد النيابي والمشدّد على ضرورة إجراء الانتخابات النيابية في موعدها، علماً أن عدداً من نواب «التيار» قد تقدموا أمس بترشيحاتهم، وهم: نبيل نقولا، إبراهيم كنعان، ناجي غاريوس، حكمت ديب، يوسف خليل، زياد أسود. إضافة إلى عدد من كوادر «التيار».

وتجدر الإشارة إلى أن الترشيحات في وزارة الداخلية بلغت حتى أمس 83 مرشحاً، وأبرزهم وزير الاتصالات بطرس حرب، ووزير السياحة ميشال فرعون، وكان اللافت ترشّح النائب نقولا فتوش صاحب مشروع إقتراح التمديد للمجلس.

باولي لـ«الجمهورية»

وفي المواقف من الاستحقاق الرئاسي، قال السفير الفرنسي باتريس باولي لـ«الجمهورية» إنه «لا يُمكننا التدخُّل في الاستحقاق الرئاسي اللبناني، وليس لدينا مرشّح ولا «فيتو» على أحد. القرار عند اللبنانيّين، عليهم أن يجتمعوا حول إسم رئيس ليكون حجر أساس للمؤسّسات.

ونحن نشهد كلّ يوم نتائج غياب الرئيس في لبنان». واعتبر «أنّ انتخاب الرئيس ضروريّ فهو الخطوة الأولى لإعادة بناء المؤسّسات وإنعاشها. ونحن نشجّع جميع اللبنانيين على الحوار، ولن نأخذ مكانهم، فإذا كانت لديهم النيّة في انتخاب رأس السُلطة، فأعتقد أنّهم قادرون على فعل ذلك».

ورأى باولي أن اللبنانيين يمكنهم انتخاب رئيس في معزل عن المؤثّرات الخارجيّة، فإذا أجمع القادة السياسيّون على اسم رئيس، وأعتقد أنّ هذا مُمكن، فمَن سيرفض ذلك؟ على العكس أعتقد أنّ الضوء أخضر».

وإذ رفض باولي تحميل أي طرف مسؤولية عدم انتخاب رئيس جديد، قال: «أنا لست قاضياً لأحكم، وأعتقد أنّ المعادلة الداخليّة تسمح بانتخاب رئيس لو كانت الإرادة عند اللبنانيين قويّة».

وأوضح باولي أنّ السعودية وفرنسا «جدّدتا في الأيّام الأخيرة نيّتهما تسريع تنفيذ الاتّفاق لتسليح الجيش، وذلك خلال زيارة وليّ العهد السعودي الأمير سلمان بن عبد العزيز إلى باريس، علماً أنّ ملف تسليح الجيش مسألة مُعقّدة لأنّها الأولى من نوعها في هذا المجال، فليس لدينا مثالٌ سابق على اتّفاق من هذا النوع». (راجع صفحة 6 – 7)

أوباما والبطاركة

من جهة ثانية استقبل الرئيس الأميركي باراك أوباما وفد بطاركة الشرق لمدة 35 دقيقة، وشدّد أمامه على دعم الجيش اللبناني لقمع الإرهاب ومنع تسلله إلى لبنان، داعياً اللبنانيين إلى «الاتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية».

وقال البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي إنّ «اللقاء مع أوباما كان جميلاً»، مشيراً إلى أنه «فاجأنا بحضوره واستمع لبطاركة الشرق، وطرحنا قضايا معه منها الرئاسة الأولى ودعم الجيش اللبناني، ووعدنا بالسهر على حماية لبنان من كل تداعيات ما يجري في المنطقة».

ولفت إلى أنّ البطاركة شعروا بأنّ «أوباما يحمل همّ المنطقة، وخطر تنظيم «داعش»، ويريد أن يدعم المنطقة والأقليات من خلال خطة تحرك يعمل عليها»، لافتاً إلى أنّ «أوباما شدّد على أهمية عودة المسيحيين إلى بلداتهم وقراهم، ولكنّه لم يدخل في تفاصيل خطته لمواجهة داعش».

ورداً على سؤال عن انسحاب عدد من المشاركين من مؤتمر «الدفاع عن مسيحيّي الشرق» في واشنطن، أجاب الراعي: «لم نلمس أي تداعيات سلبية في البيت الأبيض حيال الموضوع». وتوجّه إلى كل من انتقد المؤتمر، قائلاً: «لا خوف من كل ما كتب وحكي، فالمؤتمر كان لدعم المسيحيين وقضاياهم، ولم يحصل أي خرق أو تشويش، كما أنّه كان ناجحاً وحقق مبتغاه في إيصال الصوت المسيحي إلى العالم».

وعن الانتخابات الرئاسيّة، شدّد الراعي على أنّه «لا يمكن لفريقي «8 و14 آذار» أن يستمرّا في هذا الشكل على سكّتين منفصلتين»، محمّلاً كل الطبقة السياسيّة مسؤولية عدم انتخاب الرئيس. وقال: «مأخذي على كل الكتل في لبنان أنّها متشبّثة بمواقفها حيال انتخاب الرئيس بلا حلول، وكنت قد ناديت بالمبادئ والثوابت، وما حصل في الانتخابات الرئاسيّة مخالفة صارخة للدستور، فالرئيس لم ينتخب ولم يحترم الدستور لناحية دور مجلس النواب الذي ينصّ اليوم على انتخاب الرئيس وليس التشريع».

ورداً على سؤال، قال: «لا نريد تغيير النظام اللبناني، ونفتخر بشكله الحالي، لكننا مع إضافة التحسينات عليه. لا تبحثوا عن لبنان ولا تُضيّعوه. لبنان موجود أمامكم بصيغته وتاريخه».

وأشار الراعي إلى أنّ «هناك من ينتظر الأمر من إيران أو السعودية لانتخاب الرئيس اللبناني، وثبت لنا أنّ مقولة «رئيس صنع لبنان» غير صحيحة»، معتبراً أنّ «عدم قيام أي مبادرة على الأرض لانتخاب رئيس يعني أنّ القرار ليس لبنانياً».

وعن الإحصاءات التي أجراها في شأن الانتخابات الرئاسيّة، قال الراعي: «نفرج عن الإحصاءات عندما تصل الطبقة السياسيّة إلى العجز التام عن انتخاب رئيس ووجود النية للانتخاب»، مؤكداً أنه «لا يمكننا الطلب من أي أحد الانسحاب من الانتخابات الرئاسيّة لأننا لا نعرف حجم أحوكان وفد البطاركة التقى مستشارة الرئيس الأميركي لشؤون الأمن القومي سوزان رايس، وسلّم المسؤولين في الإدارة الأميركية مذكرة تتعلق بأوضاع المسيحيين في الشرق، وما يتعرضون له من قتل وتهجير على يد المنظّمات الإرهابية.

وألقى الراعي كلمة، في إحدى قاعات مبنى الكونغرس الأميركي الذي استضاف مؤتمر «الدفاع عن مسيحيي الشرق»، دعا فيها الدول العربية إلى التحرّك قبل غيرها تجاه المآسي التي يتعرّض لها المسيحيون في الشرق. كذلك دعا المجتمع الدولي إلى التحرك سريعاً لوقف المجازر التي ترتكب في حقّ المسيحيين.

وطالب الراعي المجتمع الدولي باتخاذ الإجراءات التي تهدف إلى «تحرير القرى المحتلة من قبل الدولة الإسلامية في سوريا والعراق. وتسهيل عودة النازحين إلى قراهم وبيوتهم في الموصل وسهل نينوى. وإيجاد منطقة آمنة وضمان سلامة هؤلاء الناس بالتنسيق مع الحكومة العراقية والكردستانية، لوقف تهجيرهم مجدداً والحؤول دون خسارة التراث الثقافي وإلغاء وجود المسيحيين من التاريخ.

ودعوة المجتمع الدولي للبحث عن الدول التي تدعم الحركة الإرهابية إن كان على صعيد تدريبهم أو إعطائهم المال ومنع المدارس والجوامع من نشر الفكر الجهادي». وشدّد الراعي في الختام على ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة، «فالتهديد يطاول اليوم سوريا والعراق وغداً واشنطن ولندن وباريس.