Site icon IMLebanon

أوكرانيا تُشعل الحرب بين روسيا وأميركا.. وتستثني لبنان

أوكرانيا تُشعل الحرب بين روسيا وأميركا.. وتستثني لبنان

موسكو: التسوية السياسية في سوريا شرط لمكافحة الإرهاب

الحرب الأميركية الروسية الدائرة في أوكرانيا خطرة جدّا، ولا يمكن للشرق الأوسط أن يكون بمنأى عنها.

فمنذ اندلاع الحرب الأوكرانية، تبدّلت طبيعة العلاقات الدّوليّة وتراجعت فكرة العالم المتعدّد الأقطاب التي سوّقتها روسيا وحلفاؤها من دول «البريكس» والصين، بعد أن رفضتها الولايات المتّحدة الأميركية التي تتوخّى أن تبقى القطب الدولي الأوحد، ما فتح الساحة الدّولية على حرب باردة جديدة لم تتلمّس دول الشرق الأوسط مدى حدّتها بعد، نظرا لانشغالها بالإرهاب المتصاعد منذ الحرب التي أعلنتها «داعش» في العراق في 9 حزيران الفائت وتوّجت بإعلانها «الخلافة الإسلامية» في 29 منه، وصولا الى تهديدها حدود الدول الإقليمية، ومنها الحدود الشرقية للبنان في حرب عرسال في 2 آب الفائت.

ووفق تقارير ديبلوماسيّة وردت أخيرا إلى لبنان، فإنّ الروس في حالة استنفار شديد تجاه ما يسمّونه «الهجمة الإعلامية والاقتصادية الأميركية على موسكو»، والتي وصلت حدّ تشبيه أحد المسؤولين في كييف لروسيا بـ«داعش» وقيام أحد رجالات الاستخبارات الأميركية السابقين بالمطالبة بقتل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ما يشير في العقل الروسي الى قرار أميركي متّخذ على أعلى المستويات بتدمير روسيا، ورفضها المطلق كقوّة دولية مستقلة كما أرساها حكم الرئيس الحالي فلاديمير بوتين بعدما كانت لعبة في أيدي الأميركيين في الأعوام التي تلت تفكك الاتحاد السوفياتي.

في العقل الروسي إن الولايات المتحدة الأميركية لا تريد روسيا إلا قوّة من الدرجة الثانية تنحصر مهمّتها بتزويد أوروبا والغرب بالنّفط والغاز.

وبعد قيام الولايات المتحدة الأميركية بمحاربة روسيا عبر «الثورات الأوروبية الملوّنة» وتفكيكها ليوغوسلافيا، تريد اليوم فصل العلاقة بين أوكرانيا وروسيا كليا، سياسيا وأمنيا وحضاريّا، وتحقيق سلسلة أهداف من وراء هذه الحرب ليس أقلها خطرا تقوية حلف شمال الأطلسي «الناتو»، الذي باتت لديه أخيرا قواعد عسكرية جديدة في دول البلطيق وبولونيا، وإضعاف روسيا اقتصاديا بتضييق الخناق عليها عبر العقوبات الأوروبية الاقتصادية والمصرفية التي تفكّر أميركا بتدعيمها مستقبلا.

وتشير تقارير واردة من موسكو الى أن روسيا ترى في ما يحدث، انطلاقا من أوكرانيا وصولا الى الشرق الأوسط، حلقات مترابطة من استراتيجية أميركية ترغب بإضرام المشاكل الداخلية في الدّول بغية تحقيق الأهداف الأميركية بالهيمنة عبر إسقاط الأنظمة غير المرغوب فيها، ولعلّ النظام السوري هو أحد هذه الأنظمة.

لا تحالف لمحاربة الإرهاب

وبتحليل الإستراتيجيين الروس انّ احتلال الولايات المتحدة للعراق أدّى الى ولادة «داعش» فيه، أمّا محاولات إسقاط النّظام السوري فأوصلت الى انتشار الإرهاب «الداعشي» المتطرّف في سوريا والجوار اللبناني.

وبالرّغم من تراكم خطر الإرهاب واستثماره للتمزّق المجتمعي، فإنّ لبنان لا يزال محيّدا بصورة كبيرة بسبب نبذ الفئات اللبنانية كافّة للتطرّف. كما أن الأطراف الخارجيّة الأساسيّة، بما فيها روسيا وأميركا، لا تزال متفقة، بالرغم من تدهور علاقاتهما في الآونة الأخيرة، على الحفاظ على استقرار لبنان، وهذا أمر نادر في العلاقات الدّولية.

أما في سوريا، فإن الأمر مختلف، حيث لا يزال الأميركيون يجمّدون التسوية السياسيّة التي انطلقت في «جنيف1»، لأنّهم بالأصل لا يهتمّون إلا بتسوية تصبّ في مصلحة أهدافهم. أما بالنسبة الى الدعوة الأخيرة لنشوء تحالف دولي لمحاربة الإرهاب، خصوصا بعد صدور القرار 2170 عن مجلس الأمن الدولي، فإن الروس يربطون نجاح أي محور مماثل بالتسوية في سوريا، حيث تعتبر بنظرهم شرطا اساسيا في مكافحة الإرهاب بحسب بنود «جنيف1».

من هنا يشكّك الروس في فاعلية تشكيل ائتلاف دولي واسع لمكافحة الإرهاب، نتيجة ما يحدث في العراق، من دون إشراك ما يسمّونه «»النظام الشرعي السوري».

وازداد التشكيك الروسي بنوايا الأميركيين في مكافحة الإرهاب بعدما استشعروا تضايق واشنطن من المساعدة الروسية للعراق بالأسلحة والطائرات الحربية، وانزعاجهم من دعوة موسكو الى عقد مؤتمر دولي لمكافحة الإرهاب خاص بالعراق. وبرأي الروس، فإنّ نشاطهم غير مناسب للغرب، لذا تمّ التعتيم عليه في الصحف الأميركية والغربية بشكل عام، مع اتجاه معاكس لتضخيم المساعدات الأميركية والضربات العسكرية في العراق.

وإزاء تصاعد الحديث حول الائتلاف الدولي لمكافحة الإرهاب، تسأل روسيا عن كيفية نجاح ائتلاف مماثل من دون التنسيق مع النّظام السوري، وهو الطّرف الأساسي في مكافحة الإرهاب.

بنظر موسكو، فإنّ أي نتيجة لائتلاف مماثل تبقى غامضة النتائج في حال عدم التنسيق مع النّظام السوري، وفي ظلّ ازدواجية المعايير الأميركية الغربية في أوكرانيا وتشويهها للدور الروسي وإطلاق نعوت «الانفصاليين والإرهابيين» على السكان الروس لأوكرانيا، وذلك سينعكس سلبيا على التعاون الروسي الغربي في مكافحة الإرهاب في الشرق الأوسط.

لكن بالرّغم من التشكيك الروسي بالنوايا الأميركية، فإن موسكو لم تتوانَ عن الموافقة على القرار 2170، فلم تشهر سلاح «الفيتو» ضدّه ولم تساورها مخاوف من حرف القرار الدولي الصادر تحت البند السابع لأنّه يشير بدقة الى الأطراف الإرهابية.

في ظلّ هذه الحرب الأميركية الشعواء ضدّها، باتت روسيا تتطلّع بأهمية أكبر الى عدد من الحلفاء كدول «البريكس» والصين وسوريا، وحتّى لبنان و«حزب الله» الذي أثبتت الوقائع أنّ مشاركته في الحرب السورية لم تأت بـ«داعش» الى لبنان، لأنّ مشروع الخلافة الإسلامية قديم، وقد بدأت تباشيره في العراق حيث لا وجود لـ«حزب الله»، بحسب النظرة الروسيّة.