Site icon IMLebanon

أين ” توازن المجازفات”؟

 

 

لا نراه إحراجاً لـ”تيار المستقبل” او تحاملاً على “حزب الله” ان تثار نقطة محورية في جولات حوارهما الناشىء وسط شُح مبالغ فيه في عدم مكاشفة الرأي العام بحقيقة هذا التطور ونتائجه. هي النقطة المتعلقة بتوازن متعدد الجانب بين الفريقين الخصمين المتحاورين ولكننا نتعمد هنا التركيز على مسلمة حوارية اسمها توازن المجازفات التي لا نخال أياً منهما لا يدرك خطورتها في توجيه المسار النهائي للحوار ان أريد له فعلا ان ينجح.

 

ان أسوأ ما اصاب مفهوم الأمن في لبنان انه تمذهب وتطيف الى حدود الصاق اي اجراء بديهي تتولاه الدولة “بتنازل” سني او شيعي او درزي او مسيحي فيما غالباً ما يكون تنفيذ الخطوات الأمنية اقل الإيمان وأقل المبدئيات في واجبات الدولة البديهية بلا منة من احد وبلا تطبيل وتزمير لإنجاز ما تأخر انجازه لألف سبب وعلة. لذا لسنا مع تطبيع المفهوم القائل بان على “حزب الله” ان يقدم بسرعة تنازلات مقابلة لتلك التي قدمها تيار المستقبل في طرابلس وسجن رومية خصوصاً ان خبثاً شديداً يقبع وراء هذا الإيحاء. ولا يمكن ان نسلم ايضاً بان خطة امنية جذرية في البقاع الشمالي ستكون من ” الأفضال” العظمى التي سيمنّ بها علينا الحزب وسيكون علينا ان نرفع آيات التبجيل بتنازله للدولة عن “حق مشروع” متراكم ضمن فائض ترساناته. ان صدقية حوار كهذا لن تصبح حقيقة راسخة الا اذا حلت الدولة حلولا نهائيا في اي موقع وأي بقعة على قاعدة التنازل النهائي للدولة وليس لأي مكسب سياسي لاي كان.

 

ثم انه في الشكل والمضمون سواء بسواء لا نعتقد ان الاستمرار الضروري في جولات الحوار، ما دام انطلق، يحجب الأثر المدوي لشكوك اضافية اثارتها تصريحات الامين العام للحزب السيد نصرالله من موقع استمرار التفرد المطلق بقرارات السلم والحرب المتصلة بالواقع اللبناني والأجندة الداخلية والاقليمية لحزبه. لا نفهم فعلاً كيف يستوي حوار بالكاد بدأ بشق النفس بعد مدة طويلة من الخصومة والعداء على وقع ثبات بل وتصعيد النبرة المتصلة بهذه الاجندة الخاصة بحزب الله وكيف يساعد ذلك بدفع الحوار او بتحصين الشريك الثاني فيه وعدم إحراجه اكثر. ولا نثير ذلك من موقع تحريض اطلاقاً بل خوفاً على هذه المبادرة من منطلق لبناني صرف وتثبيتها كخطوة إستقلالية اكثر من ضرورية ولو لمجرد تعميم صورة الافرقاء اللبنانيين المتناقضين حول طاولة الحوار مهما كانت نتائجه. فاذا كان للشفافية التامة من مكان في جولات الحوار الجارية فإننا لم نرَ معادلة منطقية في تلك الازدواجية التي ترفع عناوين صارمة ومتشددة من جهة فيما تصدح آيات المرونة والتنازلات من الجهة المقابلة.