Site icon IMLebanon

أين علم لبنان؟

ممتعة الرياضة والروح الرياضية، وجميل أن اللبنانيين تهافتوا ليشجع كل منهم فريقه المفضل. لكن المؤلم ألا نرى علماً للبنان في غابة الأعلام، وسط عاصفة من الحماسة أحاطت المونديال، وظللت العديد من الاحتفالات على هامشه. وأعلام الدول المشاركة في المونديال غطت شرفات منازلنا وسياراتنا ومؤسساتنا، والعلم اللبناني نسيه حملة الاعلام، لكن بعض اللبنانيين، وربما أكثريتهم الساحقة الصامتة، يشعرون حيال ذلك بغصة، ويتذكرون أزمنة الأفراح اللبنانية الغابرة وأيام المناسبات الوطنية الجامعة.

فهل تكون لنا يوماً انتفاضة على الواقع المرّ الذي نعيش، انتفاضة ترفع شعار التغيير وانقاذ لبنان من كل وصاية خارجية بما يعيد الى علم بلادنا احترامه، والى نشيدنا الوطني قدسيته والى الحكم كرامته وسيادته وقراره الحرّ؟ هل يمكن أن نعود ونكون لبنانيين، قبل أي انتماء آخر سواء في لبنان وفي الخارج وعلى السواء؟

المرة الاخيرة رأينا المشهد المنشود في 14 آذار 2005. منذ ذلك الحين لم أرَ مشهداً مماثلاً يعيد الى شعبنا النبض بالعنفوان والقوة والفرح والثقة بالنفس وبالوطن. قد تكون الاحداث الدراماتيكية التي تتكرّر في لبنان منذ ثورة الاستقلال جعلتنا ننسى الثقافة الوطنية، التي دفع شعبنا ثمنها الألوف من الشهداء، سياسيين واعلاميين، وعسكريين ومدنيين دفاعاً عن الوطن حتى الاستشهاد. ولعلّ هذا التناسي وتقديم مصالح الخارج على مصلحتنا الوطنية، أديا الى حال البؤس والانقسام واستضافة النعرات الطائفية والمذهبية والمناطقية القاتلة.

وفي جانب آخر من مشهد الاندفاع في تأييد فريق لكرة القدم ضد فريق آخر، ظهر التعصب الأعمى ورفض الآخر والاستعداد للتقاتل على رغم كون الافرقاء المتبارين جميعاً لا يمتّون الينا بصلة قربى.

هكذا بدا الانقسام بين اللبنانيين حول الفرق الاجنبية شبيهاً بانقساماتهم ما بين 8 و14 آذار، وما بين الطوائف والمذاهب، وذلك عبر التحديات والاستفزازات والنكايات التي أخذ البعض يتبادلها في وسائل التواصل الاجتماعي في مشهد لا يمت الى الرياضة وروحها وتقاليدها بصلة.

في مقابل هذا الغضب والاستفزاز والكراهية، برزت على أرض البرازيل ثقافة مختلفة، ثقافة المنافسة الحقة وتهنئة الرابح، على رغم الأعصاب المشدودة والهزيمة القاسية. هناك يسود احترام الآخر وقبول الربح والخسارة بالتواضع والهدوء، وهنا نرى بخجل مشهد المواجهة التي وقعت في أحد ملاعبنا بين جمهوري الرياضي والحكمة.

فهل يبادر المسؤولون عن الرياضة في لبنان، الى إيلاء التثقيف الرياضي بعض الاهتمام، والتوعية على ان أرض الملاعب هي للتنافس الراقي وليست ميادين قتال وعنف وتنفيس احقاد؟