Site icon IMLebanon

أي معنى لمبادرة نصرالله… وقد تجاهل عودة الحريري؟!

مرّت الذكرى السنوية الثامنة لـ «حرب تموز» على لبنان هذا العام بقدر قليل من الإهتمام الرسمي والسياسي والشعبي… ولولا الكلمة المتلفزة للأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله، في المناسبة التي تقاطعت مع العطلة الرسمية لعيد «إنتقال السيدة العذراء» لكانت هذه الذكرى عبرت وكأن شيئاً ما لم يكن…

هي رسالة لـ «حزب الله» ، ولا شك في ذلك… فمنذ الساعات الأولى للعدوان الإسرائيلي على لبنان في تموز العام 2006، إنقسم الأفرقاء اللبنانيون حول هذا العمل العدواني المبيت، على نحو غير مسبوق، ما تزال أثاره قائمة حتى اللحظة…

وبعيداً عن القراءة التاريخية التي أفاض فيها السيد نصرالله، حول التحضيرات الصهيونية لانتزاع فلسطين من أهلها، وهي كانت مقدمة لتبيان «خريطة طريق» لمواجهة التحديات والمخاطر التي تشهدها المنطقة العربية اليوم والمتمثلة بـ «الفكر التكفيري والأنشطة الإرهابية» لـ «داعش» وأخواتها كما وللخروج من المأزق الذي آل إليه الوضع في لبنان….

ليس من شك في أن المنطقة العربية، وتحديداً «المشرق العربي» المعروف تاريخياً بـ «الهلال الخصيب» تمر بمرحلة دقيقة وبالغة الخطورة، فالمسألة تجاوزت حدود إسقاط نظام هنا، ونظام هناك، والإتيان بانظمة جديدة، الى ما هو أخطر من ذلك بكثير، يمس جوهر الجغرافيا – البشرية، والمكونات الإجتماعية، الدينية – الطائفية – المذهبية – الاثنية، من غير معرفة حقيقة البدائل… وإلى ما سترسو عليه…

في قناعة السيد نصرالله، التي يخالفه فيها كثيرون من الأفرقاء السياسيين في لبنان والمنطقة، فإن حرب تموز كانت جزءاً من مراحل أربع: سحق المقاومة، إسقاط النظام في سوريا، ضرب قطاع غزة، والتحضير للحرب على إيران وإسقاط نظامها، متحدثاً عن «مسار  تدميري لدول وشعوب وكيانات، لبناء خريطة جديدة للمنطقة»، معتبراً أن «عنصري هذا المسار هما إسرائيل  والتيار التكفيري، الذي كان أوضح تجلياته (تنظيم) «داعش» … الذي بات الخطر الحقيقي الذي يتهدد الكيانات والبيوت والعائلات والنساء والأطفال، بعدما بات هذا «التنظيم» دولة، ويحتل مساحة شاسعة في العراق وسوريا ويسيطر على منابع طاقة وانهار وسدود مياه، ولديه كميات هائلة من الذخيرة ويبيع النفط، وهناك من يسهل له شراءه ولديه عدد كبير من المقاتلين من الخارج جرى تسهيل سفرهم ويرتكبون مجازر بحث أناس لا علاقة لهم بالمعركة، إرتكبت بالدرجة الأولى بحق السنّة من دون أن نحكي عن المسيحيين والأيزيديين..»؟! ليخلص الى مناشدة العرب الى وضع العصبية جانباً والتأكد  من أن هذا خطر على الجميع….والى مناقشة السبل لكيفية مواجهته…

في منهجية البحث عن جواب ، أو أجوبة عن كيفية المواجهة، يطرح السيد نصرالله الجواب في صيغة أسئلة، متروكة للغربلة والتفحص الدقيق. فهل تكون المواجهة في الرهان على «المجتمع الدولي»؟ أين ولمصلحة من؟ ويسأل، هل تدخل المجتمع الدولي؟ هل سأل عن المسيحيين، هل مازلتم تنتظرون الأميركيين والفرنسيين والمجتمع الدولي؟ من تنتظرون؟ جامعة الدول العربية..؟!

جملة أسئلة قد يكون من الصعوبة بمكان الحسم فيها… والمسألة متروكة للخيار النهائي في كيفية المواجهة على «الإتفاق على ما أن يحصل هو «خطر داهم» أم لا؟! ليخلص الى دعوة الأفرقاء اللبنانيين الى «النقاش» (لم يقل الحوار)، وللتواصل ثنائياً وثلاثياَ» فالموضوع «ليس تصفية حسابات سياسية..»؟!

اللافت أن الرأي العام، وإذ كان ينتظر من السيد نصرالله، موقفاً من عودة الرئيس سعد الحريري الى لبنان، فإنه شعر بعمق الأزمة بين التنظيمين الأكثر نفوذاً وتأثيراً في بيئتيهما وفي الواقع اللبناني بشكل عام… فما معنى أي «نقاش» أو «حوار» ثنائي أم ثلاثي أم رباعي، إذا كان هذا النقاش سيقفز من فوق أكبر كتلتين شعبيتين وازنتين وحاضرتين في العديد من الأزمات المركبة، وتحظيان إقليمي ودولي ليس هيناً؟!

بصرف النظر عن التبريرات التي قد تكون حاضرة، فإن تجاهل السيد نصرالله وعودة الحريري، بل والترحيب به كشف كم أن لبنان بحاجة الى «وسيط نافذ ومؤثر»، والجميع يعلم أن الدعوة الى النقاشات والمصالحات بين المناطق التي شهدت توترات مذهبية في السنوات الماضية، تبقى من دون معنى، إن لم تحصل عملية كسر الجليد بين «المستقبل» و «حزب الله» وتسييله وتفعيل إيجابياته على أرض الواقع… وإن كان البعض يبرر هذا «التجاهل» بأن «الظروف لم تنضج بعد..»؟َ

وهي «حجة أقبح من ذنب»، طالما الجميع متفقون على أولوية معالجة الإحتقان المذهبي، وتعزيز المواقف التي من شأنها قطع الطريق على التطرف والإرهاب الذي كاد أن يدخل البلد في نفق خطير، بعد أحداث عرسال الأخيرة، وما يحكى عن خطط مواكبة لاندفاع «المسلحين المتطرفين» الى غير منطقة من لبنان.

إذا كان «حزب الله» يرفض «داعش» وأخواته، و»النصرة» وأخواتها، فإنه من غير المنطقي تجميد كل شيء، بانتظار ما ستؤول اليه التطورات الإقليمية، خصوصاً بعد «الإنقلاب» الذي شهدته الساحة العراقية وشبه الإتفاق الدولي والإقليمي، وتحديداً الإيراني والسعودي»، على الإطاحة بنوري المالكي… فللبنان خصوصيته، ومن غير المنطقي ربط كل شيء بالعامل الخارجي، أياً كان هذا العامل، وتمسك السيد نصرالله بـ «النقاش» لا يعفي المسؤولية في المبادرة تجاه الحريري الذي بدوره يعرف بدقة أن رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة…؟! وقد وضع نصرالله اشارات مرور تتمثل بدعم الجيش وكأولوية وتأكيد أنه ليس في يد «حزب الله» وإن الملف الرئاسي قراره في يد اللبنانيين ولا أحد ينتظر قراراً من الخارج.