إرباك أميركي: الإنتخابات السورية صفر ودعوة «حزب الله» وإيران للتعاون في حل الأزمة
كيري: الفراغ الرئاسي يهدّد الأمن والبرلمان والحكومة
عون في عين التينة ويقترب من المشاركة بجلسة السلسلة .. والتنسيق لإضراب عام الإثنين والثلاثاء
خارج وصف «لبنان بأنه بلد جميل»، وانه «مهم جداً لامن المنطقة وما بعد المنطقة»، فاجأ وزير الخارجية الاميركي جون كيري الاوساط الرسمية والدبلوماسية، باثارة نقطتين على درجة من الخطورة:
1- التخوف من ان يؤدي الفراغ في سدة الرئاسة الاولى الى تعقيد الامور بالنسبة للبنان والدول المجاورة، كما «سيعقد رد القوات المسلحة على اي تدخل، وسيؤثر ذلك على النسيج السياسي في لبنان في ظل هذا الفراغ».
2- توقع الوزير الاميركي ان يتصاعد التوتر السياسي في البرلمان وفي الحكومة.
وهاتان المسألتان ليست وحدهما التي اثارت المخاوف من تصريحات كيري، بل ايضاً «تحول لبنان الى منصة لاثارة الموقف الاميركي من سلسلة من القضايا الاقليمية والعالمية التي يسعى لبنان للنأي بنفسه عنها، ويترقب تفاهماً اقليمياً سعودياً وايرانياً للمساعدة على منع الانعكاسات الاقليمية على استقراره ووفاقه السياسي.
واذا كانت مصادر كل من عين التينة والمصيطبة، توقفت عند الشق المتعلق بالحكومة الفلسطينية الجديدة، ومن القضية الفلسطينية بشكل عام، فإن الخارطة التي رسمها كيري من بيروت لتطور الوضع السياسي في المنطقة من شأنها ان تطرح جملة من الاسئلة حول موقع لبنان على هذه الخارطة، بصرف النظر عن مضمون الرسالة التي ابلغها للرئيس تمام سلام من ان «الرئيس باراك اوباما ملتزم بدعم لبنان وامنه واستقراره»، فضلاً عن «دعم رئيس مجلس الوزراء في قيادته للحكومة اللبنانية، والتزامه بالمبادئ التي نتشارك حولها، والتحديات الكبيرة والمتواصلة».
وهذه الاسئلة:
1- من يقصد كيري «بالتدخل وتأثيره على النسيج السياسي في لبنان؟ هل يقصد تدخلاً سورياً في ظل استمرار النزاع بين نظام بشار الاسد والمعارضة السورية؟
2- وهل هناك معطيات جعلت كيري يتخوف من تصاعد التوتر في البرلمان والحكومة؟
3- وهل هو خطأ في الترجمة ان يعتبر كيري «حزب الله» دولة؟ وكيف يطلب من روسيا و«حزب الله» وايران المساعدة على ايجاد حل سياسي للازمة السورية، وفي الوقت ذاته يطالب بانتخاب رئيس جديد للجمهورية من دون تدخل، وكذلك تشكيل حكومة قوية من دون اي تدخل ايضاً؟
4- وصف كيري نتائج الانتخابات السورية بالصفر، وفي الوقت نفسه طالب بحل سياسي، فكيف يمكن ان يستقيم الامران، ومع من يجري الحل السياسي.
5- والتناقض نفسه ظهر في الموضوع الفلسطيني – الاسرائيلي, فكيف تكون الحكومة حكومة فتح و«حماس» وفي الوقت نفسه غير حزبية وتكنوقراط؟
وبين الواقعية السياسية وخارطة الطريق لدول المنطقة بدا الإرباك الأميركي على أشده، وظهر من الولايات المتحدة، بعد القرار الخطير بالانفتاح على حركة «طالبان» هي في طريق الانفتاح على «حزب الله» وحركة «حماس»، مما يعني تعديل لوائح الإرهاب في القاموس الأميركي، والدعوة للتعاون معها لمعالجة الاشكالات العالقة في المنطقة.
وفي هذا الإطار، كشف وزير مطلع علي بعض ما دار في اللقاء بين الرئيس سلام والوزير كيري، وهو خامس وزير للخارجية يأتي إلى لبنان، بأن ما بحث وقيل في الداخل شيء، وما أعلن في الخارج شيء آخر، وهو الأمر الذي أكده بيان المكتب الإعلامي للرئيس سلام والذي لاحظ أن مجموعة أمور تناولها وزير الخارجية الأميركية في مؤتمره الصحفي لم تكن من القضايا التي تناولها لقاؤه مع رئيس الحكومة، ومنها بصورة خاصة ما يتعلق بالعلاقات الأميركية – الاسرائيلية.
ونقل الوزير عن الرئيس سلام وصفه للزيارة بأنها «اكثر من مجاملة»، وهي دعوة لانتخاب رئيس يكون قادراً على قيادة البلاد، ودعم استقرار لبنان وحكومته. ولفت الوزير النظر إلى أن كيري الذي لم يتطرق إطلاقاً إلى أسماء مرشحين للرئاسة أراد أن يوجه رسائل من خلال مؤتمره الصحفي، أبرزها الحرص على ضرورة انتخاب رئيس يمارس صلاحياته كاملة، والتحذير من عدم اللعب بالبرلمان والحكومة، في إشارة إلى ما يعرف بالمصطلح اللبناني، تعطيل التشريع في المجلس والعمل الاجرائي في الحكومة، وهو الأمر الذي بات معروفاً وملموساً في المجلس أو في الحكومة.
وأكد مسؤول أميركي في الخارجية كان على متن الطائرة التي اقلت كيري من وارسو إلى بيروت: «كنا باستمرار داعمين جداً جداً للبنان. لبنان في وضع دقيق في مواجهة تحديات ضخمة أبرزها النزاع السوري».
وعلى الصعيد العملي، أعلن أن 51 مليون دولار ستخصص للنازحين في لبنان، من المساعدات الإضافية الأميركية ومقدارها 290 مليون دولار قدمت للأمم المتحدة لتمويل عملياتها في سوريا والدول المجاورة.
تجدر الإشارة الى أن زيارة كيري، التي لم يعلن عنها مسبقاً، استغرقت، مثلما اشارت «اللواء»، أمس، خمس ساعات كاملة، واقتصرت على لقاءات مع كل من الرئيس سلام في السراي، والرئيس نبيه برّي في عين التينة، وبينهما لقاء مع البطريرك الماروني بشارة الراعي في مطرانية بيروت للموارنة، نظراً لضيق الوقت المتاح له، وبسبب شغور موقع رئاسة الجمهورية الماروني.
وأوضح بيان صدر عن «عين التينة» أن «الحديث بين كيري وبري تناول الوضع اللبناني بشكل عام ووضع المنطقة، وأوضح موقف الولايات المتحدة من الانتخابات الرئاسية في لبنان وأن واشنطن لا مرشّح لديها ولا «فيتو» على أحد، كما ركز كيري على ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان».
عون في عين التينة
أما الحدث محلياً. فتمثل بنجاح نائب رئيس المجلس السابق إيلي الفرزلي بإقناع النائب ميشال عون بالمجيء الى عين التينة، للتباحث مع الرئيس بري في القضايا العالقة، لا سيما المشاركة في جلسات مجلس النواب وآليات اتخاذ القرارات في مجلس الوزراء الذي يمارس صلاحيات رئيس الجمهورية وكالة.
ووفقاً لمصدر التقى النائب عون بعد اللقاء، فإن ليونة ممكنة قبل جلسة الثلاثاء المقبل قد تؤدي الى مشاركة التكتل العوني في جلسة إقرار سلسلة الرتب والرواتب لموظفي القطاع العام، في وقت دعت فيه هيئة التنسيق النقابية الى إعلان الإضراب العام في الإدارات والمؤسسات العامة والمدارس يومي الإثنين والثلاثاء المقبلين.
وتوقّع عضو تكتل «الاصلاح والتغيير» النائب سليم سلهب في هذا الإطار لـ «اللواء» أن ينعكس لقاء عون – بري على المسار التشريعي في مجلس النواب وتسهيل الخطوات في اتجاه التوافق على موضوع رئاسة الجمهورية، بالإضافة الى تسهيل عمل الحكومة، مشيراً الى أن انطلاق الحوار بينهما يسهم في تذليل العقبات.
وإذ أشار الى أن المعطيات التي توفرت مؤخراً لا تدل على وجود حلحلة في موضوع انتخاب رئيس جديد للجمهورية، لم يستبعد أن يفضي لقاء عين التينة الى تطورات إيجابية، مؤكداً أهمية التركيز على إنجاز الاستحقاق الرئاسي باعتبار أن لا مشكلة في ما خص عملية التشريع، متوقعاً ألا تشهد الجلسة المقبلة لمجلس النواب والمقررة يوم الإثنين المقبل في 9 حزيران إنتخاب رئيس جديد.
أما مصادر عين التينة، فلم تشأ التعليق على زيارة عون، لكنها لاحظت أن رئيس تكتل الاصلاح والتغيير عكس في تصريحه بعد اللقاء مضمون المحادثات، من دون أن يستطيع حسم موقفه منها، نظراً للمزايدات الطائفية بين الكتل، ولا سيما في ما خص مقاطعة التشريع، والتي سبق للرئيس بري أن حدد موقفه المعلن منها.
وتوقعت المصادر أن يشهد اليومان المقبلان حركة مشاورات على أكثر من محور، من أبرزها تداول بين الرئيسين بري وسلام في خلال الساعات المقبلة.
ولفتت المصادر الى تصريح وزير الداخلية نهاد المشنوق بعد زيارته الرئيس بري، ولا سيما قوله بالنسبة لمسألتي صلاحيات الحكومة في ظل الشغور الرئاسي والتشريع، ناقلاً عن الرئيس بري قوله إن النص الدستوري فقط هو الذي يحكم العلاقة والآلية، سواء في مجلس النواب من حيث التشريع أو في مجلس الوزراء، من حيث ضرورة التصرف بأن مجلس الوزراء مسؤول عن كل اللبنانيين ويتخذ القرارات في الوقت المناسب، وبشأن كل القضايا التي تهم الناس دون انتقائية، ودون اتخاذ شغور مركز الرئاسة سبباً لتعطيل اي مؤسسة دستورية في البلد».
وميز المشنوق بين موضوع جدول الاعمال وتوقيع المراسيم، معتبراً ان المسألتين منفصلتان، فهناك آلية عمل لمجلس الوزراء وفق قاعدة دستورية ليست خاضعة للنقاش، وهناك آلية الوكالة عن رئاسة الجمهورية، وهذه المسألة فقط هي الخاضعة للنقاش، مؤكداً بأن رأي الرئيس بري في مسألة الوكالة هو الاحتكام الى النص الدستوري، لافتاً النظر الى وجود اجتهادات في تفسير الدستور، ولكن لا اجتهاد في معرض النص، فاذا كان هناك نص دستوري فإن الاجتهاد يكون كلاماً سياسياً.
وشدد على ان الشغور الرئاسي مشكلة كل اللبنانيين، وعليهم ان يتعاونوا لانهائه، ولكن ليس عبر تعطيل المؤسسات.