Site icon IMLebanon

إستعادة العسكريين: القطبة المخفية في تعليق المفاوضات .. والبدائل؟

إستعادة العسكريين: القطبة المخفية في تعليق المفاوضات .. والبدائل؟

اعتراض مسيحي على إقتراح عون .. وتخوف من إطالة الشغور الرئاسي

أين هي «القطبة المخفية» في تعليق هيئة العلماء المسلمين وساطتها في مفاوضات استعادة العسكريين المحتجزين لدى التنظيمات السورية المسلحة المنتشرة عند الحدود السورية المحاذية لجرود عرسال؟

وهل صحيح ان وراء تعليق الوساطة «مبدئياً» جاءت على خلفية ان الملف لم ينضج بعد، وانه «من المفيد افساح المجال امام اطراف اخرى لم تذكرها الهيئة، قد تتمتع بقدرة اكبر على تسوية هذا الملف»، وفقاً للبيان الذي اذاعه المتحدث باسم الهيئة الشيخ عدنان امامه، بعد زيارة قامت بها الى السراي الكبير، حيث اجتمعت الى رئيس الحكومة تمام سلام، وناقشت معه المعطيات المتصلة بملف العسكريين الاسرى، والمطالب التي نقلتها الهيئة من الجماعات المسلحة الى المسؤولين اللبنانيين، والعناصر التي طرأت على هذا الملف، والذي وصل الى نقطة لا توحي بإمكانية حدوث اختراق في هذه المرحلة؟

وتتحدث المصادر السياسية عن تعقيدات طرأت في الساعات الماضية، بعضها يتصل بالجمود السياسي الذي يعيشه لبنان، وبعضها الآخر يتعلق بحسابات سياسية تنفذ الى الملف الرئاسي وما يدور من تجاذب ادخله الفريق العوني كجزء من عملية عض اصابع، سواء في الحديث عن داعشية سياسية او تعديل الدستور، عبر اقتراح قدمه الى المجلس النيابي ويهدف الى انتخاب رئيس الجمهورية من الشعب، الامر الذي يعني، وفقاً لمصدر قيادي كبير في 14 آذار، امعاناً بالعبث بالوقت، واطالة متعمدة في الشغور الرئاسي.

ولم تخف قيادات مسيحية رفيعة المستوى، سواء في بكركي او في قيادتي حزبي الكتائب و«الاحرار» فضلاً عن الاعتراض الظاهر الذي عبرت عنه «القوات اللبنانية» تخوفها من ان يؤدي الاقتراح العوني الى «تدمير موقع الرئاسة»، على حد وصف الرئيس امين الجميل بعد زيارة البطريرك الماروني بشارة الراعي، مشيراً الى انه هو الذي اقترح انتخاب الرئيس من الشعب قبل 25 سنة، لكنه الآن (اي الاقتراح) يعطل المسار الرئاسي، ويعتبر «خيانة» لموقع الرئاسة في هذا الوقت.

وفي السياق عينه، اعتبر عضو الكتلة الكتائبية النائب ايلي ماروني لـ«اللواء» ان النائب ميشال عون اتحفنا بأنه يريد رئيساً قوياً يمثل المسيحيين، ولاحظ ان انتخاب الرئيس من مجلس النواب يكون مناصفة بين المسيحيين والمسلمين، وفي حال انتخابه من الشعب، تكون نسبة المسيحيين لا تتجاوز 25 في المائة ونسبة المسلمين 70 في المائة، ما يعني ان هذه النسبة هي التي أسهمت في ايصال الرئيس، وهنا أسأله: أين مبدأ المناصفة؟ واصفاً الاقتراح بأنه «غوغائي» وهدفه دغدغة شعور المسيحيين.

اما «القوات» فعهدت الى النائب فادي كرم (الاختصاصي بالملف العوني) إلى الرد على المؤتمر الصحفي الذي عقده عضو تكتل التغيير والإصلاح النائب إبراهيم كنعان في المجلس النيابي أمس، لشرح التعديل الدستوري الذي اقترحه عون، مصعداً هجومه على الاقتراح من خلال وصفه لتكتل عون بأنه و«داعش» وجهان لعملة واحدة، لافتاً إلى أن «داعش» تفرغ الموصل من المسيحيين في حين تكتل عون يفرغ الجمهورية من الوجود السياسي للمسيحيين من خلال تعطيل انتخاب رئيس الجمهورية.

وذهب الوزير السابق ناظم الخوري، المقرب من الرئيس السابق ميشال سليمان إلى حدّ التأكيد بأن هناك استحالة دستورية لتطبيق طرح عون، مشيراً إلى أن مجلس النواب لا يجتمع لأشياء أقل أهمية، فكم بالحري في هذه الحالة التي تتطلب تعديلاً دستورياً، وهو ما أكدته ايضاً مصادر في كتلة «المستقبل» النيابية عندما شددت على ان اقتراح عون يستحيل تطبيقه بسبب إشكالية دستورية في بنوده، معربة عن اعتقادها انه ينسف من خلاله المواقف التي أدلى بها حول أهمية الاتيان برئيس يمثل المسيحيين، متوقعة بأن يأتي الرد الرسمي قريباً عليه.

إستعادة العسكريين

وعلى هذا الصعيد، كان الموقف الأهم هو ما أبلغه الرئيس سلام لوفد هيئة العلماء المسلمين، بعد الاستماع إليه، إذ أكد أن ملف استعادة العسكريين الذين كانوا يذودون بأنفسهم عن الوطن مسألة بالغة الأهمية، والحكومة اللبنانية تتعامل معه بمسؤولية، فلا تفريط ولا إهمال ولا تسرّع وإنما العمل بمسؤولية وعناية نظراً لحساسية هذا الملف وخطورته.

ورجحت مصادر مطلعة أن يكون البدل لتوقف هيئة العلماء دخول طرف ثالث مقبول من الحكومة اللبنانية والمسلحين، سواء أكان هذا الطرف إقليمياً أو محلياً، من دون أن تؤكد أو تنفي أية معلومات عن دور تركي أو قطري في هذا المجال.

وإذ نوّهت المصادر بدور هيئة العلماء التي نجحت بإطلاق عدد من العسكريين بعد وقف النزف في عرسال وإدخال الجيش الى البلدة من دون معارك، بعد انسحاب المسلحين الى ما وراء حدود عرسال، دعت الى عدم التراخي والمضي في المساعي، في ضوء الوعود التي قطعت لهؤلاء العسكريين الأسرى ولأهاليهم.

وعند منتصف الليل، بثت المؤسسة اللبنانية للإرسال LBC شريطاً مصوراً مدته خمس دقائق، ظهر فيه 9 من عناصر الجيش وقوى الأمن الداخلي، بدوا جميعاً انهم في حالة صحية جيدة، وكانوا يتبادلون الأحاديث، في فناء منزل علق في جداره علم جبهة النصرة.

وأوضحت القناة ان هذا الشريط انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي التابعة لجبهة النصرة، قبل أن يتم وقف بثه، لكن القناة المذكورة حصلت عليه بشكل حصري.

وقالت المحطة ان مدة الشريط 5 دقائق، وانها اكتفت ببث مقتطفات منه من أجل أن يطمئن أهالي العسكريين الأسرى.

وكانت جبهة «النصرة» التي تحتجز 11 عسكرياً أعلنت أنها ستبث شريط فيديو قالت أنه قد يتضمن معطيات بالغة الأهمية من شأنها أن تغيّر في مجرى القضية.

وكررت الجبهة عرضها لجهة تسليم جميع المخطوفين لديها من دون أي مقابل، إذا ما أعلن حزب الله إنسحابه من سوريا.

إلا أن الشريط المصوّر لم يتضمن أية مطالب للمسلحين.

في هذا الوقت استوقف المراقبين الحملة الإعلامية على قائد الجيش العماد جان قهوجي، من قبل وسائل إعلامية لقوى 8 آذار.

وقال مصدر وزاري لـ «اللواء» أن هذه الحملة سببها أن الجهات التي تقف وراءها لم تكن تريد التسوية السياسية التي انتهت إليها قضية عرسال عبر الحل السياسي الذي تمّ التوصل إليه، بل كانت تريد ضرب عرسال عسكرياً، من دون تقدير الكلفة الباهظة التي قد تترتب عليها، او النتائج المدمرة للحل العسكري، الذي كان يمكن ان يؤدي إلى حرب استنزاف لا أحد يعرف كيف تبدأ ولا المدى الذي يمكن ان تنتهي إليها، خصوصاً في حال نقل الحرب السورية إلى داخل الأراضي اللبنانية، بل الى داخل كل بيت لبناني، لا سيما وان منطقة البقاع تتميّز بتنوع طائفي، كان يمكن للحل العسكري ان يفجر فتنة طائفية كبيرة.

اما بالنسبة لحركة المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم الذي التقى أمس الرئيس نبيه برّي بعد عودته من تركيا، فان مصادر سياسية لاحظت أن جهوده مرتبطة اساساً بمتابعة ملف إطلاق سراح المطرانين المخطوفين في سوريا والتنسيق مع الجانب التركي في هذا المجال، من دون أن تستبعد مصادر متابعة ان تكون لديه معطيات عن طبيعة ما يجب القيام به في ما خص ملف العسكريين بانتظار القرار المناسب من السلطة السياسية.