Site icon IMLebanon

إستغلال مطالب هيئة التنسيق بالصراع السياسي يزيد من تعقيدات مشكلة السلسلة

إتهامات بري لخصومه السياسيين بتعطيل العمل التشريعي لا تلقى اذاناً صاغية من الأكثرية

إستغلال مطالب هيئة التنسيق بالصراع السياسي يزيد من تعقيدات مشكلة السلسلة

اتهامات رئيس المجلس النيابي لخصومه السياسيين بتعطيل العمل التشريعي، مردودة اليه لأنها تفتقد الكثير من الصوابية!»

لم تعد مشكلة سلسلة الرتب والرواتب مشكلة تمويل بحد ذاتها بعد ان اجمع كبار الخبراء الماليين على ضرورة اضافة نسبة واحد بالمئة على ضريبة القيمة المضافة لتغطية نفقاتها المرتقبة، ولم تعد مشكلة تحقيق مطالب هيئة التنسيق النقابية او معظمها موضع خلاف بعد ان توصل القيمون على وضع صيغ مقبولة تأخذ بعين الاعتبار هذه المطالب المحقة، بل تعدتها كلها لتكشف حقيقة من يستغل هذه المشكلة ومطالب المعلمين والموظفين ليوظفه في الصراع السياسي القائم بالبلاد، ويسعى بكل قواه للاستقواء بهذه المشكلة لاضعاف خصومه قدر الامكان لتحقيق مبتغاه، إن كان في الاستئثار بتقرير المسائل والقضايا الخلافية بالمجلس النيابي حسب مشيئته وتوجهاته او تعزيز رؤيته وسياساته الخاصة بانتخاب رئيس للجمهورية يمثل اطرافاً سياسية تدين بالولاء لتحالفات اقليمية خلافاً لرغبة اطراف اخرى وازنة لها حيثياتها التمثيلية سياسياً وشعبياً على حدٍ سواء.

ومن هنا فإن اعلان رئيس المجلس النيابي نبيه بري بابقاء جلسات المجلس النيابي مفتوحة لمناقشة سلسلة الرتب والرواتب للظهور بمظهر التجاوب مع مطالب هيئة التنسيق النقابية والوقوف الى جانبها، لا يعفيه من مسؤوليته التحدث بلغتين متناقضتين، لغة تأييد مطالب الهيئة من جهة ولغة رفض التجاوب مع زيادة نسبة الواحد بالمئة على ضريبة القيمة المضافة ومحاولته غسل يديه من هذا الاقتراح والسعي بكل قواه لالصاق مسؤوليته بخصومه السياسيين وتحديداً «تيار المستقبل» للظهور علناً وكأنه يقف الى جانب المستفيدين من السلسلة ويحمل همومهم خلافاً للواقع، في حين ان الآخرين هم من يتولون مهمة زيادة الضرائب والرسوم.

ولا يقتصر الامر عند هذا الحد من الازدواجية في التعاطي مع مشكلة السلسلة، بل يتعداه الى اعادة تأجيج الخلاف القديم الجديد حول رفض قطع حساب لصرف المال في الحكومات السابقة وخصوصاً في حكومتي الرئيس فؤاد السنيورة والاصرار على فصل هذا الصرف عما صرفته حكومة اللون الواحد السابقة، مما يؤشر الى محاولة مكشوفة من رئيس المجلس النيابي وحلفائه لابقاء الخلاف قائماً على حاله حول هذه المسألة الخلافية بامتياز، والسعي لاستغلالها في الابتزاز السياسي المتواصل حول مختلف القضايا المطروحة،الامر الذي يعني زيادة العقبات امام التئام المجلس النيابي لمناقشة الامور والمسائل المالية وخصوصاً المعلقة منها، في حين ان المطلوب لو خلصت النوايا تذليل الصعوبات وتسهيل انعقاد المجلس للبت بما هو مطروح امامه للمناقشة والاقرار.

أما اتهامات رئيس المجلس النيابي لخصومه السياسيين وتحديداً كتلة «المستقبل» بتعطيل العمل التشريعي لرفضهم التجاوب مع طروحاته الملتوية، إن كان بمسألة إقرار سلسلة الرتب والرواتب أو التمييز والفصل بين قطع الحسابات المطروحة للحكومات السابقة تحت ذرائع زائفة، فهي إتهامات مردودة إليه لأنها تفتقد الكثير من الصوابية ولم تعد تنطلي على معظم اللبنانيين الذين عايشوا عن قرب التجربة المرّة التي اعتمدها بري بإصراره على إغلاق أبواب المجلس النيابي قسراً ولأشهر عديدة إستجابة لضغوطات نظام الأسد و«حزب الله» في العام 2008 وتعطيل العمل التشريعي بالكامل مذاك وشل الحركة السياسية بهدف إضعاف حكومة الرئيس فؤاد السنيورة التي تجرأت وأقرّت قيام المحكمة الدولية الخاصة بملاحقة مرتكبي جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري خلافاً لرغبة تحالف الأسد – طهران بعد انكشاف مؤشرات ووقائع تورطهما في هذه الجريمة الإرهابية النكراء.

فالإتهامات بتعطيل المجلس النيابي لم تعد تجدي نفعاً بعد إنكشاف مواقف كل الأطراف على حقيقتها، والأجدى من إطلاق هذه الاتهامات المملّة العمل على تقليص هوّة الخلافات القائمة، إن كان بالنسبة لتمويل السلسلة، أو المسائل والقضايا المالية الأخرى، بهدف التوصل الى صيغة مقبولة لإقرارها والانتهاء من مهزلة المماطلة والتسويف المتواصلة الغارقة فيها منذ ما يقارب الثلاث سنوات بفعل سياسات الغش والخداع التي اتبعت من بعض كبار المسؤولين بالسلطة في التعاطي مع هذا الملف الحيوي والحساس الذي يشمل شرائح واسعة من المجتمع اللبناني.

أما الاستمرار بنهج التعاطي الازدواجي المتناقض السائد في الوقت الحاضر والمتمثل بالإيعاز لهيئة التنسيق بالاستمرار في مقاطعة التصحيح لممارسة الضغوط المطلوبة على القوى السياسية للمشاركة في الجلسات التشريعية حسب طروحات بري من جهة مقابل الموافقة في جلسات الحكومة على منح وزير التربية الضوء الأخضر لإعطاء الإفادات للطلاب من جهة ثانية، فهذا يعني حكماً الاستمرار باستغلال تحركات الهيئة المطلبية في لعبة المصالح السياسية الضيّقة والصراع السياسي القائم حالياً والتي تزيد من تعقيد المشكلة بدلاً من تسريع حلّها.