Site icon IMLebanon

إشكالات دستورية

طرح رئيس التيار الوطني الحر النائب ميشال عون مبادرة تنص على تأجيل الانتخابات الرئاسية الى ما بعد الانتخابات النيابية التي تستحق في شهر تشرين الأول المقبل، لكي يستند الاستحقاق الرئاسي الى رئيس قوي داخل الصف المسيحي، لكن هذا الاقتراح لم يعجب كثيرين وفي مقدمتهم البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الذي ما زال يعطي الأولوية للاستحقاق الرئاسي ويعتبر تخلّف النواب المسيحيين عن القيام بهذا الواجب، تخلّفا عن واجبهم الوطني أولاً والديني ثانياً على اعتبار أن مركز رئاسة الجمهورية هو للمسيحيين وللطائفة المارونية تحديداً.

البطريرك الراعي حاول التوصل داخل الصف المسيحي الى اتفاق على مرشح يتبنونه لرئاسة الجمهورية وتقبل به الطوائف الأخرى وبخاصة الطائفتين السنّية والشيعية لكنه جوبه بإصرار العماد عون على الترشح وعلى المضي في ذلك الى النهاية، وحتى ولو لم تقبل به بقية الطوائف جميعها أو بعضها، وطرح رداً على مساعي بكركي حلاً آخر أو مبادرة أخرى تعتبر في نظر رجال القانون هرطقة قانونية وهي انتخاب الرئيس الماروني من الشعب على أن يتم ذلك على درجتين، الأولى أن ينتخب من المسيحيين والثانية من المسلمين، وقد قوبلت هذه المبادرة باستخفاف الفرقاء الآخرين، أولاً لأنها تنقل لبنان من النظام الديمقراطي – البرلماني الى النظام الرئاسي، وثانياً لأنها تفرّق بين اللبنانيين وبين من هم في المرتبة الأولى ومن هم في المرتبة الثانية، ولذلك سقطت مبادرة العماد عون وسقطت معها أحلامه في التربع على عرش لبنان بوصفه الزعيم المسيحي الأقوى شعبياً وتمثيلاً، وليثبت بذلك مقولته التي يرفعها في وجه منتقديه وهي أنه يعمل لإعادة الحقوق الى المسيحيين وتحديداً الى الموارنة من خلال إيصال رئيس قوي وليس رئيساً ضعيفاً لا لون ولا طعم له ولا رائحة.

ولأن المسيحيين قبل المسلمين رفضوا هذه المبادرة لانها تغيير للنظام الجمهوري الديمقراطي البرلماني، عاد وطرح مبادرة ثانية وهي تأجيل الانتخابات الرئاسية الى ما بعد الانتخابات النيابية فقامت عليه القيامة ولم تقعد بعد وهي أن تأجيل إجراء الانتخابات الرئاسية الى ما بعد الانتخابات النيابية يخلق عدة إشكالات دستورية يقتضي تصحيحها، أولها مصير الحكومة وكيف يمكن إجراء استشارات جديدة في ظل غياب رئيس الجمهورية الذي أناط به الدستور وحده حق إجراء هذه الاستشارات الملزمة، ومن يوقّع مرسوم استقالة الحكومة وتكليفها تصريف الأعمال الى أن تشكل حكومة جديدة، ومن يوقّع مرسوم الحكومة الجديدة.

هذه الإشكالات الدستورية أسقطها المجتهد الدستوري الأستاذ حسن الرفاعي شكلاً ومضموناً من منطلق أن الدستور أناط صلاحيات رئيس الجمهورية وكالة بمجلس الوزراء، بمعنى أن مجلس الوزراء يمثّل رئيس الجمهورية ويتولى كل صلاحياته ومنها الدعوة الى انتخابات نيابية والاستشارات النيابية الملزمة وقبول استقالة الحكومة ومرسوم تشكيل الحكومة الجديدة، وبالتالي لا غبار على اقتراح رئيس التيار البرتقالي.