Site icon IMLebanon

إلى متى يعيش لبنان وضع اللادولة؟!

 

 

يعيش اللبنانيون ومنذ عام 1969 (اتفاق القاهرة) استمرار حالة اللادولة. أنتجت هذه الحالة حرباً أهلية 1975 1989 واعتداءات إسرائيلية متكررة 1978، 1991، 1993. واجتياح عام 1982 حيث حوصرت بيروت تحت الإحتلال الإسرائيلي. وكذلك عدوان عام 2006.

أعطت حالة اللادولة في لبنان للمقاومة الفلسطينية فرصة بناء قدراتها على الأرض اللبنانية بعد أن أخرجت من الأردن عام 1970 ـ 1971. وفي إطار الصراع العالمي في حينه بين منظومة الدول الاشتراكية والمعسكر الرأسمالي، احتضن اليسار اللبناني ومسلمو لبنان المقاومة الفلسطينية في إطار التحالف الاستراتيجي مع الإتحاد السوفياتي من أجل الوصول إلى بناء نظام ديموقراطي اجتماعي في لبنان فكانت «الحركة الوطنية» المتحالفة مع المقاومة الفلسطينية.

لقد حقق الشعب الفلسطيني انتصاراً حقيقياً بعودة منظمة التحرير وياسر عرفات (أبو عمار) إلى رام الله عام 1993أي بعد ربع قرن من تاريخ إنطلاق الثورة الفلسطينية عام 1965.

أما بالنسبة للشعب اللبناني، فقد تمت صياغة المشاركة بين المكونات المجتمعية اللبنانية على أسس جديدة، فكان إتفاق الطائف عام 1989. واستمرت حالة اللادولة في لبنان ليحل محل سلطة الدولة آنذاك القرار الأمني السوري/اللبناني.

استشهد الرئيس رفيق الحريري عام 2005 وأخرج الجيش العربي السوري من لبنان واستمرت حالة اللادولة واستمر الفراغ في سلطة الدولة فمن يملأ هذا الفراغ؟

أولاً: سلطة المكونات المجتمعية اللبنانية، الطوائف وأحزابها وكافة الانتماءات الأولية والتي تؤكد أن سلطتها فوق سلطة الدولة: نموذج حزب الله الذي يرفض إعطاء الإمرة، وإن شكلية، للجيش اللبناني على سلاح المقاومة الإسلامية مما يؤدي لإضعاف هيبة الدولة ومما يؤسس للخروج على الدولة لباقي المكونات المجتمعية كمثل: دفاع التيار العوني عن مدان بالعمالة للعدو الإسرائيلي وهو العميد فايز كرم كأن العمالة باتت وجهة نظر. وهنا يتبادر إلى الذهن السؤال التالي: هل قطع العماد عون علاقته باللوبي المجهول الهوية الذي أمّن له الحضور إلى الكونغرس الأميركي ليطالب بإقرار قانون العقوبات على سوريا؟

ثانياً: الدول الإقليمية وهذا ما شهدناه من خلال استقبال بعض الشيعة اللبنانيين لرئيس الجمهورية الإيرانية السيد محمود أحمدي نجاد (خوش أمديد). مما دفع لاستقبال بعض مناطق السنّة لرئيس وزراء تركيا السيد رجب طيب أردوغان.

وكذلك استمرار التواصل المباشر وغير المباشر للمسؤولين والشخصيات وغيرهم من اللبنانيين المستمرة على خط الشام بالرغم من الانهيار الفعلي للنظام السوري.

ولم لا، فإن حالة اللادولة في لبنان هي ما يساعد في تفسير ظاهرة انتشار العملاء لإسرائيل الملفتة.

ويبقى السؤال هل أن هذا الفراغ في سلطة الدولة الذي يؤدي وبالضرورة إلى مناخ التوترات السياسية والاجتماعية وربما إلى الصدام الداخلي على قاعدة مذهبية او طائفية هو في مصلحة المقاومة للعدو الصهيوني؟ أم أن قوة المقاومة تكمن في وحدة المكونات المجتمعية اللبنانية والتي تشكل الرافعة الشرعية للمقاومة إن على صعيد الداخل اللبناني أو بالعلاقة مع المجتمع الدولي. وهذا ما لم يكن ان يتحقق الا اذا كانت الدولة، هي وحدها المرجعية الشرعية الوحيدة للبنانيين.

هل أن استمرار حالة الفراغ في سلطة الدولة، والذي يستدعي وبالضرورة العدوان الإسرائيلي تلو العدوان، كما كانت الحال بين أعوام 1978 و2006 هو في مصلحة لبنان والمقاومة منه؟ وهل أصبح تدمير لبنان المتكرر من قبل العدو الإسرائيلي هو المعيار الأساس لتحرير فلسطين من قبل المقاومة الحالية؟

وهل هناك تناقض بين الحريات السياسية العامة التي حفظها النظام اللبناني والتي ترعرعت في ظلها مناخات المقاومة الفلسطينية والمقاومة الوطنية اللبنانية وكذلك المقاومة الحالية؟

وهل أن مناخات الحريات في لبنان لم تكن غنى لبنانياً وعربياً في إطار الصراع العربي-الإسرائيلي؟ وبالتالي كيف للقيمين على المقاومة اليوم أن يهددوا الحريات السياسية والشخصية في حال التباين مع قوى وشخصيات سياسية حول أي موضوع من الموضوعات؟

إن حفظ الحريات هو الشرط الأساس لحفظ المقاومة والمجتمعات المسلوبة الحرية، لهذا السبب أو ذاك، لم ولن تنتج مقاومة.

ولا يمكن أن تحفظ الحريات في لبنان إلا بوجود دولة ذات سلطة فعلية تحفظ هيبتها ولا يتمتع العملاء للعدو الإسرائيلي فيها بحصانة سياسية من أي طرف من اطرافها.

ولا يمكن أن يبقى لبنان «الوطن الرسالة» أو «الوطن النعمة» إن سقطت الدولة فيه وهددت الحريات ولم تكن المقاومات لتتحقق في لبنان لولا مساحة الحريات المتوفرة فيها.

إن شعار المقاومة للدفاع عن لبنان اصبح يعني في ما يعني:

1 طالما أن هناك لبنان فإن المقاومة أي سلاح حزب الله هو المعني بالدفاع عنه!

2 إن حزب الله هو المعني بالدفاع عن موقع رئاسة الجمهورية، رئاسة الحكومة، البرلمان وكافة المؤسسات العسكرية والأمنية في لبنان وعن أي مواطن لبناني!

3 كل مواطن لبناني يعيش ويستمر على قيد الحياة بفعل دفاع «المقاومة» عنه، أي بفعل دفاع سلاح حزب الله عنه وبالتالي فإننا نعيش جميعاً كلبنانيين تحت حماية حزب الله وسلاح حزب الله!

4 إذا ارتضينا كلبنانيين أن نعيش تحت حماية سلاح حزب الله فعلينا أن نخضع لما تراه مناسباً لنا هذه القوة المسلحة التي تؤمن لنا الحماية!

5 من حق حزب الله الذي ارتضينا أن نعيش تحت حمايته ورحمته أن يختار لنا ما يناسبنا ويحقق مصالحنا في الدفاع عنا من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وكافة مسؤولي الدولة اللبنانية ولما لا كافة مسؤولي المجتمع الأهلي اللبناني.

6 بهذا يتحول شعار المقاومة إلى كلمة حق يراد بها باطل. و يستدعي بالضرورة السؤال التالي: لو لم يكن عدوان تموز عام 2006 الذي قيل فيه «إنه لو علمنا أن ردة الفعل الإسرائيلية كانت ستكون كذلك أي حرباً على لبنان لما فعلنا»، فماذا تحقق للبنان من سلاح حزب الله منذ التحرير عام 2000 وحتى العام 2014 غير محاولات الهيمنة على الصعيد الداخلي وإدخال العلاقات اللبنانية /اللبنانية في منطق الغلبة بدل منطق التسوية التاريخي الذي حكم هذا البلد منذ تأسيسه.

7 إن غلبة منطق الغلبة على منطق التسوية التوافق بين القوى السياسية والطائفية في لبنان سيؤدي وبالضرورة إلى مزيد من التوتر والاحتقان الفئويين. وفي الحرب الأهلية تتعادل القوى المسلحة من كافة الطوائف.

فهل يمكن تحقيق الاستقرار للبنان إذا بقي وضع سلاح المقاومة الإسلامية كما هو عليه الآن؟

نعم بانسحاب حزب الله من سوريا وعودته إلى كنف الدولة يخرج لبنان من دائرة العنف الإقليمي التي تنفتح على الاحتمالات كافة حيث بات اللبناني مهدداً في أمنه، مهدداً في سربه، وحيث بات القلق الدائم وطموح الهجرة الدائمة هاجس كل اللبنانيين وهو لم يعد يمس المسيحيين على وجه خاص.