الآفات الاجتماعية التي تفتك باللبنانيين وبالمجتمع اللبناني، وتهدد تماسك العائلات وانضباط الجامعات والمدارس، وتخلق هوة، بين المواطنين من جهة، وبين الدولة ومؤسساتها من جهة ثانية، وفي شكل خاص المؤسسات الامنية، مثل الجيش وقوى الامن الداخلي على اختلاف مديرياتها، وانتشار تجارة المخدرات وتعاطيها، والرذيلة والاباحية والتفلت الاخلاقي، والفساد والغش، والرشوة، وتجاوز القوانين، والعنف في المنزل وخارجه، وعمليات الاحتيال والتزوير، وتكاثر حالات الطلاق، هذه الآفات وغيرها، لا يمكن فصلها او عزلها عن التوتر السياسي القائم في البلاد، ومنذ العام 2005 حتى ايامنا هذه. الذي يتسبب بتعطيل مؤسسات الدولة المعنية بتجديد الحياة السياسية في النظام اللبناني القائم على مبدأ الديموقراطية وتداول السلطة، مثل مجلس النواب والحكومة والوزارات والمجلس الدستوري، وصولا الى تعطيل انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وادخال لبنان في الفراغ المؤدي الى المجهول، كما ان التحركات المطلبية الغاضبة التي تتناول قطاعات اساسية وهامة في حياة اللبنانيين، ميل المدارس والجامعات، وموظفي القطاع العام والاجراء والمياومين، وغيرها وغيرها، تدخل ايضا في خانة الآفات الناتجة عن اهتراء الدولة وتراجعها وتفككها.
والسؤال الكبير الذي يطرح هذه الايام، من قبل اللبنانيين الذين ما زالوا متمسكين بمفهوم الدولة والاخلاق والعدل والقانون والديموقراطية، وكرامة الانسان، هو كيف السبيل الى انقاذ لبنان من هذه الآفات، او هل ما زال بالامكان انقاذ لبنان من هذه الحالة السرطانية التي تأكل عافيته، وتهدد وجوده وكيانه، في ظل المعلومات المخيفة التي تنشرها مؤسسات استطلاع الرأي، عن تسونامي المخدرات الذي يجتاح لبنان – ترويجا ومعاطاة ويضرب تحديدا طلاب المدارس والجامعات، والعاطلين عن العمل والقلقين على مصيرهم ومصير وطنهم وعائلاتهم، بسبب السياسة الخرقاء المدمرة التي يمارسها البعض، وكأن الامر لا يعنيه في شيء.
لن ادخل في ارقام الدراسة المخيفة التي اجرتها المؤسسة الدولية للمعلومات عن اعداد الطلاب والشباب من نساء ورجال الذين لا يتجاوزون الخمسين من عمرهم، الذين يتعاطون المخدرات على انواعها والكحول ايضا.
ولن ادخل في الارقام التي يسوقها اقتصاديون متمرسون بلعبة الاقتصاد والمال، حول المهالك والمخاطر التي تنتظر لبنان في حال اقرت سلسلة الرتب والرواتب، سياسيا وشعبويا في وضعها الحالي البعيد جدا عن التوازن بين الواردات والنفقات، انما الاكيد المؤكد، ان كارثة المخدرات، مع حجم العطالة عن العمل مع سلسلة الرتب والرواتب، مع ضعف الاقتصاد وجمود النمو ومع الفراغ في الرئاسة الاولى والمؤسسات الاخرى، ومع نزوح السوريين والفلسطينيين الى لبنان، ومع استمرار سياسة النعامة وتقديم المصلحة الخاصة على المصلح
العامة، فان لبنان يركض ولا يهرول، نحو الهاوية الفاغرة الفاه لابتلاعه.
هل هناك من يقف ولو للحظة ويفكر بالكارثة المتدحرجة!؟