Site icon IMLebanon

إيران تستعيد مع المالكي في العراق خطأ النظام السوري في لبنان عام 2004

واجهت ايران في العراق في الاسابيع الاخيرة من خلال مشارفة الاخير على التفسخ والتقسيم في ضوء سيطرة تنظيم الدولة الاسلامية على مناطق شجعت انتفاضة سنية على نظام نوري المالكي ورغبة كردية في الاستقلال ما يماثل الى حد كبير ما واجهه النظام السوري في لبنان حين قرر التمديد قسرا للرئيس اميل لحود عام 2004 وسعى الى اخضاع كل المكونات اللبنانية لارادته تحت وطأة التهديد بمزيد من اخضاع لبنان. اذ ان طهران التي دعمت المالكي في تحكمه بكل المؤسسات الاساسية وسمحت له بتغذية المشاعر المذهبية وقمع الطوائف الاخرى في العراق واجهت تحديا مصيريا لنفوذها وسلطتها ليس في العراق فحسب بل في المنطقة تبعا للتطورات العراقية ولا يزال. وفيما مضى النظام السوري في تحدي المجتمع الدولي في لبنان بعد التمديد وانتشار الاغتيالات وصولا الى اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه ما أدى الى انتفاضة لبنانية حقيقية أدت الى انسحاب القوات العسكرية السورية من لبنان، فان المجتمع الدولي الذي سلم لايران بنفوذها في العراق يتركها تواجه وتحصد ما زرعته في حال لم تصحح المسار السياسي في العراق واذا عمدت الى تشجيع المواجهة بدلا من تهدئة الامور على نحو يستوعب الوضع ويساهم في لملمته من خلال نفوذها على الافرقاء الشيعة. وهو ما يعتقد انه بدأ في التوجه نحو محاولة البناء على رفض مراجع شيعية لاعادة نوري المالكي لرئاسة الحكومة لولاية ثالثة. خسرت سوريا وقتها لبنان الذي اعتبرته لاكثر من ثلاثة عقود حديقتها الخلفية ومتوجا سلطانها ونفوذها في المنطقة، والامر نفسه ربما يتكرر مع ايران الذي اثار نفوذها حساسيات داخل العراق على رغم ان هناك عوامل واعتبارات اخرى مختلفة ايضا ووجود مصالح اقليمية ودولية في العراق، وكثر يتحدثون عن تلاقي المصالح الاميركية والعراقية في مواجهة تقسيم العراق وفي مواجهة تنظيم الدولة الاسلامية، ولكن التداعيات على ايران قد لا تختلف او لا تقل عن تلك التي أثارها استبداد النفوذ السوري في لبنان ايضا. وهذا لا يعني ان وضع العراق لا يشكل تحديا لمنطقة الشرق الاوسط ككل ولدول الجوار تحديدا ليس عبر تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام فحسب بل عبر مخاطر انقسامه او فدرلته تبعا للتقسيمات الميدانية الراهنة. لكن مدى الانخراط الايراني الموغل في رسم سياسة العراق ومصيره يجعل الكرة في الملعب الايراني اكثر من اي دولة اخرى اقليمية كانت او غربية.

هل ان اضطرار ايران الى مراجعة مقاربتها للوضع في العراق وحض سياسييه على مرونة وانفتاح مناقضين للسياسة التي شجعت عليها طوال الاعوام الماضية وذلك خشية خسارة العراق كلا وجسر العبور الذي يشكله الى سوريا فلبنان يمكن ان يشكل مؤشرا او عاملا في مراجعة مقاربة ايران للاوضاع في مناطق نفوذها في المنطقة ام انها ستحاول مقايضته بتحريك اوضاع في مناطق اخرى؟ وتبعا لذلك هل يمكن اقناع “حزب الله” مثلا بان يفصل موضوع انتخابات الرئاسة في لبنان عن سياسة ايران في المنطقة وعدم ربط هذا الموضوع بمصالحها سلبا او ايجابا على هذا الاساس او هل تتركه طهران يفعل ذلك في اطار مقاربة للوضع اللبناني مماثلة للوضع في تأليف الحكومة ؟

لا يبدو الامر واعدا بالنسبة الى مصادر ديبلوماسية واخرى سياسية متابعة أقله حتى الان انطلاقا من ان الوضع العراقي أربك ايران الى حد بعيد ولا يزال خصوصا انها لا تزال في غمرة مفاوضاتها النهائية مع الدول الغربية على ملفها النووي، وهو ما لم يكن في مصلحتها. ويتوقف على سبل المعالجة في العراق وامكان نفاده من المخاطر التي تتهدده ومدى ما يمكن ان تستخلصه ايران من هذه التجربة لجهة حصر الاضرار في العراق وعدم تأثيره جوهريا على مصالحها الحيوية فيه، علما انه من غير المحتمل ان تظهر أي ضعف او مراجعة لما حققته في دول اخرى في المنطقة اقله في المدى القريب خصوصا ان هناك استحقاقا يتصل بما ستسفر عنه المفاوضات حول الملف النووي وما اذا كانت ستمدد المفاوضات ام لا. ومن غير المحتمل تاليا بالنسبة الى هذه المصادر ان تظهر تساهلا او تهاونا في ترك “حزب الله” يفصل بين مصالحها في المنطقة ومصلحة لبنان من خلال التعاون في تسهيل حصول انتخابات رئاسية قريبا. وهذا الاقتناع الديبلوماسي والسياسي هو الذي يشكل العامل الاساسي امام عدم الحماسة لفتح قنوات حوار مع طهران راهنا في الملف اللبناني لاعتقاد عميق بانها ليست جاهزة للتعاون حول لبنان فيما هي منشغلة في مسائل اكثر حيوية بالنسبة اليها، علما ان كثرا يقولون بعدم الرغبة بالتفاوض مع ايران في شأن لبنان. لكن عدم الحماسة تطاول احتمالات مقاربة الحزب في موضوع الرئاسة ايضا على القاعدة نفسها اي عدم امكان فصل نفسه عن السياسة الايرانية ما يعني استمرار تعطيل الانتخابات الرئاسية حتى اشعار آخر، وذلك على رغم ان الحزب لا يبدو في الواجهة على هذا الصعيد ويتذرع بما يعلنه حليفه العماد ميشال عون في هذا الاطار لجهة رفضه تأمين النصاب لجلسة انتخاب الرئيس نظرا لعدم توافر النصاب لانتخابه رئيساً، مع ان كل المعلومات تجزم بطي صفحة الترشيحات التي تم التداول بها حتى الان لمصلحة البحث عن مرشحين آخرين.