Site icon IMLebanon

استعجال داخلي ولا مبادرة دولية لملء الشغور

البحث عن رئيس يمنع انهيار الدولة

استعجال داخلي ولا مبادرة دولية لملء الشغور

لا يزال المشهد الرئاسي في لبنان يرتسم غموضاً، في حين تتوضّح سريعاً معالم التسويات حول استحقاقات أخرى ومنها التمديد للمجلس النيابي، وثبت بما لا يقبل الشك أن الأفرقاء السياسيين اعتادوا على «ارتداء ثوب الاستحقاقات مما لا يصنعون، وأكل ثمار التسويات مما لا يزرعون».

ويرد مرجع وسطي السبب الى حالة رافقت اللبنانيين منذ الاستقلال وتعززت بعد اتفاق الطائف اذ «ان الشقيق السوري، وبضوء أخضر دولي وعربي، كان يختار رؤساء الجمهورية والمجلس النيابي والحكومة وكذلك النواب والوزراء ويعيّن موظفي الفئات الاولى والثانية والثالثة، وفي بعض الاحيان يتدخل لتسوية حول موظف عادي. والسعودية كانت تأخذ دوراً عبر البوابة السورية ولم تكن تتمتع بالشراكة في القرار السوري لبنانياً، بدليل أنه عند خروج الجيش السوري من لبنان وتراجع دوره لم تستطع السعودية السيطرة على الساحة اللبنانية».

وهذا الوقع الجديد الذي جاء بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، أظهر فشلاً سعودياً في السيطرة على ادارة اللعبة السياسية اللبنانية كما كان يتقنها السوري، لذلك صار الفرز على مستوى توزيع الرئاسات الثلاث على الشكل التالي: مجلس النواب لقوى «8 آذار» والحكومة لقوى «14 آذار» والجمهورية في الوسط.

هذا التوزيع يعني أنه لا يمكن ان يكون رئيس الجمهورية محسوباً على اي من طرفي الانقسام السياسي لان في ذلك اخلالاً للتوازن، وهذا ما دفع رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون الى تسويق نفسه على انه في المنتصف لانه يعلم ان اي رئيس جمهورية من «14 آذار» سيفسر على انه تحالف ماروني ـ سني ضد الشيعة، وأي رئيس من «8 آذار» سيفسر تحالفاً مارونياً ـ شيعياً ضد السنة، من هنا كان المدى الذي أخذته ورقة التفاهم بين «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» التي أعطت قوة للعماد عون شيعياً كما أعطت قوة لـ«حزب الله» مسيحياً، لكنها لم تترجم الى تحالف ماروني ـ شيعي استفزازي للآخر، بدليل تسوية الدوحة التي لم توصل عون الى الرئاسة الاولى.

في رأي المرجع الوسطي أن «خطاب عون السياسي والوطني سليم، ولكن ممارسته والفشل في التكتيك هي التي أفقدته رئاسة الجمهورية. في المرة الاولى عندما عرض عليه تسليم قصر بعبدا وأن يكون وزيراً للدفاع في حكومة عهد الطائف الاولى على أن يكون هو الرئيس الذي سيلي الرئيس الذي سينتخب رئيساً، يومها طلب تغيير ولو فاصلة في الطائف. أما الآن هناك استحالة لموانع ذاتية وموضوعية عدة. المؤسف أن بعض القيادات المارونية عندما تصل الامور الى موضوع رئاسة الجمهورية تفقد البصيرة».

ويوضح المرجع «أنه بعد العام 2005 صار هناك صعوبة ظاهرة في إيصال سياسي الى رئاسة الجمهورية، لذلك تتجه الانظار دائماً الى الرئيس التقني ممن هو في موقع قيادة على مستوى مدني او غير مدني، وأن أي قيادي سياسي سيأتي الى رئاسة الجمهورية بعد الشغور الحالي سيكون من وزن النائب سليمان فرنجية نتيجة صفقة كبيرة في المنطقة. لذلك هناك خشية ممن لا يحبذون هذا الخيار من الشغور الطويل الموصل الى تسويات كهذه، وقد بدأنا نسمع بوجوب الاستعجال في إنهاء الشغور».

واذ يبدي المرجع أسفه لأن في لبنان نوعين من السياسيين: النوع الاول «مختار صلح» والنوع الثاني «مختار معاملة»، والنوعان لا ينتجان وفاقاً رئاسياً، يرى أن «المجتمع الدولي الى الآن لم يأخذ الخيار للتدخل رئاسياً، كما انه لم يعط الفرصة لكي يتدخل من اجل انتخاب رئيس، والامور متروكة مادام الوضع ممسوكاً».

ويعتبر المرجع «أن أي خيار رئاسي لاحق غير مدروس بعناية فائقة من كل النواحي، سيؤدي الى انهيار البلد، لأن اللبنانيين اصبحوا بحاجة الى اوكسيجين. أيام الحرب الاهلية كلما كان اللبنانيون يقتربون من الاصطدام بالحائط يأتي الاميركي ومعه الغربي ويبعدون الحائط امتاراً مما يؤدي الى ثبات الوضع من 5 الى 10 سنوات. او كلما كانت طائرة الدولة تقترب من الاصطدام بالجبل يعمد الخارج الى إزاحة الجبل امتاراً حتى تعبر الطائرة وتحلق لسنوات مقبلة. الآن الأمر مختلف لأن الوضع المالي العالمي صعب، والتقديرات أن هذه الازمة لكي يخرج منها الاميركي والاوروبي تحتاج الى وقت قد يمتد الى العام 2020. اما السين ـ سين (سوريا والسعودية) صارتا بحاجة لمن يساعدهما، والمال الفائض في الخليج ما عادوا يستطيعون إعطاء قسم منه لدول مثل لبنان لسببين: الاول انغماسهم بالأوضاع المتفجرة في غير ساحة عربية، والثاني استخدام هذا المال داخل دولهم لمنع النار من الدخول إليهم».

يجزم المرجع «أنه لكل ذلك، فإن البحث رئاسياً في لبنان سيكون حول مَن هو الشخص الذي يستطيع أن يبعد الحائط أمتاراً قبل الاصطدام، ويزيح الجبل لكي تعبر طائرة الدولة قبل أن تتحطم».