Site icon IMLebanon

استنزاف

يبدو أنّ الاتفاق الاميركي – الإيراني سيتأجّل نحو ستة أشهر إضافية، وهذا يعني تأجيل كل الأزمات وعدم إيجاد حلول لأي منها تزامناً مع تأجيل الملف النووي الإيراني.

أزمات متفاقمة في العراق، وفي سوريا، وفي لبنان، وفي اليمن وفي البحرين… وكل ما يتعلّق بهذه الدول بات مرشحاً للتجميد نحو ستة أشهر أخرى على الأقل، خصوصاً وأنّ تلك الأزمات على صلة مباشرة بإيران التي تؤججها وتذكيها بالتورّط العسكري والمالي والسياسي فيها.

ماذا سيحصل خلال هذا الإنتظار الطويل؟

هناك حرب استنزاف شاملة متفرّع منها حروب استنزاف متتالية، صراع سنّي – شيعي يدور في تلك البلدان كلها بشكل أو بآخر… ويتخذ في بعضها حروباً كبيرة، وبالذات ما يجري بين طرفي المعارك في العراق حيث يواجه «داعش» قوات الجيش العراقي.

فالصورة البانورامية لما يجري في العالم العربي تظهر بوضوح أكبر داخل سوريا والعراق، خصوصاً وأنّ «داعش» سيطر على أراضٍ عراقية شاسعة ومناطق واسعة… وعلى الرغم من كل ادعاءات حكومة المالكي والجيش العراقي فإنّ الهجمة الكبيرة التي شنها هذا الجيش على  تكريت باءت بالفشل، وقد صدّ المقاتلون وحدات الجيش على أعقابها وأوقعوا فيها أضراراً بالغة وخسائر فادحة في الأرواح والعتاد.

وما يجري في سوريا من معارك حامية يشارك فيها «حزب الله» في القلمون وحمص وحلب يشير الى أنّ النزف الكبير مستمر، خصوصاً وأنّ «داعش» سيطر أمس بالذات على حقل غاز في منطقة حمص.

أمّا الحوثيون ففي قتال شرس مستمر مع الجيش اليمني… وهي معارك متواصلة منذ سنوات يقع فيها ضحايا يومياً خصوصاً في صفوف القوى النظامية.

أمّا البحرين ففي قاعة الإنتظار مع تسجيل أحداث متفرّقة واعتداءات على قوى الأمن بين وقت وآخر… ويقع أيضاً فيها ضحايا بين قتلى وجرحى، إضافة الى الإعتداءات على المقار الرسمية، وإشعال النيران ليلاً وقطع طرقات عديدة.

وفي لبنان فإنّ خلفية الصراع معروفة، هذا الصراع الذي أدّى الى تجميد عمل الحكومة ووقف نشاط عمل مجلس النواب، إضافة الى أساس التعطيل المتمثّل فراغاً في سدّة رئاسة الجمهورية.

وعليه فإنّ هذه الأزمات لن يطرأ عليها أي حل بانتظار بت الحوار الاميركي – الإيراني الذي يبدو فيه الطرفان غير مستعجلين، وهكذا لن تحدث تطورات تُذكر تغيّر مجرى الأحداث ذلك أنّ واشنطن لا تخسر شيئاً من هذه المماطلة.

وماذا تخسر تل أبيب أيضاً… الجواب: لا شيء، والعكس صحيح: إنّهما مرتاحتان الى أبعد الحدود.

وفي هذا الوقت، وفي مجال موازٍ، يطرح السؤال ذاته: وماذا استفادت غزة وأهلها ممّا يجري من صراع؟ علماً أنّنا إذ نهنّئ القطاع على صموده في وجه آلة الحرب الاسرائيلية العدوانية لا يسعنا إلا أن نتوجّع مع الذين تصيبهم هذه المأساة البشعة في الأرواح والممتلكات.