ميليشيا البرجاوي تقتل وتجرح عدداً من فلسطينيّي «شاتيلا» والجيش ينتشر عند أطراف المخيم
اعتراضات مسيحية على طرح عون تغيير النظام
سياسياً، أثار طرح رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون تغيير النظام القائم في البلد عبر انتخاب رئيس الجمهورية «مباشرةً من الشعب» وإجراء الانتخابات النيابية وفق القانون الأرثوذكسي القائل بانتخاب «كل طائفة لنوابها»، جملة ردود مسيحية وضعته في إطار التعطيل والسعي إلى إطالة أمد الشغور الرئاسي وتهديد المناصفة والطائف وتحويل النظام البرلماني إلى رئاسي على قاعدة «أنا الرئيس أو لا أحد». وفي هذا السياق برز اعتبار حزب «الكتائب» أنّ طرح عون «تعجيزي يؤدي إلى استفحال الأزمة وتفاقم الشغور»، وتشديد حزب «القوات» على لسان النائب أنطوان زهرا أنّ عون «صمت دهراً ونطق كفراً بالقول: استبشروا بشهور طويلة من الفراغ لأنني لم آت رئيساً»، بينما أكدت مصادر «قواتية» لـ«المستقبل» أنّ رئيس الحزب سمير جعجع سيرد غداً على هذا الطرح في المؤتمر الصحافي الذي يعقده عقب جلسة الانتخابات الرئاسية الثامنة.
أما النائب بطرس حرب فوضع ما يطرحه عون في إطار «همّه الوحيد بألا يُنتخب رئيس سواه وإلا فتعطيل الانتخابات»، مشددًا على كون هذا الطرح إنما «يخرق التوازن والمناصفة ويضرب الطائف»، في حين لفت منسق الأمانة العامة لقوى 14 آذار النائب السابق فارس سعيد إلى أنّ «عون فتح معركة تحديد الأحجام على الساحة المسيحية»، بينما حذّر نائب رئيس الحكومة السابق اللواء عصام أبو جمرة من أنّ ما يطرحه عون هو «تغيير للنظام لا الوقت ولا الظرف يسمحان به».
اشتباكات شاتيلا
أمنياً، وعلى جاري دورها الفتنوي عادت ميليشيا شاكر البرجاوي لتطلق نيرانها في أرجاء العاصمة موقعةً ثلاثة قتلى فلسطينيين في مخيم شاتيلا عرف منهم مسؤول اللجنة الشعبية في المخيم وائل الطل وجميل عيساوي بالإضافة إلى سقوط عدد من الجرحى، وذلك خلال اشتباكات دارت أمس بين الحي الغربي حيث ما يعرف بمجموعة «الدروبي» و«الزير» من جهة ومجموعة فلسطينية عند أطراف مخيم شاتيلا حيث تتمركز مجموعة مسلحة من «فتح الانتفاضة» وفق ما كشف مصدر أمني لـ«المستقبل» مؤكداً أنّ «خلافاً شخصياً» أدى إلى اندلاع الاشتباك، في وقت ذكر تلفزيون «المستقبل» أنّ إطلاق النار أتى على خلفية نزاع مالي بين أحد مسلحي البرجاوي وفلسطيني عند بسطة لبيع الخضار بدأ باستخدام السكاكين ثم ما لبث أن تطور إلى اشتباكات مسلحة عند أطراف المخيم. ولاحقاً انتشرت وحدات مؤللة من الجيش على طول الطريق الفاصلة بين الحي الغربي والمخيم لإعادة ضبط الوضع والحؤول دون تدهوره.
عون
إذاً، أطلق النائب ميشال عون ما وصفه بـ«المبادرة لإنقاذ البلد من الشغور في الرئاسة الأولى»، مقترحاً في مؤتمر صحافي عقده في الرابية «انتخاب رئيس الجمهورية مباشرة من الشعب»، واعتبر رداً على تحميله مسؤولية تعطيل الانتخابات الرئاسية أنّ الشغور في سدة الرئاسة الأولى «بدأ من 24 عاماً وليس منذ 24 أيار بسبب الخلل الحاصل في تطبيق اتفاق الطائف لناحية تأمين المناصفة الفعلية». ومن هذا المنطلق دعا عون إلى إجراء انتخابات نيابية تقوم فيها «كل طائفة بانتخاب نوابها بما يؤمن العدالة المطلقة لجميع الطوائف ويؤمن الاستقرار».
وفي طرحه المتعلق بالانتخابات الرئاسية، قال عون: «أقترح إجراء تعديل دستوري محدود يهدف إلى جعل انتخاب الرئيس الماروني مباشراً من الشعب، على دورتين، أولى تأهيلية تجرى على مستوى الناخبين المسيحيين، وثانية تجرى على المستوى الوطني، وتكون محصورة بين الفائزين الأول والثاني في دورة الاقتراع التأهيلية». أما في الانتخابات النيابية، فقال عون: «بما أنّ المهل التي تفصلنا عن الانتخابات النيابية تتضاءل شيئاً فشيئاً، بالإضافة الى الشغور الرئاسي، فقد أصبح لزاماً علينا الإسراع في إنجاز قانون الانتخابات النيابية (…) وأي قانون يحقق المناصفة الفعلية بين المسيحيين والمسلمين لا يمكن التوصل إليه إلا من خلال انتخاب كل طائفة لنوابها في الندوة البرلمانية»، مشدداً في معرض نفيه ترسيخ الطائفية عبر هذا الاقتراح على أنّ «الطائفية هي في أساس تكوين مختلف الفئات اللبنانية».
«الكتائب»
وتعليقاً على طرح عون، وضع حزب «الكتائب اللبنانية» في اجتماعه الاسبوعي جملة «ملاحظات مبدئية» أبرزها أنّ «التعديلات الدستورية المقترحة (في هذا الطرح) تقتضي أن يكون مجلس النواب في عقد عادي وهو ليس كذلك اليوم، كما تستدعي توفر غالبية الثلثين في مجلس الوزراء لإقرار مشروع التعديلات وفي مجلس النواب لإقرار القانون»، مع التشديد على أنّ «الخروج من الأزمة لا يعني الخروج بطرح تعجيزي بما يؤدي إلى استفحال الأزمة وتفاقم الشغور». وسأل «الكتائب» في سياق إبداء «الحرص على حقوق جميع الطوائف وإقرار المساواة وتأمين المناصفة الحقيقية، لماذا لا تنسحب الآلية التي حددها العماد عون لانتخاب رئيس الجمهورية، على انتخاب كل من رئيس المجلس النيابي ورئيس مجلس الوزراء؟»، لافتاً في المقابل إلى أنّ «الحل للخروج من الشغور هو الامتناع عن التعطيل والنزول الى مجلس النواب والاحتكام الى الدستور والشروع فوراً بانتخاب رئيس، على أن يصار بعدها الى وضع قانون انتخابي يحاكي العدالة وصحة التمثيل».
حرب
بدوره، علّق وزير الاتصالات بطرس حرب على طرح عون بالقول: «همّه الوحيد ألا يُنتخب رئيس إلا هو، وإلا فتعطيل الانتخابات». وأعطى على ذلك «مثالاً كاريكاتورياً لشخص كان مغرماً بفتاة ويهدد أهلها قائلاً إما ان تزوجوني إياها او أقتلها. وهذا هو شأن العماد عون إما يُنتخب هو رئيساً أو يُعطل الجمهورية». وسأل حرب: «دستورياً لا مانع لدي أن يُنتخب الرئيس مباشرة من الشعب على ان يتحول الحكم بطبيعة الحال إلى نظام رئاسي، ولكن إذا خضع انتخاب رئيس الجمهورية للاستفتاء الشعبي ألا يكون بذلك قد تم خرق موضوع التوازن والمناصفة، وأخضع الانتخاب لقرار الاكثرية العددية؟ وهل العماد عون مستعد لتحمل تبعات ذلك؟»، مضيفاً: «إذا كان المطلوب ضرب الطائف والعودة الى العدد كي تتحكم العددية بقرارتنا ومؤسساتنا، فلا اعتقد أنّ هذه الخطوة يوافق عليها، لا المسيحيون ولا المسلمون».
وعما قاله عون حول الانتخابات النيابية، قال حرب: «تبعاً للدستور فإن على الحكومة ان تستقيل فور بدء ولاية المجلس الجديد، ونحن حالياً من دون رئيس فمن يجري الاستشارات (الملزمة) وكيف تشكل حكومة جديدة، ومن سيدير البلد حينذاك؟»، وختم قائلاً: «الشعب اللبناني سئم المغامرات في سبيل طموح شخص يدمر البلد ويدمر الاستقرار ويهدد مستقبل أبنائنا».
زهرا
من ناحيته، رأى عضو كتلة «القوات اللبنانية» النائب انطوان زهرا أنّ «الايجابية الوحيدة (في هذا الطرح) تبدو في اقتناع عون أن لا إمكانية لانتخابه رئيساً كما كان يروج»، وأضاف: «في كلامه دعوة إلى تغيير النظام بشكل كامل من برلماني إلى رئاسي، وبموجب المواد 76 و77 و78 و79 من الدستور ليس واقعياً ولا إمكانية لطرح تعديل الدستور في غياب رئيس يقترح ولا المجلس قادراً في دورة غير عادية أن يبحث تعديل الدستور، هذا إذا سلّمنا جدلاً بالأحقية السياسية لهذا الطرح علماً أنّ منطقه خاطئ». وأردف زهرا: «العماد عون يقول بكل بساطة استبشروا بشهور طويلة من الفراغ لأنني لم آت رئيساً»، متوجهاً في المقابل إلى ضمائر حلفاء عون وأعضاء تكتله وكل مكونات المجلس النيابي بالسؤال: «هل بهذه البساطة يمكن أن نتخلى عن لبنان وقانونه ومؤسساته فقط لأنّ شخصاً لم تلبّ طموحاته؟».