Site icon IMLebanon

اعتراض على إعطاء رئاسة «المحاكم الشرعية» للعاصمة

مَن يخلف دريان؟ (1/2)

اعتراض على إعطاء رئاسة «المحاكم الشرعية» للعاصمة

انتهت معركة دار الفتوى، كما كان متوقّعاً لها ـ في الآونة الأخيرة ـ أن تنتهي: عبد اللطيف دريان مفتياً للجمهورية. ولكن هذا لا يعني عودة الهدوء إلى جميع المؤسسات التابعة لـ«الدار»، إذ أنّ بند التوافق الذي سرى على «عائشة بكّار» لن يسري، على الأغلب، على رئاسة المحاكم الشرعيّة السنيّة العليا. في أروقة المحاكم سؤال وحيد يتردّد: مَن يخلف دريان؟

«أزمة خلافة الرئيس» لن تكون سهلة، بل ستكون أشبه بمعركة كسر عظم بعد تولّي دريان منصب الإفتاء رسمياً في 15 أيلول المقبل. المرشحون أكثر من أولئك الذين ترشّحوا لخلافة مفتي الجمهوريّة الشيخ محمّد رشيد قباني، وتكاد تكون مقولة «كل قاضٍ شرعي مرشّح للمنصب» هي الأقرب إلى الواقع.

لن يحسم هذه المعركة إلا دريان نفسه، باعتبار أن تعيين رئيس المحاكم هو بيد «مجلس القضاء الشرعي الأعلى» الذي يتألف من: مفتي الجمهوريّة، رئيس المحاكم الشرعية السنية العليا ورئيس المحكمة الشرعية الجعفرية، المفتشين العامين للمحكمتين (السنية والجعفريّة)، والنائبين العامين في المحكمتين. وبما أن الأعضاء في المجلس من المحكمة الجعفريّة سيتركان أمر الاختيار إلى الأعضاء من المحاكم السنيّة (كما جرت العادة)، وبما أن مفتي الجمهوريّة ورئيس المحاكم السنيّة هو دريان نفسه، فهذا يعني أن مسألة التعيين ستكون بيد دريان والمفتش العام والنائب العام.

صحيح أنّ للمفتي الجديد الكفّة المرجّحة في اختيار الرئيس الجديد، غير أنّ البعض لا يستبعد حصول توافق سياسي على المرشّح قبل أن يخرج الدخان الأبيض من جلسة «مجلس القضاء الشرعي».

وبانتظار الغطاء السياسي، فإن سلاح المعركة يتأرجح بين معيارين: الكفاءة والأقدميّة، والمنطقة. الأولى بحسب الدرجات التي نالها كلّ قاضٍ خلال مسيرته المهنيّة والأعوام التي قضاها في السلك القضائي الشرعي (أي منذ العام الذي صدر مرسوم تثبيته في السلك). في حين أن المعيار الثاني له «الكلمة الفصل» بعد أن ارتفعت في الآونة الأخيرة أصوات العديد من علماء دين المناطق رافضين أن تنال بيروت منصبي مفتي الجمهوريّة ورئيس المحاكم الشرعيّة.

يؤكّد هؤلاء أنّ لا عرف محدّداً يسري على هذا الأمر، تماماً كما ينفون أن يكون هناك عرف بتولي بيروتي منصب مفتي الجمهوريّة فيما يُعطى المنصب الثاني إلى منطقة الشمال، مذكّرين بأن الرؤساء الثلاثة الذين تعاقبوا على رئاسة المحاكم خلال السنوات الماضية هم القضاة المشايخ: ناصر الصالح من طرابلس الشمال، مفيد شلق من البترون ـ الشمال، محمد كنعان من البقاع، أما الرابع فهو دريان من بيروت. ويشير العلماء إلى أنّ إقليم الخروب والجنوب، ولا سيّما صيدا (بعد أن كان الشيخ سليم جلال الدين رئيساً للمحكمة منذ العام 1983)، لم يتمثّلا خلال السنوات الماضية في رئاسة المحاكم.

وبالرغم من ذلك، يخشى المعنيون من إمكانيّة الاتفاق على أن يكون رئيس المحاكم من الشمال، إذ يحكى أن «المستقبل» يسعى إلى تطبيق هذه المعادلة لإرضاء الشمال، ولا سيّما مفتيها مالك الشعار الذي أُقنع بأن ينسى أمر خلافة المفتي قباني.

في المقابل، يرى المعنيون في هذا الشأن أن تكريس هذه المعادلة صعب، نظراً لأن القاضيين العاملين في محكمة الشمال هما جديدان، بالرغم من كفاءتهما، لافتين الانتباه إلى أنّ أبرز المرشحين هما: القاضي سمير كمال الدين، الذي عيّن من خارج الملاك في العام 2008، والقاضي غالب الأيوبي الذي عيّن هو أيضاً في العام 2008.

وهذا يعني أن تسلّمهما رئاسة المحكمة سيشعر العديد من القضاة الأقدم منهما والحائزين على أعلى درجات منهم بالغبن، لتغليب المعيار المناطقي على منطق الأقدميّة والكفاءة، ما سيزيد من نسبة الاعتراضات داخل المحاكم الشرعيّة.