Site icon IMLebanon

الأمن قبل الرئاسات.. والانتخابات

السفراء يسألون: كيف ستواجهون خطر «داعش»؟

الأمن قبل الرئاسات.. والانتخابات

لا مكان للسياسة راهناً في لبنان في هذه المرحلة، فالوضع اللبناني برمته قد اصبح في براد المنطقة، وبالتالي الكلام فيها كمن يضرب على طبل فارغ لا يتأتى منه سوى الضجيج.

يتقدّم الأمن على كل الملفات، له الأولوية، لأنه من دون أمن لا يوجد بلد ولا دولة ولا رئاسات ولا رؤساء ولا مؤسسات ولا وزراء ولا نواب ولا انتخابات…

القلق الأمني اليوم اكبر من اي زمن مضى. كمّ المعلومات كبير وكذلك كمّ التقارير الامنية والاستخبارية، والمراسلات من الخارج تحذر من ارادة عدو شرس لزعزعة الاستقرار في لبنان. والرصد والاستعلام في اعلى درجات الجهوزية.

واذا كانت العمليات الوقائية والاستباقية التي قامت بها الاجهزة الامنية والعسكرية قد حققت انجازات كبرى وأفشلت عمليات ارهابية، فإن مبعث القلق لدى مرجع رسمي هو من ان تجد المجموعات الارهابية ثغرات تنفذ منها لتحقق اهدافها، «ولكن ما اتمناه ان توفق الاجهزة دائما وباستمرار في سد تلك الثغرات، ان وجدت، ومنع الانتحاريين والمفخخات. وهذا يوجب على الاجهزة مزيدا من التعاون والتنسيق والعيون المفتوحة».

«نحن نتعامل مع عدو صعب ومتحجر»، يقول المرجع الرسمي، «وثمة «عقل استخباراتي ماكر يرسم له خطواته واهدافه، ويريد لبنان واحدة من ساحاته، وهنا ما يقلقني هو استهداف الجيش».

فالجيش، يضيف المرجع الرسمي، وكما في كل دول العالم، هو عمود الدولة واستهدافه يخلخلها، والمثال حي في العراق، فعندما ضُرب الجيش طارت الموصل وتمدد «داعش». ولذلك هم يحاولون استهدافه لزعزعته والنيل من معنوياته لاسقاطه، والتحذيرات ترد دائما «انتبهوا». هم يريدون ان ينشئوا دولتهم على انقاض الجيش، والجيش بدوره قررها حربا شرسة ومفتوحة معهم لن يتركهم يحققون هذا الهدف. واما المخزي هو تلك الاصوات التي تجاري المجموعات الارهابية في الداخل، إن بتبني منطقها او بالاعتداء على العسكريين .

يأتي السفراء الينا، والكلام للمرجع الرسمي، ولغتهم تكاد تكون واحدة برغم اختلاف جنسياتهم ويكررون كلاما قديما «استقرار لبنان وحرص على استمراره ورفض الارهاب، وحدة لبنان، استقلاله، انتخابات الرئاسة». والآن، بدأوا يسألون عن الانتخابات النيابية والتمديد لمجلس النواب.

يقول المرجع الرسمي انه صارح بعض السفراء بقوله إن حرص الغرب الاميركي والاوروبي على لبنان ليس حبا به، بل لسببين:

– الاول، خدمة مصالح الغرب وحماية اسرائيل، خاصة ان اي فلتان أو فوضى امنية في لبنان لن تكون الحدود الجنوبية بمنأى عنه ولا احد يعلم كيف ستكون الصورة هناك وكيف يمكن ان تفتح والى اين يمكن ان تمتد.

– الثاني، لكي لا يفلت لبنان من يد الغرب، فالفوضى قد تساعد تلك الجماعات بأن تنمو اكثر وتكبر وتتغلغل في المجتمع وتسود وتتمركز وتسيطر اكثر بكل طمانينة وفي مناخ مؤات، الا ان القلق الأكبر للغرب هو من ان الفوضى ان وقعت قد تدفع «حزب الله» وحلفاءه الى القيام بخطوات ميدانية نوعية وعمليات جراحية نوعية اعمق بكثير مما جرى في 7 ايار 2008. ودرءًا لذلك، يتبدى رمي الثقل الاستخباري والتعاون مع الاجهزة الامنية وتزويدها بكل التقارير والمتابعات لحماية الساحة اللبنانية والحؤول دون ان ينضم لبنان الى هذه الفوضى السائدة في المنطقة.

ثم يفاجئ بعض السفراء بالسؤال: ماذا يمكن ان تفعلوا في لبنان امام خطر «داعش»؟ واما الجواب البديهي الذي يقدمه المرجع الرسمي فمن شقين:

الاول، إن «داعش»، وباعتراف دولكم هو صديقكم، يحقق لكم مصالحكم، دعمتموه ودربتموه في الاردن وسوريا واغمضتم العين عنه في العراق واجتياح الموصل، وها انتم تستثمرون فيه لمزيد من المكاسب.

الثاني، كل اللبنانيين يتقاسمون مسؤولية واحدة ومشتركة امام هذا الخطر، ولكن المسؤولية الأكبر والمضاعفة تقع على القيادات السنية المعتدلة التي عليها ان تبقى تصرخ وترفع صوتها ولا يجوز لها ان تسكت ابدا، لأنها ان سكتت فكأنها تخلي الساحة لـ«داعش» واخواته وكل اقاربه.

يضيف المرجع ان «لبنان يختلف عن سائر دول المنطقة التي يمثل فيها الوجود الداعشي حضورا اساسيا وفاعلا. وعلى ما يقول الخبراء في هذا التنظيم، فإن فعاليته محدودة جدا في لبنان، خاصة انه موجود في هذا البلد كخلايا متوارية لا كتنظيم فاعل ظاهر للعيان يسبح في بيئة حاضنة ترى فيه معبرا عنها ومحققا لمصالحها واهدافها».

فتلك الخلايا، يتابع المرجع الرسمي، «موجودة في لبنان منذ زمن وبمسميات مختلفة تتبدل بين حين وآخر من القاعدة الى كتائب عبدالله عزام الى جبهة النصرة وثم داعش، وربما غدا او بعده مسميات اخرى للجهات ذاتها، ولكن مع التطورات الاخيرة فقد فقدت او ضعفت البيئة الحاضنة التي تعول عليها وتمكنها من امتلاك منطقة بعينها كملاذ آمن لها، او اعداد جبهة. لذلك بقيت كخلايا متوارية قادرة فقط على انشاء جيوب وليس جبهات، والجيب يمكنه ان يهز الامن ولكن لا يمكنه ان يسقطه.