لم يأتِ أيّ تصحيح او توضيح من جانب ذوي القربى دفاعاً عن السيادة الوطنيّة، وعندما تكون إيران، تصبح السيادة مجرّد وجهة نظر.
شاءت الصدف أن يتزامن موقف صفوي مع عودة السفير السعودي علي عوّاض العسيري الى بيروت. حصلت العودة، لكنّ الفرحة لم تكتمل، ولن تكتمل إلاّ بعودة الرئيس سعد الحريري، وكلّ كلام عن إستحقاق رئاسي يبقى بلا جدوى في ظلّ غياب رئيس أكبر كتلة نيابيّة، وأكبر تجمّع نيابي في مجلس النواب. وكلّ بحث عن رئيس يكون مقبولاً لدى قوى «8 و14 آذار» يبقى منقوصاً طالما أنّ «بيت الوسط» يحنّ الى سيّده.
ويؤشر إختلال العودة، الى إستمرار الخلل في العلاقات السعوديّة – الإيرانيّة، حتى إنّ رئيس الحكومة تمام سلام بات يخشى على إستمرار المساكنة ما بين وزراء تيار «المستقبل» و»حزب الله» داخل الحكومة، إذا ما أصبح الفراغ أمراً واقعاً، متخوّفاً من تداعيات كبيرة قد تحصل يمكن أن تُزعزع التماسك الحكومي.
كلام صفوي اعتبر البعض انه يساهم في تسريع الفراغ، وتعميمه، وإلّا ما الهدف من تصريحه وفي هذا التوقيت بالذات سوى توسيع الشرخ بين مكوّنات «8 و14 آذار» حول سلاح المقاومة، والسيادة في الجنوب، وإهمال الإستحقاق الرئاسي، أو تركه معلّقاً على وتد التطورات؟ ولاقاه رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد في منتصف الدرب، حاشراً الإستحقاق الرئاسي في زاوية «لا رئيس للجمهوريّة، إلّا إذا كان مؤمناً بخط المقاومة، ملتزماً شروطها، وإملاءاتها، وخياراتها».
رعد وصفوي على خطّ واحد، ووفق توقيت منسَّق. ملف النفوذ الإيراني مطروح في العراق في ضوء ما ستسفر عنه الإنتخابات الأخيرة من نتائج تحدد الأحجام والأوزان، والتوجهات. ومطروح في سوريا مع قرب الإنتخابات الرئاسيّة وما سيَليها من خريطة سياسيّة جديدة. ومطروح في فلسطين المحتلة في ضوء المفاوضات التي تمليها الولايات المتحدة على الإسرائيليّين والفلسطينيّين للتوصل الى إتفاق إطار. ومطروح جهاراً نهاراً في لبنان، وعلى قاعدة «رئيس لملء الفراغ متصالح مع فائض القوة وخياراته المحليّة والإقليميّة، او الفراغ في إنتظار أن يحسم المجتمع الدولي أمراً في الإستحقاق».
ويقرّ بعض السفراء عدم وجود مبادرة خاصة يمكن أن تُنتج رئيساً. ملف الأقليات يتقدّم، متابعته تستحوذ قدراً من الإهتمام.
نتائج الإنتخابات العراقيّة، وتأثيرها في مجريات القضايا الأمنيّة والسياسيّة تشغل بال الإيرانيّين والأميركيّين والخليجيّين. بقاء الأسد في السلطة، أو تنحيته، ملف يستحوذ قدراً كبيراً من الإهتمام والمتابعة. مسار الإتفاق النهائي ما بين الإيرانيّين ومجموعة (5+1)، موضع رصد وتدقيق في العناوين والتفاصيل.
مصير المفاوضات ما بين الفلسطينيّين والإسرائيليّين يشغل الإدارة الأميركيّة أكثر ممّا يشغلها الوضع المستجد في أوكرانيا، او البحر الصيني.
هناك ملفات تتقدَّم على ملف الإستحقاق الرئاسي، وهناك في صفوف السفراء مَن يقول: «لبنِنوا الإستحقاق أيها اللبنانيون وإنتخبوا الرئيس، وإلّا… إنتظروا الفرصة لكي تأتي ووفق الأجندة الخارجيّة، حتى ولو طال الفراغ. لكنّ لإيران حسابات مختلفة، نفوذها أدار صندوقة الإقتراع في العراق، ويدير صندوقة الإقتراع في سوريا، ويسعى الى الإستئثار بها في لبنان. «وصلنا الى المتوسّط، والجنوب في قبضتنا!».