سلام لـ«السفير»: أحذّر من تداعيات الشغور الرئاسي على الحكومة
الإضراب ـ التحدي يطوّق الدولة بـ«السلسلة»
بين «إضراب» مجلس النواب الذي أخفق للجلسة الثالثة على التوالي في انتخاب رئيس الجمهورية، وبين الإضراب النقابي احتجاجا على ما صدر عن اللجنة النيابية الفرعية من مشروع مشوّه لسلسلة الرتب والرواتب، يوغل البلد أكثر فأكثر في نفق التعطيل الذي قد يكون طويلاً، ما لم يتم استدراكه.
وإذا كان الفراغ يزحف شيئا فشيئا الى قصر بعبدا بفعل تعذّر التوافق على الرئيس المقبل حتى الآن، فإن «هيئة التنسيق النقابية» قررت الزحف الى ساحة رياض الصلح على مقربة من مبنى المجلس في 14 الحالي، في يوم «الانفجار الكبير»، للضغط على النواب بالتزامن مع الجلسة العامة التي دعا اليها الرئيس نبيه بري لدرس مشروع «السلسلة».
ومع انفراط عقد جلسة الانتخاب، مرة أخرى أمس، قال الرئيس تمام سلام لـ«السفير» إنه يخشى من أن يترك عدم التوافق على رئاسة الجمهورية تداعيات سلبية تتعدى حدود الملفّ الرئاسي الى ما هو أوسع منه، وأضاف: لا أعلم في هذه الحال كم سيصمد التوافق داخل الحكومة، وكم سيحتمل البلد وطأة الشغور؟ وأكّد حرصه على التعامل بواقعية شديدة مع احتمال تولي الحكومة إدارة مرحلة الفراغ ، مشيراً الى أن مثل هذا السيناريو لا يدغدغ مشاعره بتاتاً، «بل يجعلني أتحسس بخطورة الوضع».
وشدّد سلام على أن التوافق الوطني ممرّ إلزامي لإنجاز الاستحقاق الرئاسي، رافضا وجهة النظر القائلة بان الرئيس التوافقي ضعيف حكماً «بل هو حاجة وضرورة لتحصين البلد والتوفيق بين تناقضاته». وتساءل: هل الرئيس ـ التحدي، أو الذي يعكس غَلَبَة فريق على آخر أو الذي يُحسب على فريق من دون الآخر، هو أفضل؟ بالتأكيد، ليس هذا ما يحتاج اليه لبنان في هذه الظروف الصعبة.
الإضراب النقابي
وأبلغ سلام «السفير» أن الإضراب في القطاع العام سيؤثّر سلباً على دوران عجلة الدولة «في وقت نبذل اقصى الجهود للنهوض بالبلد»، معتبراً أن خطوة الإضراب «لا تريح ولا تنسجم مع توجّهنا لإعادة ترميم الثقة الداخلية والخارجية في الدولة».
وكان لافتاً للانتباه في الخطوات التصعيدية التي أقرّتها «هيئة التنسيق»، دعوتها الى تنفيذ الإضراب الشامل، في القطاع العام بكل مجالاته، بدءاً من اليوم وحتى الأربعاء المقبل، الأمر الذي من شأنه أن يشلّ الكثير من المؤسسات الرسمية والوزارات والإدارات العامة والبلديات الى جانب المدارس والمعاهد المهنية الرسمية لمدة ستة أيام متواصلة، على أن يقتصر إقفال المدارس الخاصة على يوم الأربعاء فقط، باعتبار أن «القطاع العام هو المستهدف ببنود الإجراءات التخريبية المسمّاة إصلاحية»، كما أكد عضو الهيئة حنا غريب.
ودعت الهيئة الى تنفيذ اعتصامات بمشاركة المعلمين في المدارس الخاصة، يومي الاثنين والثلاثاء المقبلين، عند الثانية عشرة والنصف ظهراً في سرايا المحافظات في المناطق، وأمام الوزارات والإدارات العامة في بيروت.
وبهذا الإضراب، طويل المدى، تكون «هيئة التنسيق» قد انتقلت الى مرحلة جديدة من التصعيد والمواجهة، بعدما كانت تحرّكاتها السابقة تقتصر على الإقفال والاعتصام ليوم واحد. لكن ما يجدر التوقف عنده، هو تمايز القطاع التعليمي الخاص هذه المرة عن شقيقه الرسمي، بعدما حصر تحرّكه في الإضراب ليوم واحد، مراعاة لخصوصيات المعلمين في المدارس الخاصة، الأمر الذي يطرح تساؤلا عما إذا كان زخم التحرّك الاحتجاجي لـ«هيئة التنسيق» سيتأثر بهذا التمايز.
والخطير أن مصير آلاف الطلاب سيكون أيضا في مهب الريح بعدما قررت «هيئة التنسيق» رفع توصية الى الجمعيات العمومية، بمقاطعة الامتحانات الرسمية، أسئلة ومراقبة وتصحيحاً وأسس تصحيح، ما لم يتم إقرار السلسلة بالصيغة التي تحمي حقوق الموظفين والمعلمين.
وأمام هذه المخاطر الداهمة، تتجه الأنظار الى المجلس النيابي الذي يتوقف على خياره في الجلسة العامة، الاسبوع المقبل، مسار التحرك النقابي والمدى الذي سيصل اليه.
وقال عضو اللجنة النيابية الفرعية الثانية النائب غازي يوسف لـ«السفير» إن ما فعلته اللجنة هو الحد الأقصى الممكن، قياساً الى قدرات الدولة، مشيراً الى أن الأرقام التي توصلت اليها متقاربة جداً مع تلك الواردة في صيغة السلسلة التي وضعتها حكومة الرئيس نجيب ميقاتي. واعتبر أن بعض الأمور التي صرفت اللجنة النظر عنها هي غير منطقية ولا يمكن القبول بها، ومن بينها مسألة الدرجات الست للمتقاعدين، والدرجات الست الاستثنائية للمعلمين.
وشدّد على أن المشروع الذي أقرّته اللجنة النيابية هو أفضل الممكن، ومن شأنه أن يردم الفجوة نسبياً بين الإداريين والمعلمين والعسكريين. ورأى أن تصعيد «هيئة التنسيق» غير مبرر وبعض ما تطالب به غير محقّ «ولا أعتقد أنه سيحصل تجاوب كبير داخل القطاع العام مع الدعوة الى الإضراب». وأضاف: عليهم أن يصدّقوا أنه لا يوجد في خزينة الدولة مال يكفي، ونحن لا نريد أن نتسبب بانهيار البلد والمالية العامة بفعل قرارات عاطفية وانفعالية.
وقال حنا غريب لـ«السفير» إن ضميره مرتاح، معتبراً أن النواب «هم الذين سيكونون أمام امتحان الاستجابة لحقوقنا الأربعاء المقبل، ومن يرسب فيه سينكشف وينفضح أمره امام الرأي العام، وعليه أن يتحمل المسؤولية».
وأكد أن التجاوب مع الإضراب في القطاع العام سيكون واسعاً، لأن هناك شعوراً بالغضب يعم العاملين فيه، لافتاً الانتباه الى أن تظاهرة 14أيار ستكون غير مسبوقة.
ورداً على سؤال عن الخطوات المقبلة، في حال أقر مجلس النواب مشروع السلسلة المرفوض، أجاب: كل شيء في وقته حلو.
وكانت «هيئة التنسيق النقابية» قد عقدت مؤتمراً صحافياً، أكد خلاله غريب «أن ما صدر عن اللجنة النيابية، يشكل إهانة صارخة لكرامة اللبنانيين جميعا لاسيما الفقراء وأصحاب الدخل المحدود، قبل أن يشكّل إهانة للاساتذة والمعلمين والإداريين والأجراء والمتعاقدين والمتقاعدين والمياومين في القطاع العام.»(ص 3)
تعيينات جديدة
الى ذلك، يبدو ان الحكومة تتجه نحو إقرار دفعة إضافية من التعيينات في الفئة الاولى في الادارة، خلال جلستها يوم الجمعة المقبل، حيث يفترض أن تملأ بعض المراكز الشاغرة، وهو أمر كان مدار بحث في اللقاء الذي جمع أمس الأول الرئيس سلام والوزيرين علي حسن خليل ومحمد فنيش.
ومن المتوقّع أن يتم تعيين مديرة الصرفيات في وزارة المالية عليا عباس مديرة عامة لوزارة الاقتصاد، والعميد نزار خليل رئيسا للمجلس الاعلى للجمارك، وتثبيت شفيق مرعي في موقع المدير العام للجمارك. وكذلك تعيين مدير عام لوزارة العدل المرشح له كل من القاضية ميسم نويري وقاضٍ آخر من اقليم الخروب.