عن نسبة نجاح مفاوضات المجموعة الدولية 5+1 مع إيران، تحدث المسؤول نفسه الذي يتابع الأوضاع في الأخيرة وتطوّر مواقفها وسياساتها الاقليمية والدولية في “الادارة” الأميركية الثالثة المهمة إياها، قال: “أنا لست متشائماً. هناك مفاوضات دولية حول النووي. المهم أن تلتزمها إيران. الإيرانيون جدّيون. قبل انتخاب روحاني رئيساً للجمهورية كانوا يأتون إلى الاجتماعات مع مجموعة الـ5+1 في فيينا بعقلية مختلفة وتصرّف مختلف لا يوحيان بالرغبة في التوصل إلى حل.
الآن العكس صحيح. فهم يعملون باحتراف ودقة وجدية. تقتصر المباحثات على الموضوع الوحيد المدرج على جدول وهو الملف النووي الإيراني لأنها دولية. لكن تحصل طبعاً اجتماعات ثنائية أميركية – ايرانية تتناول رؤية الايرانيين لأميركا ورؤية الأميركيين لإيران”. سألتُ: ماذا عن المفاوضات حول القضايا الإقليمية؟ هل تمّ التطرّق إليها في اللقاءات الثنائية؟ أجاب: “كلا”. علّقت: ربما من الأفضل حصول تفاوض ثنائي بين واشنطن وطهران حول القضايا الإقليمية المختلف عليها. وبذلك يتم الإعداد لتفاوض جدّي ونهائي بعد التوصل الى اتفاق على النووي. ردّ: “أتت ايران الى المفاوضات لأسباب عدة أبرزها اقتصادي. إذ وصلت الى شبه انهيار اقتصادي. فالرئيس السابق نجاد أفلس الدولة، أو كاد أن يُفلسها. وخَلَفه روحاني يحاول إصلاح الوضع الاقتصادي في سرعة، علماً أن الـIMF أي صندوق النقد الدولي يطلب منه عدم السرعة وتلافي التسرّع خوفاً من الفشل. علماً ايضاً أن الصندوق المذكور هو يستعجل الحكومات عادة لتنفيذ إصلاحات ويضغط عليها من أجل ذلك. هناك رفع “للدعم” أو سيكون هناك رفع له. وقد يكون أثر ذلك صعباً على شعب إيران وعلى نظامها”. سألتُ أخيراً عن أثر أحداث أوكرانيا والخلاف الروسي – الأميركي بسببها على المفاوضات الدولية واستطراداً الأميركية مع ايران، أجاب: “ظنّ البعض أن خلاف روسيا وأميركا حول أوكرانيا سيؤثر على المفاوضات. وقد تكون روسيا حاولت أن تؤثر على إيران في شكل أو في آخر. والأميركيون خافوا من ذلك في الجلسة العامة في فيينا. لكن بعد بدء الأعمال والمناقشات تبيّن لنا أن الإيرانيين لا يزالون ايجابيين وجدّيين، وهم مستعجلون للتوصل الى اتفاق كما يقولون في الاعلام. ورغم ذلك نحن شركاء مع الروس في “جنيف 2” ولا نزال”.
ماذا في جعبة متابعي الأوضاع في كل من افغانستان وباكستان والهند في “الادارة” الأميركية المهمة الثالثة اياها؟
قلت في بداية اللقاء لمتابع أوضاع أفغانستان: الاتفاق الذي وضعته أميركا وافغانستان كي يحكم العلاقة بينهما بعد انسحاب القوات العسكرية الأميركية منها أواخر العام الجاري لم يوقَّع بعد. الرئيس الأفغاني الذي تقارب ولايته الانتهاء رفض توقيعه. ويقول إن الرئيس الجديد للجمهورية الذي سيخلفه قريباً هو الذي سيوقّعه، فهل يؤخر عدم التوقيع الانسحاب العسكري الأميركي من أفغانستان؟ وهل موعد تنفيذ الانسحاب نهائي؟ أجاب: “أولاً هناك اتفاق أخير وقِّع بين أميركا والرئيس كرازاي وتناول أمرين. الأول، تدريب الجيش والشرطة والأجهزة الأمنية في أفغانستان. والثاني، التعاون في مكافحة الارهاب ومحاربته وخصوصاً “الطالبان”. والأمران يتطلّبان بقاء قوة أميركية عسكرية محدودة في أفغانستان. كرازاي رفض توقيع الاتفاق رغم موافقة “اللوياجيرغا” عليه، ووعد بأن يوقّعه الرئيس المقبل. وقد يكون سبب موقفه رغبته في أن ترعى اميركا حواراً أو مؤتمر سلام بينه وبين “الطالبان”. أميركا لا تريد ذلك أو لا ترغب فيه، ربما لأن “الطالبان” قد لا يرحّبون به. فالمفاوضات الأميركية – الطالبانية لإطلاق أسرى ومجندين التي جرت بين الدوحة القطرية فشلت او بالأحرى لم تبدأ كما يجب. الى ذلك “الطالبان” ليسوا “هيّنين”. فمن حيث المبدأ يعتبرون كرازاي غير شرعي، وربما يكون الرئيس الذي سيخلفه بالانتخاب اكثر شرعية في نظرهم فيتحاورون معه. الحقيقة، هناك مشكلة داخل “الطالبان”، فيها فريق متشدد يرفض التفاوض والمصالحة ويعتقد أنه بعد الانسحاب الأميركي ستتمكن حركته من الاستيلاء على السلطة في كل البلاد، أو على الأقل على بعض الأقاليم باعتبار أن هناك اثنيات ومذاهب. وهناك فريق آخر معتدل يعتقد أن الفرصة سانحة للتوصل إلى حل متفاوض عليه. لكن الفريق المتشدِّد أقوى وأكثر عدداً. المعتدلون أقلية، علماً أن هناك خارج “الطالبان” مجموعات عدة متشدّدة”.
هل هناك احتمال حرب أهلية في أفغانستان بعد الانسحاب الأميركي؟ سألت