Site icon IMLebanon

الاحتلال الثالث … أتذكرون؟

لا ندري ما اذا كان لبنانيون ينزلقون بنزق او ببلاهة في متاهة استدراج التداعيات المخيفة لاحتلال عرسال على أيدي داعش والنصرة قد تنبهوا الى انهم يمهدون الطريق لاحتلال سوري ثالث للبنان لا يخدم سوى النظام السوري.

يغلب طابع العصبية المذهبية على تداعيات هذا الاحتلال الارهابي فيما يسهى عن بال بعض النافخين بنبرة تهدد بتفلت طرابلس تكرارا ان الخطر الحقيقي يهدد بسحق الهوية اللبنانية مثلما يهدد عرسال بالحاقها بدولة لا مسمى لها ولا حدود ولا هوية.

ولكن الحقائق التي رسمها الغزو الإرهابي ولو المتعدد الجنسية لا يمكن ان يزور طبيعة موضوعية غير قابلة للتصرف والتحايل وهي ان الاراضي اللبنانية تعرضت يوم السبت الماضي لاحتلال جديد انطلاقا من الاراضي السورية وان معظم المتورطين في هذا الاحتلال هم سوريون من داخل مخيمات النازحين في عرسال ومن خارجها عبر الاراضي السورية.

رب قائل وأين الجديد في هذا وماذا يقدم او يؤخر توصيف للاحتلال ما دام المحتلون لا يعترفون بالحدود ويعملون على وصل ” الامارات ” الداعشية بالدم والأجرام الذي لم تعرف البشرية مثيلا له؟

والواقع ان إثبات الفعل الاحتلالي يجب ان يبقى على مقياس القوانين والأعراف الدولية والوطنية لا برسم إرهابيين لا يتقن احد لغة في التعامل معهم، بل برسم بعض اللبنانيين ممن باتوا يشكلون خطر التحول رأس حربة في اختراق الإجماع الملزم لا الطوعي على دعم الجيش في اشد مواجهاته خطورة ومصيرية دفاعا عن الوجود اللبناني برمته. على هؤلاء كما على خصومهم ان يعيدوا تصويب البوصلة أساسا من منطلق تصحيح تاريخي للوقائع التي لا تحتمل تزويرا. ثمة الآن غزو سوري لعرسال على أيدي عصابات مسلحة مثلما كان هناك احتلال للجيش السوري النظامي للبنان طيلة ثلاثة عقود ومثلما ايضا افتضح امر تفخيخ مسلح لأعداد غير محددة من النازحين السوريين.

ان يكون بين محتلي عرسال وآسريها اغراب من جنسيات مختلفة فان ذلك لا يغير شيئا في عنوان الهوية الاحتلالية. ولعله الوجه الاشد خطورة في التداعيات المتدحرجة المقبلة للاحتلال الجديد الذي بدأت معه في الساعات الاخيرة طلائع استنفارات لبنانية امنية وأهلية  في ترصد تجمعات النازحين السوريين فضلا عن تعميم تصاعدي للحمايات الذاتية.

نقول ذلك ولم يجف بعد البيان الصادر عن الرئيس سعد الحريري امس وهو يتسم بأقصى ما يمكن توقعه من زعيم في موقعه بتحمل المسؤولية التاريخية التي يستشعرها عن شارع يحتدم باخطر الانفعالات العصبية. ولعل الأهم في موقفه هذا اعادة تصويب مفهوم الخطر غير المتخيل على لبنان بنبرة لبنانية خالصة لا ملمح واحدا فيها الى اي اتجاه مذهبي ناهيك عن الرفض المزدوج القاطع لتبرير هذا الاحتلال بذاك التورط وبالعكس.