Site icon IMLebanon

الانتخابات الرئاسية: «فولكلور» يتجدد بانتظار الفراغ

أربع محطات إقليمية تحدد مسار الاستحقاق اللبناني

الانتخابات الرئاسية: «فولكلور» يتجدد بانتظار الفراغ

أجريت التمرينة الانتخابية الأسبوع الماضي، لكن هذا لا يعني أن الانتخابات ستجري هذا الأسبوع أو الذي يليه. بشكل أدق لن تجري الانتخابات أبداً… بمعناها المثالي. لا مرشح مقابل مرشح، كما حصل في “مزحة” الدورة الأولى. حينها تأكد المؤكد، بغض النظر عما إذا كان سمير جعجع نال صوتين بالزائد أو بالناقص. الموضوع الأساس أن الانتخابات في لبنان ليست مسألة أصوات يتم إحصاؤها، حيث يحتفل الفائز ويبارك له الخاسر، مقتنعاً بأن “الديموقراطية تقتضي أن يكون المرشح مستعداً للخسارة كما الفوز”.

باختصار، لن يلتئم مجلس النواب بأغلبية الثلثين إلا بعد انتخاب رئيس الجمهورية خارج المجلس، بغض النظر عما إذا كان توافقياً أو مفروضاً. “تكتل التغيير والإصلاح”، ومعه حلفاؤه في “8 آذار” ليسوا مستعدين للنزول إلى الجلسة لتقديم الهدايا المجانية لخصومهم. بالنسبة لـ”التكتل” أثبتت الجلسة الأولى أن ثمة تعذراً لانتخاب رئيس بالمواصفات “التي اتفق عليها في بكركي (قوي وقادر على الجمع)” من دون نسج اتفاقات سياسية تكسر الاصطفافات. وعليه، يكمل عون البحث عن هذه الاتفاقات، مركزاً نظره ونشاطه على باريس التي تحتضن الرئيس سعد الحريري، فيما يترك له حلفاؤه، “حزب الله” تحديداً، إدارة المفاوضات، مكتفين بالتأكيد أنهم خلفه في كل ما يتعلق بالاستحقاق الرئاسي.

من يهرول إلى مجلس النواب اليوم، منظِّرًا لرئيس “صنع في لبنان”، يشبه تماماً من يهرب من المجلس رافضاً أن تتحول الانتخابات لعمل بالسخرة. وكلاهما مقتنع أن جلسات الانتخاب هي كحبة الفاكهة التي تزين قالب الديموقراطية اللبنانية، فيما المكونات الحقيقية كلها مستوردة. حتى الحديث عن انتخابات قبل 25 أيار تحولت إلى نكتة سمجة، تذكّر بنكتة رفض التمديد للمجلس النيابي، التي كان يعرف من رددها أنها لن تجد من يبتسم لها.

بعيداً عن الجلسات التي يدعو إليها رئيس المجلس النيابي، والتي ستتحول ابتداءً من اليوم إلى فولكلور دستوري، ثمة من يصنف الاستحقاق الرئاسي اللبناني، في “8 و14 آذار” على السواء، في المرتبة الخامسة في استحقاقات المنطقة. هؤلاء مقتنعون أنه، قبل البحث في الانتخابات الرئاسية، لا بد من تبلور قضايا إقليمية أساسية وتبيان انعكاساتها على لبنان، وهي: أولاً، نتائج الانتخابات النيابية العراقية التي أجريت منذ أيام، خاصة ما يمكن أن تحققه القوى المحسوبة على السعودية، ثانياً التقارب السعودي الإيراني، الذي وضع على السكة، وما ينتجه من اتفاقات في أكثر من ملف إقليمي، ثالثاً الانتخابات الرئاسية السورية المقررة في 3 حزيران، وانعكاساتها على ميزان القوى الميداني، ورابعاً انتهاء فترة الستة أشهر المخصصة للاتفاق المرحلي الذي وقّع بين إيران والدول الست (أعضاء مجلس الأمن زائدا ألمانيا) في 20 تموز المقبل، بما يسمح لإيران البدء بطرح الملفات الأخرى.

هذه القناعة التي يتشاركها كثر لا تعني حكماً الركون جانباً وانتظار الفرج. احتمال تحقيق الخرق واحترام المواعيد الدستورية لا يزال ممكناً نظرياً. وعليه، فإن الكل يحاول تعزيز حظوظه، بحيث يكون جاهزاً عندما تنضج التسوية، محلية كانت أم خارجية. وحده سمير جعجع يلعبها على المكشوف، بغض النظر عما إذا كان يحرق أوراقه أم لا. ثمة من يقول إن مجرد استمرار طرح اسمه مرشحاً لـ”14 آذار” يكفيه. وبعيداً عن كل ما يطبخ رئاسياً وعن تسويق كل المرشحين الآخرين لأنفسهم بوصفهم مرشحين توافقيين، فقد استطاع الحفاظ على ترشيح فريقه له للأسبوع الثاني على التوالي. إلى أي أسبوع سيبقى اسمه مطروحاً؟ ذلك مرهون بانتهاء الوقت الضائع.

تقنياً، صار من المحسوم أن أي مرشح لا بد أن يحقق خرقاً في الفريق الآخر حتى يستطيع الحصول على 65 صوتاً تخوله الوصول إلى سدة الرئاسة. وإذا كان أي من مرشحي “14 آذار” لن يكون قادراً على الحصول على أصوات خصومه أو حتى أصوات النائب وليد جنبلاط، فإن الأمر يحتاج إلى تدقيق أكثر بالنسبة للعماد ميشال عون، في ظل انعطافته المستمرة. حتى الآن، وبالرغم من كل ما سلّفه عون لـ”المستقبل”، لا تزال سلته فارغة. صحيح أن ثمة ما يحكى، بين الجد والمزاح، عن بدئه تحضير فريقه الرئاسي، إلا أن المشهد السياسي، أقله حتى 25 أيار، ينقسم بين احتمالين: إما عون رئيساً أو شغور الرئاسة.